> «الأيام» فؤاد النهاري:

مراسل «الأيام» فؤاد النهاري يتحدث إلى الاستاذ عبدالهادي الخواجة
مراسل «الأيام» فؤاد النهاري يتحدث إلى الاستاذ عبدالهادي الخواجة
في السطور التالية تحاور «الأيام» الناشط الحقوقي البحريني الأستاذ عبدالهادي الخواجة، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، الذي يعتبر أحد أعلام الوطن العربي المدافعين عن حقوق الإنسان، والحالمين بديمقراطية حقيقة تسود الوطن العربي. الخواجة يؤكد أن واقع حقوق الإنسان في الوطن العربي يعتبر الأكثر تخلفاً بين دول العالم، ويشير إلى أن اسباب التخلف ترجع الى انعدام الحريات والتوازن بين قوى المجتمع والسلطة، وعدم وجود ديمقراطية حقيقية.. ويشدد على أهمية وجود مؤسسات مجتمع مدني مستقلة لا ترتهن لارادة الحكومات أو رأي جهات خارجية.. ويجيب الخواجة على اسئلة «الأيام» التي تتناول قضايا المجتمع المدني والديمقراطية ووضع حقوق الانسان فإلى تفاصيل الحوار:

< أهلا وسهلا بك ونود بداية هذا الحوار أن تعطي القارئ نبذة عن طبيعة عمل منظمات المجتمع المدني بمملكة البحرين، وتحديداً المركز الذي ترأسه؟

- مركز البحرين لحقوق الإنسان تأسس سنة 2002م في البحرين وهو منظمة غير حكومية تعمل في مجال حقوق الانسان، بالنسبة لنا عندنا شيئان، عندنا مؤسسات المجتمع المدني وهي في نطاق واسع وداخل هذا النطاق تأتي المنظمات غير الحكومية، ومن المنظمات غير الحكومية منظمات حقوق الإنسان، طبعاً مؤسسات المجتمع المدني المفروض أن تكون عامل توازن في المجتمع وخصوصا أنها تمثل فئات شعبية متنوعة، ويكون عندها نوع من وسائل القوة، وسائل التعبير، وتختص بمواضيع معينة، وبالتالي هي بالنسبة لمجتمعنا في الشرق الأوسط، تقوم بعملية الموازنة بين قوى المجتمع وقوى الدولة، أو قوى الفئات الحاكمة، وللاسف الشديد إلى حد الآن مؤسسات المجتمع المدني في البلدان العربية لا تقوم بهذا الدور، والسبب طبعا لفترة طويلة جدا أن أجواء التسلط، وعدم وجود الديمقراطية، لا تسمح بنمو مؤسسات المجتمع المدني، لأن مؤسسات المجتمع المدني، ومن أجل ان تقوم بدورها تحتاج إلى حيز جيد من الحرية: حرية العمل، حرية التعبير، ومشكلة الحكومات المتسلطة أنها لا تقبل بأي جهات مستقلة، وهذه مشكلة كبيرة جدا.

< هل يعني أن منظمات المجتمع المدني في الوطن العربي لم تستطع أداء دورها بالشكل المطلوب والمحايد والإيجابي؟

- منذ قيام الدولة في هذه المنطقة من العالم لم يكن هناك دور حقيقي لمؤسسات المجتمع المدني، لأن قيام الدولة تزامن مع نهاية فترة الاستعمار، والانظمة التي حكمت لم تكن أنظمة تمتاز بالتأييد الشعبي أو بالديمقراطية، وكانت انظمة لا تقبل بشريك، ومؤسسات المجتمع المدني هي في الحقيقة شريك لمؤسسات الدولة الأخرى مثلما أن الصحافة تسمى السلطة الرابعة، مؤسسات المجتمع المدني ايضا هي سلطة موجودة شريك للسلطات الأخرى، وهذا لا يعجب الحكومات خاصة المتسلطة.

< عدة حكومات وشخصيات قيادية عربية تخوّن منظمات المجتمع المدني وتتهمها بالعمالة والارتماء في أحضان الاجنبي وكتابة التقارير الاستخباراتية.. ما رأيك في مثل هذه التهم؟

- طبعا هذا الجانب له سببان الأول مثلما سبق أن أوضحت هو خوف الحكومات من نمو مؤسسات مستقلة، هذا سبب رئيسي، وخصوصا اذا كانت هذه المؤسسات أو هذه المنظمات لها امتداد جماهيري وشعبي وبالتالي سوف يكون لها قوة داخلية، السبب الآخر هو ارتباط هذه المؤسسات بجهات خارج البلد، وهذا الارتباط ربما يكون له بعد إيجابي، وربما يكون له بعد سلبي، البعد الايجابي أن هذه المنظمات تحصل على الخبرة، وربما تحصل على نوع من الحماية من منظمات غير حكومية دولية، أو من مؤسسات الامم المتحدة، فهذا يحميها خصوصا في مراحلها الأولى من اجل ان تكسب القوة ويعطيها التدريب والدعم غير الموجود في البلد نفسه، ولكن الجانب الآخر السلبي أن تكون هذه المنظمات غير مستقلة وارتباطها بهذه الجهات الخارجية يتسبب في عدم استقلالها سواء كان الاستقلال في اتخاذ القرار، او الاستقلال المالي أو ما شابه، وهذا في الحقيقة ليس فقط سببا لغضب الحكومات ومحاربتها لهذه المؤسسات، ولكن في الحقيقة هذا- ايضا- يشكل خطرا على المؤسسات نفسها، ويشكل خطرا على المجتمع، لأن هذا يكون اختراقا من الجهات الاجنبية للمجتمع، ولأن دور مؤسسات المجتمع المدني هو دور عضوي، فإذا كانت هذه المؤسسة أو هذه المنظمة ترتهن لارادة جهة خارجية فهذا خطر على المجتمع.. لذلك من المهم جدا أن تكون مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية مستقلة عن أي جهة سياسية داخلية، وخصوصا الحكومة باعتبارها صاحبة القوة، ايضا من المهم جدا أن تكون مستقلة في ارادتها في اتخاذ القرار عن الجهات الخارجية، وخصوصا الجهات الخارجية السياسية المتمثلة في الحكومات، سواء حكومات مستقلة أو اتحاد حكومات مثل الاتحاد الاوروبي، وأن يكون الارتباط هو فقط في حدود تلقي الدعم الذي لا يؤثر على استقلالية المنظمة، ولا يؤثر عليها في اتخاذ القرار، وإذا استطاعت المنظمة ان تستغني عن الدعم الذي يأتي من الجهات الحكومية من الخارج فهذا افضل وأن يكون اعتمادها فقط إذا كانت مضطرة على الجهات الدولية غير الحكومية، فهذا يعطيها امكانية للاستقلالية أفضل، الجانب الآخر اذا كانت هذه المنظمة منظمة صغيرة وليس لها امتداد شعبي فهذا يسهل عملية ارتباطها أو ارتهانها للجهات الخارجية وخصوصا إذا اعتمدت بشكل كامل من ناحية التمويل على هذه الجهات الخارجية، فهذا يساعد على الارتهان ويسهل على الحكومة ضرب هذه المنظمة، اولاً لأنه ليس لها امتداد شعبي وثانيا لأنها مرتهنة بشكل أو بآخر للاجنبي.

< كيف ترى واقع حقوق الإنسان في الوطن العربي بشكل عام؟

- منظمة الشرق الاوسط والبلدان العربية هي الأكثر تخلفا في كل العالم، فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان.. إذا اخذنا كل التقارير الدولية التي تعيش وترصد حقوق الإنسان فهذه المنطقة هي الاكثر تخلفا قيايا بباقي المناطق وخصوصا فيما يتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، والشخصية ايضا.

< والاسباب من وجهة نظرك؟

- الأسباب الرئيسية هي انعدام الحريات، وانعدام التوازن بين قوى المجتمع والسلطة، ولذلك نحن تكلمنا عن مؤسسات المجتمع المدني أن دورها الرئيسي هو إحداث هذا التوازن.. فعدم وجود أحزاب مستقلة حقيقية.. وعدم وجود مؤسسات مجتمع مدني مستقلة جعل كل القوة بيد الحكومات، ولأن الحكومات تخاف قوى المجتمع المدني فهي تتعامل معها بالقمع، وهذا يتسبب في المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، في التعذيب، في الاعتقال التعسفي، في استلاب حرية التعبير، في عدم وجود حرية التنظيم والانتماء للجمعيات، كل هذه تعتبرها الحكومات خطرا عليها لذلك تقمعها أو تقيدها بالقوانين.

< إلى أين وصلت الديمقراطية في الوطن العربي؟

- لا أعتقد بأن هناك دولاً من دول العالم العربي تتمتع بديمقراطية حقيقية، وإنما هناك دولتان أو ثلاث تتمتع نسبيا بأنظمة ديمقراطية، أضرب مثالاً لبنان، وربما المغرب أما الدول الأخرى فلا تتمتع حقيقة بالديمقراطية.

هناك بعض الدول لديها أنظمة شبه ديمقراطية وهناك أنظمة شكليا عندها مؤسسات ديمقراطية، لكن في واقع هذه المؤسسات لا تعبر عن وجود ديمقراطية حقيقية، لأن الديمقراطية الحقيقية لها عناصر رئيسية، وأهم عناصرها: حكم الشعب بإرادة الشعب، التعددية الحزبية، وجود الحريات الإعلامية، تشكيل المنظمات، استقلالية القضاء، هذه كلها عناصر رئيسية للديمقراطية فإذا لم تتوفر هذه العناصر الرئيسية، وحتى لو وجدت عملية اقتراع أو عملية انتخابية، فهذا لا يدل على وجود ديمقراطية حقيقية.

طبعا بالنسبة لليمن، اليمن متقدمة على العديد من الدول في هذه الناحية ولكن مازال ينقصها الكثير من أجل أن يكون عندها ديمقراطية حقيقية، هناك نوع من التعددية الحزبية، نوع من حرية التعبير- طبعا كلها نسبية - وقياساً بدول عربية أخرى فهي متقدمة على العديد من الدول العربية الأخرى لكن ما زال الطريق أمامها طويلاً لكي تحقق ديمقراطية حقيقية.

< وأنت تزور اليمن لأول مرة.. كيف وجدتها وما انطباعاتك؟

- في الحقيقية أنا سعيد جداً بزيارتي لليمن، وعندي صداقات يمنية سابقة خصوصا من الفاعلين في مجال حقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع المدني وأنا مرتاح جداً للناس الذين قابلتهم.. المجتمع اليمني مجتمع مضياف وطيب، وفي الحقيقة الحراك السياسي الموجود رغم أنه لا أقول ان هناك عملية ديمقراطية مكتملة ولكن الحراك السياسي يبشر- إذا لم يقمع وإذا لم يتغير- بتغييرات إيجابية.

< بماذا تود أن تختتم هذا اللقاء السريع؟

- اختتمه بأنه لا بد من التعاون بين المجتمعات العربية المختلفة، بين مؤسسات المجتمع المدني في البلدان العربية، وبدون هذا التعاون لن نصل الى شيء لأنه إذا كانت الحكومات تتعاون خصوصا في المجال الامني والمجال السياسي العام، فلا بد لمؤسسات المجتمع المدني أن تتعاون وتتبادل الخبرات من أجل أن تقوي نفسها وتستطيع ان تؤدي دورها.