> سالم حيدرة صالح:
تكبّد مزارعو السمسم (الجلجل) في مناطق دلتا الخصيب بمحافظة أبين خسائر كبيرة خلال الموسم الزراعي الحالي نتيجة انتشار الآفات التي اجتاحت المحاصيل وأدت إلى تدهور الإنتاجية بشكل غير مسبوق. بلغت نسبة الأضرار في المحاصيل أكثر من 80 %، ما جعل الموسم الزراعي يذهب هباءً، تاركًا المزارعين في حالة من الإحباط والحسرة على محصول كانوا يعولون عليه لتحقيق عوائد مالية مهمة.
انتشار الآفات والحشرات خلال شهر نوفمبر كان من أبرز أسباب هذه الخسائر، حيث أدت إلى تدمير محاصيل السمسم ومحاصيل أخرى في المنطقة مثل الفول السوداني والقطن طويل التيلة، بالإضافة إلى محاصيل القمح والدخن والخضروات.
وأرجع مزارعون في دلتا أبين تفاقم هذه الأزمة إلى غياب التدخل السريع من الجهات المختصة مثل وزارة الزراعة والري، التي لم تقم بأي إجراءات فعالة لمكافحة الآفات، وفضلت الوقوف موقف المتفرج على حد وصفهم.
المزارع صالح أحمد الحوتري الذي يزرع السمسم في أرضه بمنطقة القريات التابعة لمديرية زنجبار، قال إن انتشار الآفات هذا الموسم تسبب في خسائر كبيرة لمحصوله، وأضاف: "كنا نعوّل كثيرًا على محصول السمسم، ولكن الآفات جاءت وحرمتنا من هذا المصدر الحيوي للدخل". وأكد أن غياب فرق المكافحة الزراعية ساهم في تفاقم المشكلة، حيث لم تقم الوزارة أو مكتب الزراعة بالمحافظة بأي خطوات لحماية المحاصيل من الآفات التي فتكت بها.
ناصر الحجيجي، مزارع آخر من دلتا أبين، أعرب عن حزنه بسبب حجم الخسائر التي لحقت بالمزارعين هذا الموسم، مشيرًا إلى أن الآفات لم تترك مجالًا لإنقاذ المحاصيل، وخاصة السمسم، الذي يُعتبر محصولًا مهمًا للمزارعين في المنطقة.
وأضاف: "نحن بحاجة ماسة إلى تدخل حكومي حقيقي لإنقاذ الزراعة في دلتا أبين، لأن غياب الدعم يهدد سلة الجنوب الغذائية بأكملها".
إلى جانب السمسم، شملت الأضرار أيضًا محصول اللوز والفول السوداني، الذي أصبح مهددًا إذا لم يتم اتخاذ إجراءات رش فعّالة لحمايته من الآفات. وتحدث المزارعون عن معاناتهم في ظل افتقارهم إلى الإمكانيات اللازمة لمكافحة هذه الآفات بأنفسهم، ما جعلهم في مواجهة أزمة يصعب التغلب عليها دون دعم حكومي.
محمد علي ناصر، مزارع من منطقة الرميلة الغربية بدلتا أبين، كان الاستثناء الوحيد، حيث نجح في حماية محصول السمسم من الآفات التي اجتاحت المنطقة.
هذا النجاح الفردي أثار اهتمام المهندس الزراعي عبدالقادر خضر السميطي، عضو الجمعية الوطنية للبحث العلمي والتنمية المستدامة، الذي دعا الجهات المختصة إلى دراسة هذه التجربة ومتابعتها بشكل علمي.
السميطي اقترح على وزارة الزراعة والري شراء إنتاج هذا الحقل وتسليمه إلى مزرعة أبحاث الكود ومزرعة كلية ناصر للعلوم الزراعية لمراقبة نمو هذا الصنف من السمسم خلال الموسم القادم. وأكد أن هذه التجربة يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة لتحسين الإنتاجية الزراعية إذا تم دعمها بشكل صحيح.
وأشار السميطي إلى أهمية تجاوز العقبات المالية التي تواجه المزارعين، مؤكدًا أن الحل يكمن في إعادة تخصيص الموارد المتاحة لدعمهم. ودعا إلى إلغاء بعض ورش العمل المخطط لها واستخدام ميزانياتها في تمويل مشاريع مكافحة الآفات الزراعية وتشجيع زراعة أصناف السمسم المقاومة، موضحا أن الصنف المزروع في حقل محمد علي ناصر يختلف عن صنف كود 94 المعروف، مما يجعل التجربة تستحق المتابعة كفرصة لإيجاد حل عملي ودائم لهذه الأزمة.
المزارعون في دلتا أبين يجدون أنفسهم في موقف صعب، حيث تتزايد التحديات مع كل موسم زراعي في ظل غياب الدعم الفني والميداني من الجهات المختصة، ويأمل المزارعون في استجابة سريعة من وزارة الزراعة والري للتعامل مع الأزمة التي تهدد مستقبل الزراعة في هذه المنطقة الخصبة، التي تُعد من أهم المناطق الزراعية في الجنوب ومصدرًا رئيسيًا لتوفير الغذاء.