حتمية التغيير

> عبدالله ناجي علي:

> أهم إنجاز سياسي حققته الانتخابات الرئاسية والمحلية هذه المرة هو أنها أفرزت لنا توازنا سياسيا جديدا يحمل طابعاً مدنياً ووحدوياً، بعكس التوازن الذي كان قائماً في انتخابات 93م والذي كان يحمل كثيراً من الشوائب الشطرية، ذلك التوازن الذي دمرته حرب صيف 94م.. الأمر المهم في هذا التوازن الجديد هو أنه سيعيد للحياة السياسية حيويتها وفاعليتها خاصة إذا ما استطاعت أحزاب المعارضة توظيف هذا التوازن لجعل الحزب الحاكم يتجاوب مع عملية التغيير المطلوبة لإصلاح أوضاعنا المختلة على كافة الصعد.

فالأوضاع التي يئن منها مجتمعنا تتقدمها مشاكل سوء الإدارة والفساد والفقر والبطالة.. هذه المشاكل مجتمعة تضمنتها خطابات مرشحي الرئاسة باستثناء مرشح واحد فقط كان يغرد خارج السرب!!، وهذا يعني أن قادتنا السياسيين في السلطة والمعارضة يحسون عن قرب بهذه الأوضاع التي يئن منها غالبية الشعب، وصار الجميع يدركون أن هذه الأوجاع هي نفسها التي حالت دون تحول بلادنا إلى بلد جاذب للاستثمارات.

فعلاج هذه الأوجاع يضع الحزب الحاكم أمام مسؤولية كبيرة تجاه ناخبيه، ويتطلب منه وضع برامج عملية للتغيير والإصلاح.. مع العلم أن أي تغيير دائماً ما يصاحبه دفع ثمن، ونعتقد أن الثمن المطلوب دفعه هذه المرة هو تطهير جهاز الدولة من الفاسدين، أو على الأقل محاسبة الفاسدين الكبار الذين تحول فسادهم إلى كوابح معيقة للاستثمار والتنمية، هذا أولاً، أما ثانياً فيتطلب من الأخ الرئيس أن يتخلص من بعض البطانة الفاسدة وخاصة المدمنين على النفاق السياسي الذين يضعون الأخ الرئيس أمام وقائع مشوهة بعيدة تماماً عن حقيقة ما يجري على أرض الواقع، لأنهم أدمنوا على ترديد شعار «كل شيء تمام يا فندم».. بينما المفروض أن يضعوا الأخ الرئيس أمام الحقائق الموجودة على الأرض كما هي بحلوها ومرها.

ونعتقد أن الأخ الرئيس بأمس الحاجة في هذه المرحلة إلى بطانة صادقة وأمينة، خاصة وأن مطالب التغيير والإصلاح هذه المرة مطالب داخلية وخارجية.. ونعتقد أن الأخ الرئيس قد استوعب درس الجماهير الغفيرة التي خرجت مع مرشح المعارضة فيصل بن شملان وهي تطالب بعملية التغيير.

فاليوم صار الجميع - سلطة ومعارضة ومستقلين ورجال مال وأعمال ومؤسسات مجتمع مدني - يدركون أن التغيير والإصلاح الذي يتطلبه واقعنا الموبوء بسوء الإدارة مع وجود وجبة ثقيلة من الفساد، على حد تعبير الكاتب الكويتي د. محمد الرميحي، لم يعد ضرورة فقط.. بل إنه صار ضرورة حتمية وغير قابل للتأجيل، خاصة بعد ما صار الفساد المنظم يمثل العامل الأول المعيق للاستثمار والتنمية.

ويحسب للمعارضة في هذه الانتخابات أنها أثبتت حضورها الفعلي في الشارع السياسي، وهذا ما يعني أن لدينا معارضة قوية، والمعارضة القوية مفيدة جداً لقوى التحديث في الحزب الحاكم الداعية للتغيير والإصلاح.. فالمعارضة القوية ستساعد هذه القوى في السلطة لكي تنتقل من موقع المقود إلى موقع القائد لتكون سنداً قوياً للأخ رئيس الجمهورية وداعمة له في ترجمة برنامجه الانتخابي الذي وعد فيه الشعب بالقضاء على الفقر ومحاربة الفساد والحد من البطالة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى