لغة مستديرة يتكلمها كل العالم

> «الأيام الرياضي» د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
لغة جديدة يتكلمها كل العالم هذه الأيام، هي لغة ميسرة لا تحتاج إلى إعمال عقل أو بذل جهد، فالكل على هذه البسيطة يفكون حروفها بيسر، ويفهمون أسرارها بكل سهولة، بل ويغوص الماهرون في بحورها الواسعة ليصطادون في أعماقها كل خفي ومجهول، ويخرجون علينا بتأويل وتفاسير لا نجد غضاضة من الاستماع إليها.

إنها المستديرة الساحرة .. كرة القدم، اللغة التي تركلها الأرجل في المستطيلات الخضراء فنفهم ما تعنيه الركلة، ونتحلق حول الشاشات الفضية لنمعن النظر في لغة الأرجل التي تجمد الدماء في عروقنا تسعين دقيقة وربما أكثر في بعض الأحيان، بمتعة وشغف وإثارة يتساوى فيها الكبار والصغار النساء والرجال .. والسحر المنفوث في دواخل المستديرة يفعل فعله هذه الأيام تحديداً، ونحن نشاهد المراحل النهائية من مونديال كأس العالم 2006م في نسخته الألمانية الرائعة، فيجتاز سحر هذه الساحرة حدود المدن الألمانية وأوروبا ليمس شغاف القلوب في كل مكان في الهند والسند إلى الأرجنتين وجزر الهاواي والقارة السمراء واليمن الميمون.. وكل بقعة منسية أو شهيرة الذكر في أطلس العالم المعاصر.

وإذا الأذن قد تفوقت في العشق على العين أحياناً -كما يذهب إلى ذلك الشاعر الضرير بشار بن برد - فإن لغة كرة القدم وهي المنطوقة بعنف الركلات والمهارات البدنية قد تفوقت على كل اللغات الحية في عالم اليوم، ووضعت اللسان في مكانة أدنى إلى حين، والأجمل أن لغة المستديرة الساحرة وحدت الدنيا ومن يدب عليها من بني الإنسان، وألغت من الحسبان حواجز الجغرافيا والسياسة والاقتصاد، ناهيك عن الثقافة واللغات ليصبح زين الدين زيدان - مثلاً - بطلاً محتفى به في مارسيليا وباريس والجزائر، كما في عتمة وصنعاء وعدن في اليمن وكما في أي قرية أو مدينة في العالم، نعرف عنه أكثر مما نعرف عن كثير من المشاهير في الأدب والسياسة والاقتصاد من بني جلدتنا..إنه السر الذي تحتفظ به المستديرة الساحرة، ولن نفك رموزه وشفراته بل وتعاويذه وأحاجيه في القريب العاجل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى