تدهور محصول إنتاج القطن بلحج .. أسبابه ومعالجته

> «الأيام» وحيد الشاطري

> ارتبطت زراعة القطن منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي بالسيول المتدفقة على وادي لحج من المرتفعات الشمالية وأوديتها المختلفة وخصوصا وادي وزان وأصبح اتساع الرقعة الزراعية يعتمد على كمية السيول الموسمية. ولقد مرت زراعة القطن خلال واحد وخمسين عاما من زراعته في أراضي دلتا تبن بمراحل مختلفة في الموسم الزراعي 1954-1955م، كان العائد المالي من قيمة المنتوج عاليا وقد ساعد ذلك على تحسين مستوى معيشة المزارعين. ثم جاءت مرحلة اتسمت بالزخم الوطني التحرري من حكم الاستعمار والسلاطين كانت زراعته مفروضة على المزارعين ولم تكن الاسعار مجزية او مربحة رغم الدعم الكبير الذي حظي به القطاع الزراعي والمتمثل حينذاك بالتعاونيات الزراعية ومزارع الدولة، وفي عهد الوحدة الوطنية ورغم الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة لهذا المحصول النقذي الا أن سوء الادارة والتعامل مع منتج القطن الى انخفاض في المساحة وتدن في الانتاج.

في فترة الخمسينات وفي بداية السبعينات شهدت زراعة القطن ازدهارا كبيرا فقد أدخل صنف قطن (طويل التيلة) من أصل سوداني مصري مهجن سمي (بكود 4) في كل من سلطنة أبين ولحج في ظل الاستعمار البريطاني ولقد نجحت زراعة القطن في أراضي دلتا تبن وبدأت زراعته في عام 1954م وكان لهذا النجاح والازدهار مظاهره وأسبابه من حيث المظاهر العامة فتحسنت أحوال المزارعين من الناحية المعيشية وارتفعت أرصدة الملاك الكبار كما ان خزينة الدولة هي الاخرى حظيت بنصيب جيد وتحسن الوضع الاقتصادي في السلطنة ولم يقف الأمر عند انتعاش الحالة الاقتصادية للسلطنة من خلال نجاح زارعة اقطن وجودته النوعية بل أصبح محط اعجاب جميع زائري لحج من العرب وكذا الإعجاب الكبير الذي أبداه هيكنيوثم حاكم عدن حينذاك، وقد أصبح القطن اللحجي المفضل في بريطانيا واليابان، والهند والولايات المتحدة الامريكية.

ونتيجة تلك السمعة العالمية العالية للقطن اللحجي فإن حكومة عدن لم تطالب لجنة الإنعاش الزراعي بتقديم ضمانات للقروض التي تأخذها بهدف زراعة القطن وتوسيع زراعة محاصيل الخضار وحفر الآبار الارتوازية. وتعود أسباب النجاح الرئيسية بدرجة أولى إلى تشجيع حكومة عدن الانجليزية للسلاطين في لحج وأبين على زراعة محصول القطن تلبية لرغبة الشركات الانجليزية باعتبار القطن المادة الخامة الرئيسية في العديد من الصناعات المرتبطة بالغزل والنسيج ولقد لعبت الحكومة اللحجية في تلك المرحلة دورا هاما في تشجيع المزارعين وتوجيههم لزراعة القطن ولقد كانت السيول المتدفقة على مدار السنة ابتداء من ابريل - سبتمبر عاملا رئيسيا كما أن التسهيلات والقروض (البيضاء) المقدمة للمزارعين والاهتمام بالتفتيش الدوري على الحقول المرزوعة قطنا والحرص على مكافحة الآفات الزراعية جمعيها أدت الى نجاح زراعة المحصول في الدلتا.

وفي مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني المجيد 30 نوفمبر 1967م انعكس او انقلب الوضع تماما نتيجة للاجراءات التي أقدمت عليها الدولة حيث تم مصادرة الاراضي الزراعية للملاك الكبار وغيرهم من ذوي الحيازات الصغيرة (5-10 فدان) وفرض سياسية زراعية صارمة تعد مركزيا من الدولة دون الرجوع إلى المزارعين ومعرفة رغباتهم الزراعية وفرض زراعة القطن (بقوة القرار) السياسي. ولقد أدت هذه الاجراءات إلى عدم الاهتمام بالمحصول من قبل المزارعين وكان ذلك أول المؤشرات ببداية تدهور زراعة القطن، وفي عهد وحدة الوطن اليمني ومنذ بداية التسعينات فإن انتاج القطن صاحبه العديد من المشاكل بالرغم من الدعم الكبير الذي قدمته دولة الوحدة للمحصول، ففي تلك الحقبة الزمنية سادت مفاهيم اقتصادية جديدة من أهمها تحرير الزراعة من القيود والبرامج والتسويق واخضاع جميع المحاصيل ومنها القطن لسياسة السوق الذي يحكمه عادة العرض والطلب.

وهناك عوامل لعبت دورها في تحجيم زرعة القطن وهي ضعف وشحة تدفق السيول من موسم لآخر، ازدياد اهتمام المزارعين بإنتاج الخضروات على حساب زراعة القطن، ازدياد الطلب على الخضروات نتيجة تنامي وعي المواطنين بأهمية الخضروات في حياتهم اليومية، اتجاه المزارعين إلى زراعة المحاصيل النقدية السريعة المردود .

وكما ذكر سلفاً فإن اتساع الرقعة الزراعية في دلتا تبن وحفر الآبار الجوفية من الأسباب التي عملت على تعدد وتنوع التركيبة المحصولية، ولم يعد القطن يحظى بالمرتبة الأولى كما كان في سابق عهده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى