روائع الفنان الراحل محمد جمعة خان والسطو المستمر

> «الأيام» صالح حسين الفردي:

> تراث عملاق .. رحل عملاق الأغنية الحضرمية الفنان الراحل الكبير محمد جمعة خان قبل (43) عاماً، بعد أن ترك لنا تراثاً فنياً غنائياً ثرياً أصيلاً باذخاً، ولم يستطع من أتى بعده تجاوزه أو الوصول إلى مساحات الأداء الطربي والعزف المتمكن على آلة العود التي استطاع أن يسخرها بإبداع وقدرات نادرة لن تتكرر، والتي وسمت تراثه بالأصالة الفنية العميقة.

إعلام قاصر

ظل، وما زال، هذه التراث الفني الثري بعيداً عن اهتمام كل جهات الثقافة والفن في بلادنا، على الرغم من تطور التقنيات الحديثة واستغلالها بما يخدم التراث والمعاصرة في آن، ولكن القائمين على منافذ ووسائط الإعلام المختلفة غير عابئين بمثل هذا التراث الكبير لهذا المبدع وغيره من المبدعين الكبار الذين رسموا لوحة فنية خالدة، نحملها ونمتطيها في كل أمسياتنا الفنية ومناسباتنا الوطنية مدعين الحرص والاهتمام على مجمل تراثنا المتعدد والمتنوع، دون أن نعي الأهمية الكبيرة التي من الممكن أن تعود علينا من نشر روائع المبدعين الكبار ( أحمد بن أحمد قاسم، محمد عبده زيدي، محمد سعد عبدالله) وغيرهم وجعلها رسائل فن راق يدركه ويفهمه المواطن العربي في شرق الارض ومغربها في زمن الفضاء العالمي المفتوح.

فتحي وتكرار الفعل

كل هذه السلبية والتكاسل جعل الكثيرين يتطاولون على تراثنا الفني اليمني عامة والحضرمي خاصة من فاقدي الموهبة والقدرات الفنية الكبيرة محاولين الظهور على روائع وجماليات الآخرين، وقد نال تراث الفنان الخالد الذكر محمد جمعة خان حظاً وافرا من السطو المتكرر والمستمر من كثير من فناني الوطن ودول الجزيرة والخليج، ففي الآونة الأخيرة، على سبيل المثال لا الحصر، أقدم الموسيقار اليمني الكبير أحمد فتحي على استغلال لحن رائعته (حنانيك يا من) وهي من كلمات الشاعر الراحل الكبير حسين محمد البار، وقام، بما فعله الفنان الكويتي نبيل شعيل برائعة المحضار (ولا ذي لوله منك ولا ذي التاليه) واستبدل فناننا القدير أحمد فتحي كلماتها بأخرى أقل مستوى ومعنى لصديقه الشاعر محمود الحاج، وليته اكتفى بذلك بل أصر على طمس ملامحها وهضم الحق الأدبي للفنان الراحل، متعذراً بعدم معرفته بأن اللحن للمبدع محمد جمعة، ولأن النوايا ليست حميدة، كما أعتقد، كرر المبدع فتحي ذلك التهميش والاستغلال في الأمسية الفنية التي احتضنها مسرح الستين بالمكلا في الذكرى (16) للعيد الوطني، وقد واتته فرصة الاعتذار لمحبي وعشاق (أبو علي) ولكنه فعل النقيض من ذلك بأدائه الأغنية المذكورة دون الإشارة إلى ملحنها، وليته قام بأداء الأغنية الأصل لكان الوضع أقل ضرراً.

علي بن محمد والتراث

دأب الفنان علي بن محمد على الاستفادة من التراث الغنائي الحضرمي منذ بداياته الأولى فطاف بالعديد من الروائع للمحضار وخميس كندي وحداد الكاف وأخرجها في أشرطته المتوالية دون أن يكلف نفسه عناء البحث والتحري عن أصحاب هذه الروائع إلا بعد أن يكون قد استفاد من هذه الرائعة أو تلك، حينها يلجـأ إلى تطييب الخواطر، وفي أحد أشرطته الأخيرة قام باستغلال أغنية الفنان الراحل الكبير محمد جمعة خان (حنانيك يا من) وأبقى على اسم الشاعر البار، ونسب اللحن للتراث على الرغم من معرفته سلفاً بصاحب اللحن ولكن يبدو أن الشركة المنتجة للكاسيت اشترطت التنازل عن أدائه لهذه الأغنية، فلم يجد بداً من اللجوء بالمسكين (التراث) وقد كان، وهذا للأسف فعل لا يصدر عن فنان يدعي حبه وعشقه لتراث أرضه وأجداده، وبدلاً من تكرار هذه (السقطات الفنية)، لمَ لا يذهب الفنان علي بن محمد إلى التدقيق في اختيار كلمات أغنيته الخاصة والحرص على إخراجها في الفضائيات بما يتناسب ورسالة الفن النبيلة الخالدة. إذا لنا من كلمة أخيرة لكل الحريصين على التراث والأصالة وروح الفن الخالد نهمس لهم بأن يدعوا هذا التراث الحضاري وعدم المساس به في زمن (اللا فن)، وبالنسبة لتراث الراحل الكبير محمد جمعة خان فقد آن الأوان أن تعمد ابنته الاعلامية (أفراح) إلى مواجهة مثل هذه التعديات الفنية بالطرق القانونية والشرعية التي تكفلها لها الاتفاقات الدولية الخاصة بحماية الحقوق الأدبية والفكرية والإبداعية وتتجاوز مرحلة الصمت والتغاضي والتسامح التي تلوذ بها دائماً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى