تحية من القلب لكل كاتب يدعو لاستقرار اليمن

> علي هيثم الغريب:

>
علي هيثم الغريب
علي هيثم الغريب
وأنا أقرأ مقال الأستاذ فاروق لقمان «نحو يمن أسعد بحلول 2020م» المنشور في أكبر الصحف اليمنية «الأيام» في 5 سبتمبر 2006م، أحسست أن كلماته كتبت بنبض القلب والعقل، وأنها لإنسان عرف الموقع الاستراتيجي لبلادنا وتاريخها القديم المشرق وأواصر التاريخ الواحد المتوحد لليمن بجنوبه وشماله. وأن كل كاتب صادق إنما يستلهم كتاباته من مصالح وطنه ويهدف إلى رضى ربه وناسه وتحقيق الخير للجميع.

ويعلم الله وحده أنه منذ عقدين من الزمن ونحن نكرس جهودنا لتحقيق الاستقرار في السلطة والمجتمع، والحفاظ على الحلم الذي تحقق ألا وهو حلم توحد الثنائي الذهبي (الجنوب والشمال) كرقعة أرض غنية بالموارد البحرية والزراعية والمعدنية والمادية والبشرية لتنمية مجتمع مستقر وناهض، يمثل نواة للوحدة العربية الإسلامية، ويشكل قوة قادرة على الوقوف والسير نحو المستقبل. ووالله لقد كان الهدف الأول من كل كتابتنا هو خدمة هذا المشروع العظيم (الوحدة والديمقراطية والتنمية).. ولست أدعو إلى الوحدة بالقوه أو الديمقراطية التي لا توفر الاستقرار ولا إلى التنمية التي قد تجري على حساب أبناء محافظات الجنوب الذين تتفشى الأمية والبطالة والفقر بين صفوفهم لأسباب كثيرة تناولناها في كتاباتنا السابقة. فمثل هذه المشاريع فشلت في جميع المحاولات سواءً هنا في هذا الثنائي الذهبي الذي جمع بينهما التاريخ والمصير المشترك أو في أماكن أخرى من العالم العربي.

إن المشروع العظيم (الوحدة والديمقراطية والتنمية) الذي كان يحلم به كل الشرفاء في اليمن، لم يكن حلماً، بل تحول قبل عام 1990م إلى كابوس مؤرق كلفنا الثروة والبشر والوقت الثمين والسباحة في بحر الأوهام دون جدوى. وعلينا جميعاً ألا نجهل ما يقف حائلاً دون تحقيق هذا الحلم العظيم.. واليوم يشهد الشارع اليمني تحركات ايجابية باتجاه مواجهة يعلم الله مداها مع الفساد. فرأينا قضايا كانت تراوح مكانها، تتحرك بسرعة وتصدر بشأنها قرارات جريئة وقوية مثل قرار الأخ الرئيس بشأن التجمعات الانتخابية، واتفاق المبادئ وتشكيل اللجان العسكرية والمدنية لإعادة حقوق وأملاك العسكريين والمدنيين من أبناء محافظات الجنوب.

فها أنذا أبدي إعجابي للصحفي الأستاذ فاروق بما كتبه في مقاله المشار إليه بشأن فخامة الأخ رئيس الجمهورية.. ولكن اذا كانت هناك نية صادقة لحماية ما قدمه الرئيس لهذا الوطن فعلينا كشف الأخطاء والسلبيات لكي تتم معالجتها ونسير معاً إلى بر الأمان.. وإلا هل يمكن أن ينطلق قطار تآكلت آلاته وانسكب زيته واستهلك وقوده؟! وهل يمكن أن يوصل الربان سفينه كلما سد ثقباً فيها أحدث الفاسدون ألف ثقب؟!

وهل يمكن أن تنطلق الوحدة والديمقراطية والتنمية وأبناء الوطن الشرفاء مبعدون والفاسدون يبيعون ثروتنا والمفكرون يضللون الناس والقضاء يدافع عن المتهمين؟ هل يمكن أن نساعد الأخ الرئيس في هذه الحالة؟! لا أعتقد ذلك. وعلينا أن نتذكر عندما كممت الأفواه قبل الوحدة وانفتحت الصحافة أمام المنافقين كيف عميت بصائرنا، وفقدنا حتى القومية حين رفع المتعصبون شعار القومية والأممية.. وتحولت فكرة السلطة إلى فكرة جاهلية من حازها فرض الاستبداد.. هكذا تفتت الوطنية لتصبح قبلية، وحتى القبيلة توشك أن تتفتت.

فهل كان يمكن أن يحدث لنا ما حدث ويحدث اليوم لو أننا كشفنا أخطاءنا بملء فينا أمام الحاكم؟! هل كان يمكن أن يحدث في 1994م ما حدث، لو أننا لم نساعد على خلق الشمولية في الشمال والجنوب؟!

واليوم علينا أن نقول لفخامة الأخ الرئيس إننا نريد التلاحم لكل أبناء اليمن ونريد أن يكون نصيراً لشرائح الفقراء في المرحلة القادمة، ونقول إن تلك التجمعات التي تحدث لأبناء محافظات الجنوب مدنيين وعسكريين تلبية لدعوة العودة إلى أعمالهم أو استعادة حقوقهم هي وسائل غير مسبوقة في إذلال الناس وامتهان كرامتهم وانتهاك حقوقهم.

ولم أجد ما يفسر ما حدث في معسكر الراحة، خاصة وأنني شاهدت أحد العائدين الذي كان يدور في معسكر العائدين متكئاً على عكازه الخشبي وأحياناً يعود ليقف مع الجنود والضباط في وسط الدائرة البشرية التي امتلأت بها ساحة المعسكر.. هذا الضابط العجوز الذي سقطت أسنانه وامتلأ وجهه بتجاعيد سوداء. فما رأي الأستاذ فاروق هل يمكن أن أخبر فخامة الأخ الرئيس بذلك أم لا؟!.. واذا أخبرته هل يعاقبني أم يعاقب المسؤولين عن هذا الأوضاع؟! نحن على يقين تام من أن فخامة الأخ الرئيس عرفناه كإنسان قبل أن نتعامل معه كرئيس، وكما قال أحد المواطنين: من دخل بيته يشعر بالأمان.

ولا ننسى حال بعض الكتاب في السلطة والمعارضة والمستقلين الذين أضاع بعضهم الوقت في التراشق بالتهم وتبادل السباب، وآخرين يحاولون صد الفساد ولكن بأسلحة قديمة صدئة بالية، وفريق ثالث كذب ما أبصرت عيناه من ظلم واستبداد، ورفض أن يصدق هول ما حدث ويحدث من نهب لحقوق الناس في محافظات الجنوب، وشلت الصدمة فريقاً آخر وأجلستهم القرفصاء في منازلهم.

ولكن الأخطر أنه بين هؤلاء وهؤلاء قام فريق من المنافقين استهوتهم مظاهر الجهل والتخلف فراحوا يتسللون إلى الوظائف الشاغرة مستفيدين من الهزيمة وليس من الانتصار متوهمين أن فخامة الأخ الرئيس سيبتلع الطعم ويقع في أخطائهم.. ولكن في مؤتمرهم السابع ألقى فخامة الأخ الرئيس واحداً من أروع وأنضج تحليلاته للواقع، إذ راح يتحدث عن ثورة بيضاء من نوع جديد لحماية الوحدة والديمقراطية والتنمية.. ومن هنا علينا أن نساعد الأخ الرئيس في إظهار الحقائق لأننا بإغفالنا هذه الحقائق لا نتوه فقط بل ونضيع جميعاً، نضيع ونتلاشى كأمم كثيرة من قبلنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى