انتخابات التغيير في اليمن

> عبدالله ناجي راشد:

> الأيام القادمة ستشهد دون شك صراعاً غير عادي في مسار التنمية الديمقراطية في اليمن.. وعلى غير سابقاتها من الانتخابات المحلية والنيابية والرئاسية ستكون الانتخابات القادمة حجر الأساس لمسار التغيير الديمقراطي في اليمن، بما يعزز دور الإدارة الشعبية في الوصول إلى السلطة وصنع القرارات ومراقبة تنفيذها.

فإذا كانت الانتخابات السابقة بحكم التفرد السياسي في مجريات الأمور قد سادها نوع من الدعاية الضاغطة والمتفردة للحزب الحاكم، رافقها نوع من اللامبالاة الشعبية التي لا تقدر قيمة أصواتها الانتخابية في مجريات التغيير التي استغلها الطامحون والممسكون بمفاصل السلطة كسلاح للوصول إلى مقاعد التمثيل الشعبي عبر وسائل مختلفة من الوعود والإغراءات.. وما رافقها أيضاً من عدم وجود حراك حزبي فاعل ومغاير يفتقر للمعارف التراكمية لإدارة الانتخابات وتقدير أهميتها والقدرة على مراقبة كل مراحلها التنفيذية، أي بمعنى آخر عدم وجود قوى معارضة فاعلة وموحده يثق الشارع الشعبي في قدرتها على خوض منافسة جادة يسير خلفها لصنع عمليات التغيير.

فإن الانتخابات القادمة دون أدنى شك لن تكن مسرحية هزلية على مسرح الديمقراطية في اليمن، بل ستكون حجر الأساس في مسار التعبير عن الإرادة الشعبية الطامحة للتغيير، رغم ما يسودها من قصور قانوني وانعدام للحيادية في لجنة الانتخابات العامة، ورغم ما يسودها من عمليات تجهيل وتضليل وتخويف من قبل القوى التقليدية ضد محاسن التغيير والإصلاح السياسي الشامل للأوضاع المختلفة في اليمن للاعتبارات التالية:

أولاً: وصول كل من السلطة والمعارضة إلى قناعة بأن ليس هناك خيار آخر أقوى من خيار الديمقراطية للتغيير والإصلاح، وأن التمسك بأي خيارات أخرى ستكون غير رابحة وغير مجدية ولن تجد لها تأييدا داخليا وخارجيا.

ثانياً: تراكم الخبرة الفنية لأحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) في الانتخابات السابقة قد مكنها من معرفة أساليب وطرق التزوير والنواقص التي رافقت الانتخابات السابقة.. وستكون ذات يقظة وحذر للدفاع عن أصوات ناخبيها في صناديق الاقتراع.

ثالثاً: تراكم الخبرة والتجارب لدى الناخب اليمني والبدء بالتفكير بأهمية صوته في تحديد مستقبله.. وخاصة بعد أن خذلته الانتخابات السابقة ومرشحوها.. ووصوله إلى قناعة بأن ليس هناك من طريق آخر للتغيير إلا عبر صناديق الاقتراع، فإنه في هذه المرة دون شك سيفكر جيداً عند اختياره لمرشحيه وتلك العملية ستكون أول محاسبة عملية لمرشحين سابقين مع خلفياتهم السياسية ممن لم يقوموا بتمثيل ناخبيهم والانتصار لقضاياهم وهمومهم وآمالهم.

رابعاً: إن هذه الانتخابات ستحظى برقابة محلية وحزبية وشعبية تستدعيها طبيعة المعركة الحقيقية بين الأوضاع القائمة.. ومطالب التغيير، وتحظى باهتمام عالمي مستمد أهميته من طبيعة المعرفة الكاملة بطبيعة الأوضاع اليمنية الهشة في ضوء التقارير التي صنفت اليمن ضمن الدول الهشة والضعيفة والغارقة في مفاصل الفساد السياسي والاقتصادي والتي يمكن لها أن تكون معرضة لكوارث سياسية واجتماعية واقتصادية خطيرة تهدد استقرار الكيان السياسي للدولة إن لم يتم التعامل ووضع السياسات الصائبة للخروج من ذلك النفق المظلم.

خامساً: إن خطوة الاستشعار بتردي الأوضاع القائمة قد دفع المعارضة لأول مرة أن تدخل في منافسة جادة مع النظام في الصراع على المجالس ومقعد الرئاسة وهدفها من ذلك لم يكن المشاركة الشكلية، بل الفوز بأغلبية المجالس المحلية ومقعد الرئاسة وهذا بحد ذاته وفر خياراً للشارع الشعبي للاختيار الحقيقي بين خيارين وليس بين خيار واللاشيء.. كما كان في الانتخابات السابقة عندما اختار الحزب الحاكم أحد أعضائه لمنافسة الرئيس على مقعد الرئاسة.

سادساً: عدم وجود أي تحفظ عالمي على فوز المعارضة في الانتخابات كالتحفظات التي سادت الانتخابات الفلسطينية أو المصرية وذلك لتوافق حزب الإصلاح والتيارات اليسارية والقومية والوطنية على برنامج إصلاح وطني شامل للإصلاح يدعمها قطاع واسع من الجماهير الشعبية وهذا ما يبعد أي التباس تحت مسمى الخوف من وصول قوى إسلامية إلى السلطة. ولكون التغيير أصبح مطلبا شعبيا وليس حزبيا.

سابعاً: دون أدنى شك ستكون الانتخابات القادمة بوابة للتغيير سواء فاز في الانتخابات الرئيس الحالي علي عبدالله صالح أو مرشح اللقاء المشترك فيصل عثمان بن شملان، فإن فاز مرشح الحزب الحاكم فلن يجد أمامه من طريق للاستمرارية ومعالجة الأوضاع غير تحقيق مطالب التغيير وعكس برنامج المعارضة في إطار معالجته لإصلاح الأوضاع الراهنة وتصحيحها والبدء بضرب مفاصل الفساد وإصلاح ما أفسدته سنوات الحكم السابقة والذي بدون شك سيظهر المفسدين أكثر قوة بعد الانتخابات إن لم يتم تحجيمهم والبدء بإصلاح طابع النظام السياسي أولاً من داخله ومعالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية الأخرى وعلى رأسها معالجة الشروخ التي لحقت بالصف الوطني جراء الحروب الداخلية وأهمها حرب صيف 1994م ضد الجنوب.. والبدء بإصلاح فوري لا ينتظر حتى لا تختمر التراكمات ويصبح من الصعب معالجتها، وأنجع الأمور لذلك هو تشكيل حكومة وحدة وطنية لتتبنى معه خطوات التغيير.

وإن فاز مرشح المعارضة فستكون أمامه مهام كبيرة في سبيل تنفيذ برنامجه للإصلاح والتعامل بفاعلية مع أوضاع راكمتها سنوات كثيرة من الفساد والبيرواقراطية وحكم العسكر وسيساعده على ذلك حنكته وخبرته واستقلاليته وطموحه الجامح للتغيير وكذا البدء الفوري بإصلاحات دستورية وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية تتمثل فيها مصالح كل أبناء المحافظات والعمل على خلق توازن فعلي للعملية التنموية فيها.

ولهذا ستكون الانتخابات القادمة دون شك بوابة التغيير وهي بوابة حوار القوى اللينة في المجتمع وانحسار خيارات القوى الصلدة في حسم الخيارات الوطنية .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى