يوم من الأيــام..ذكريات الزمن القادم

> هيثم الزامكي:

>
هيثم الزامكي
هيثم الزامكي
ليس الحديث هنا عزيزي القارئ، عن المسلسل السوري المشهور الذي لعب بطولته الممثل جمال سليمان، لكن الحديث هنا يتعلق بمسلسل عالمي حقيقي أصبحنا جزءاً منه شئنا أم أبينا، مسلسل فرض علينا أن نمثل فيه دوراً معيناً، دون قراءة النص وإبداء الرأي.

كنا في الماضي نقرأ بعض مفردات النص وكانت تعطى لنا أدوار ثانوية ومساعدة، وحتى عندما كان يطلب منا تأدية بعض مشاهد العنف في بعض المسلسلات كان لدينا ممثلون يجيدون أداء أدوار الضارب، وممثلون يجيدون أدوار المضروب، أما في هذا المسلسل العالمي الجديد فلم نعد نحصل إلا على دور الكومبارس فقط والنص الوحيد المتاح لهذا الكومبارس هو تلقي الضربات فقط.

لقد فقدت الدراما السياسية العالمية الكثير من بريقها وإثارتها بعد أن اقتصر عرضها على هذا المسلسل الوحيد، وللأسف فإن القائمين على هذا المسلسل لم يراعوا هذه النقطة الحساسة كون النفس البشرية تميل دائماً إلى التنوع ولا يمكن بأي شكل من الأشكال ومهما بلغ دهاء مؤلفي ومخرجي هذا المسلسل، لايمكن توحيد ذوق وثقافة كافة المشاهدين وإقناعهم بمتابعة هذا المسلسل، وإذا كانت ساحة الدراما السياسية العالمية غير قادرة في الوضع الحالي أن تقدم إنتاجاً جديداً يشبع رغبات بقية المشاهدين في هذا العالم فعلى الأقل وأقل الأقل أن يحدث شيء من التطوير للنص وإضفاء شيء من الكوميديا، أو الرومانسية أو حتى المشاهد المخلة بالآداب.

فمنذ الحلقة الأولى لهذا المسلسل ومشهده الأول الذي بدأ تصويره وبثه على الهواء مباشرة في 11/9/2001م، ونحن لا نرى إلا العنف، ومشاهد القتل والتدمير، وما يزيد حالة الضجر من هذا المسلسل، أنه لا يتيح للمشاهد فرصة توقع ما سيحدث في الحلقة القادمة، وقد كانت هذه الميزة أحد عوامل قبول الدراما السياسية العالمية قبل أحداث 11 سبتمبر، فأصبح بمقدورنا الآن أن نتوقع أفعال وردود أفعال أبطال ومساعدي وكومبارس هذا المسلسل، وصار بالإمكان تذكر ما سيحدث من تدمير وعنف في العالم كله وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص، ففي ظل هذا السيناريو الحالي للعلاقات الدولية لا يمكن توقع إلا مزيد من العنف، ومزيد من الفوضى الداخلية للبلدان المشتركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في ذلك العنف.

إن تزايد أعداد من يؤمنون بالقوة كوسيلة لفرض الحلول، سيؤدي بهذا العام إلى أحداث أكثر مأساوية من الآن، وهؤلاء الأقوياء لا ينبغي أن يتجاهلوا أن إحدى أهم ذكريات الزمن القادم، ستحمل حقيقة لا مناص منها تؤكد أن القوة العسكرية ميزة في طريقها للتلاشي وسوف يأتي يوم تتوازن فيه القوى على مبدأ الأثر في الكم وليس الكم، ولن يكون هناك فرق بين قنبلة تقضي على مليون وأخرى تقضي على مليار.

لذا فمن المفيد للجميع أن تأتي تلك الذكريات وقد أنتج العالم علاقات، وطرق تعامل، وثقافة سلام، أفضل مما هي عليه اليوم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى