وفاة الأديب العالمي الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ

> القاهرة «الأيام» رياض ابو عواد:

>
نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
توفي صباح أمس الاربعاء في القاهرة الروائي المصري نجيب محفوظ اثر اصابته بجلطة في القلب. واعلن مصدر في وزارة الداخلية المصرية ان جثمان نجيب محفوظ سيشيع ظهر اليوم الخميس من مسجد آل رشدان في مدينة نصر بجنازة عسكرية قد يحضرها الرئيس المصري حسني مبارك.

وقال بعض المقربين من نجيب محفوظ رفضوا ذكر اسماؤهم ان اختيار مسجد آل رشدان للصلاة على جثمان الفقيد قد يعني امكانية مشاركة الرئيس المصري تشييع الجنازة.

وذكرت مصادر طبية في المستشفى ان محفوظ اصيب في الساعة 00،19 بالتوقيت المحلي (00،17 تغ) من الثلاثاء بجلطة في القلب تمت السيطرة عليها، لكن الحالة اصابته مجددا عند الساعة الثامنة (00،6 تغ) من يوم أمس مما ادى الى وفاته. وقال رئيس الفريق المعالج حسام موافي في مؤتمر صحافي قبل ظهر أمس الاربعاء ان "فشلا تنفسيا حدث نتيجة الالتهاب الرئوي ونظرا لكبر السن (95 عاما) توقف القلب لاكثر من مرة حيث جرى انعاش القلب ثم تلى ذلك انخفاض فى ضغط الدم". وتابع ان "عدة محاولات جرت في الساعة السابعة (00،5 تغ) من صباح أمس لتنشيط القلب الا ان الوفاة حدثت نتيجة تدهور حالة القلب". وكان محفوظ ادخل الى المستشفى لاصابته بمشاكل في الرئة والكليتين في العاشر من اغسطس الجاري. وقبل ذلك ادخل في 16 يوليو المستشفى نفسه الواقع في العجوزة بعد ان سقط واصيب في رأسه. ونعى الرئيس المصري حسني مبارك الاديب الكبير نجيب محفوظ الذى وافته المنية صباح أمس الأربعاء عن 95 عاما بعد صراع مع المرض. وقال مبارك ان نجيب محفوظ انحاز بقلمه لشعب مصر وتاريخه وقضاياه وعبر بإبداعه عن "القيم المشتركة للانسانية ونشر بكتاباته قيم التنوير والتسامح النابذة للغلو والتطرف وكان حصوله على جائزة نوبل للأداب اعترافا بإسهام الفكر العربي فى حضارة الانسانية وتراثها المعاصر". ووصف الرئيس مبارك في بيان صدر عن رئاسة الجمهورية نجيب محفوظ بأنه "علم من اعلام الفكر والثقافة، وروائي فذ ومفكر مستنير وقلم مبدع وكاتب خرج بالثقافة العربية وآدابها الى العالمية". ونعى مبارك "هذا المصري البار لشعب مصر وأمتها العربية والعالم"، معربا "عن خالص عزائه ومواساته لاسرة الفقيد الراحل ولمحبيه والعارفين بفضله". نجيب محفوظ حائز جائزة نوبل للآداب للعام 1988 الذي توفي صباح أمس الاربعاء في القاهرة، هو من اهم الروائيين الذين اثروا الادب العربي بأعمالهم واكثرهم انتشارا في العالم.

ولد نجيب محفوظ بعد انتقال عائلته الى حي الجمالية في القاهرة في 11 ديسمبر 1911. وقد امضى سنوات طفولته في هذه المنطقة الشعبية ودرس في احد كتاتيبها في حارة الكبابجي قرب درب قرمز في القاهرة الفاطمية وانهى دراسته الابتدائية في مدرسة بين القصرين.

وبعد تحسن الاوضاع الاقتصادية لعائلته اثر عمل والده بالتجارة وتركه وظيفته البسيطة انتقلت العائلة الى ضاحية العباسية التي كانت في تلك الفترة مقصد العائلات من الطبقة المتوسطة وفيها درس الثانوية العامة في مدرسة فؤاد الاول. التحق محفوظ في 1930 بجامعة القاهرة حيث انهى دراسته في الفلسفة وبدلا من استكمال دراسته الجامعية العليا اختار بعدما انهى ليسانس الفلسفة، الكتابة الادبية وابتعد عن دراسة الماجستير.

وبعد تخرجه عمل نجيب محفوظ في وزارة الاوقاف ومستشارا برلمانيا لوزير الاوقاف في تلك الفترة الشيخ عبد الرازق. وبعد تولي الضباط الاحرار السلطة في 1952 عمل رئيسا للرقابة على المصنفات الفنية عام 1959 ثم رئيسا لمؤسسة السينما وفيما بعد عضوا في المجلس الاعلى للثقافة. وكان محفوظ الذي يعد احد اكثر الادباء العرب انتشارا في العالم حيث ترجمت اعماله الى اكثر من 33 لغة، بدأ الكتابة في "المجلة الجديدة" الاسبوعية واصدر اول اعماله "مصر القديمة" في 1932 اتبعها بمجموعته القصصية "همس الجنون" (1938). وتوجه بعد ذلك الى كتابة ثلاثية استلهمت التراث الفرعوني في نوع من الاسقاط التاريخي على المرحلة السياسية التي سادت مصر في تلك الفترة هي روايات "عبث الأقدار" (1939) و"رادوبيس" (1943) و"كفاح طيبة" (1944). وتروي هذه الثلاثية محاربة العدوان والاحتلال الاجنبي لمصر بينما كان محفوظ من انصار حزب الوفد الذي كان يقود في تلك الفترة النضال الوطني ضد الاحتلال البريطاني لمصر وضد السياسة الاستبدادية للملك فاروق الاول. وكان لطفولته المبكرة التي شب فيها في منطقة الجمالية الشعبية اثر كبير على كتاباته الروائية في المرحلة اللاحقة حيث ظهرت معالم الحي وبعض معالم القاهرة الفاطمية كعناوين لرواياته مثل "زقاق المدق" و"خان الخليلي".

وتوج محفوظ اعماله بثلاثية جعلته علما من اعلام الرواية العربية وأحد أهم روادها ومؤسسي حداثتها، أخذت عناوين أجزائها من أسماء حارات في القاهرة الفاطمية "بين القصرين" و"قصر الشوق" و"السكرية". وعالجت كل هذه الروايات أوضاع الطبقة المتوسطة المصرية وبعض الفئات الشعبية التي تحاول الصعود الطبقي وتحسين أوضاعها الاقتصادية ضمن أوضاع حالمة أودت بها في الكثير من الاحيان. ويعتبر الكثير من النقاد العرب ان محفوظ هو رائد الرواية العربية الحديثة بعد ان أعاد بناءها بطريقة مغايرة عن الرواد مثل جرجي زيدان وعلي باكثير وطه حسين وتوفيق الحكيم ومحمد حسين هيكل. وهم يرون انه لعب دورا كبيرا في فتح آفاق الرواية العربية أمام الاجيال التي لحقت به. وتوقف محفوظ عن الكتابة بين 1949 و1956 اتجه خلالها الى كتابة سيناريو الافلام وكان بذلك أول أديب يقوم بخطوة من هذا النوع. وكان أول سيناريو قام بكتابته "مغامرات عنتر وعبلة" (1945). كما كتب سيناريو عن روايات احسان عبد القدوس مثل "الطريق المسدود" و"أنا حرة" الى جانب أفلام "ذات الوجهين" و"لك يوم ياظالم" و"رية وسكينة" و"الوحش" و"شباب امرأة" و"الفتوة" و"بين السما والارض" و"احنا التلامذة" و"النمرود" و"درب المهابيل" و"فتوات الحسينية" و"الهاربة". وترك محفوظ وراءه ست مسرحيات ايضا. وقد كتب محفوظ عددا من الروايات التي اعتبرها النقاد نقدا للتجربة الناصرية ابرزها "اللص والكلاب" و"ميرامار" و"ثرثرة فوق النيل" و"الكرنك" وغيرها من الروايات التي اصدرها في السيتنات والسبعينات.

ورغم انتقاداته التي وجهها للسلطة فإن بعض النقاد أخذوا عليه انه تجاهل في كتاباته الروائية اكثر القضايا سخونة في العالم العربي وهي القضية الفلسطينية التي لم يكتب عنها شيئا في حين وجه انتقادات لارسال الجيش المصري الى اليمن. وتوقف محفوظ عن الكتابة بعدما هاجمه اسلامي وطعنه في رقبته في 1994 الا انه في السنوات الثلاث الاخيرة كان يكتب قصصا قصيرة اطلق عليها اسم "احلام فترة النقاهة". والى جانب حصول محفوظ على جائزة نوبل للآداب في 1988 التي فتحت الافق امام الرواية العربية عالميا حصل على مجموعة من الجوائز المحلية منها ما كان في مطلع حياته مثل جائزة قوت القلوب عن رواية "رادوبيس" في 1945 وجائزة وزارة المعارف عن رواية "كفاح طيبة" في 1945 وجائزة مجمع اللغة العربية عن "خان الخليلي" في 1947.

ومنح في 1958 جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الاعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ثم في 1962 وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى وفي 1970 جائزة الدولة التقديرية فى الآداب من المجلس نفسها ومنح في 1971 وسام الجمهورية من الدرجة الاولى. وكانت آخر الجوائز التي حصل عليها بعد نوب جائزة مبارك في الآداب عن المجلس الاعلى للثقافة عام 1999. وقد خصص جزء من عائدات كتب نجيب محفوظ التي اشرف قسم النشر في الجامعة الاميركية على ترجمتها الى عدد كبير من لغات العالم، لجائزة تمنح باسم نجيب محفوظ في يوم عيد ميلاده من كل سنة بمباردة منه لتشجيع الروائيين العرب. وبدأ منحها منذ عشر سنوات. ونجيب محفوظ كان متزوجا منذ 1954 وله ابنتان. أ.ف.ب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى