حذار من الضحك على رونالدينيو

> «الأيام الرياضي» لويس سيزار مينوتي:

>
رونالدينيو
رونالدينيو
كلما شارك برشلونة في مباراة وبدأت الكرة تدور يصبح مؤكداً بأن مستوى الأداء وإن لم يكن مخططاً له من قبل يحتوى على ذلك العمق التكتيكي.. فكل أداء ينفذ تواكبه طائفة من الاحتمالات لاحد لها فضلاً عن السيناريوهات المتعددة التي يختار من بينها هذا النادي ويجري عليه التعديلات المطلوبة وفق المعلومات التي تحصل عليها.. هذه السيناريوهات المتعددة تعتبر بمثابة بوصلة يسترشد بها الفريق خلال أشواط المباراة وتتيح له في نفس الوقت للتصدى لكل التحديات التي تبرز بكفاءة عالية تعتمد على الشعور الجماعي العميق.. ولعل هذا يقف دليلاً ساطعا بأن أسلوب برشلونة استراتيجي أكثر من مبرمج.. وفي ظل هذا الأسلوب تبرز ملامح الساحر رونالدينيو الذي تساهم كل حركة يقوم بها في زعزعة وتصديع الفريق الخصم.. وبأداء هو تحف من الجماليات فإن مبارياته تجهزنا لمشاهد تزرع فينا الأمل بل وتغرينا للتمعن في هذه المهارات التي تبدو وكأنها موروثة أكثر منها مكتسبة.

أحياناً يعترينا اليأس حينما تمر الدقائق متثاقلة باهتة إلا أن المشهد يتغير رويدا رويدا ويطل السحر من بين ثنايا المباراة وتتبدى جماليات الأداء ممزوجة بتهديد دفاعات ترسانة الخصم .. وفجاة وفي أقل من كسر الثانية يتحول الأداء الباهت إلى هجوم صاعق يعتمد على المهارات الطبيعية للاعب .. ولعل أبلغ الأمثلة على ذلك الركلة الحرة التي نفذها قبل أيام لمرمى فيردر بريمن الالماني في دوري الأبطال .. هناك ظهرت وتأكدت فنون الساحر البرازيلي فقد حاول الحارس عبثا استغلال الحائط الذي كان أمامه لتضييق الزاوية التي حاول رونالدينيو تسديد الكرة إليها غير أن الخدعة لم تنطل على رونالدينيو الذي أتى بما لم يكن في الحسبان ، فقد سدد الكرة من تحت أقدام اللاعبين وكأنه يريد أن يؤكد للجميع ألا أحد يستطيع أن يضحك عليه.. وتمكن من تلك التسديدة الزاحفة تحت الأقدام من تسجيل هدف حطم ثقة الفريق الألماني وجرده من المعنويات بقذيفة من على بعد 30 متراً.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا يتحول رونالدينيو أحياناً إلى شبح هائم على وجهه ويغرد بعيداً عن سرب المجموعة.. ولماذا رغم المواهب النادرة لايتناغم مع المباراة ولماذا يهدر أحياناً الفرص النادرة ويلجأ إلى أسلوب الاختراقات الفردية التي لاتعبر عن مهاراته الاسطورية.

الإجابة على هذه التساؤلات تكمن في جينات اللاعب نفسه.. فبالنسبة لهم فإنه من الأفضل عدم الاعتماد على التحركات الجامدة المحددة حتى لايفقد بريقه الذي يشع من فنياته العالية.. وكل من يحاول تحليل مهاراته في الملعب بتعمق فلن يجد متسعاً من الوقت .. ولأنه رونالدينيو وليس جوهان كرويف ولا مارادونا ولابيليه فهو الساحر الذي ينتقل ويتحرك على ساحات الخيال ويسجل أهدافاً تسيطر على الحواس وتثير آهات الاعجاب ..نعم هو قادر على خلق هذا الشعور المدهش لعلاقته وارتباطه الوثيق بالكرة .. هذه العلاقة الخاصة لاتتوفر إلا لقلة تعد على الأصابع وتضع بصماتها على جبين اللعبة .. لهذه الأسباب أصدر له برشلونة شيكاً على بياض كما أن اللاعبين والمدرب أبرموا اتفاقاً وحلفاً مع هذا الساحر.. ولعل من المزعج والمقلق أن يفتقد الكثيرون أحياناً فاعليته لفترات طويلة ولكنه سرعان مايشرق مجدداً ويعوض هذا النقص بعروض جذابة مذهلة.

ولعل تعقيدات أدائه جلية لكل فرد ويمكن الاحساس بها في كل جولات المباريات فالجماهير تنتظر ابداعاته على أحر من الجمر ولكن هذا الانتظار مدفوع الثمن حينما يتجسد ويجتمع هذا الجمال الأخاذ وهذه الكفاءة العالية في لاعب واحد.. إنه رونالدينيو اللاعب الذي يستطيع حسم مباراة كاملة بحركتين والذي يمزج الروعة مع المهنية العالية للأداء.. ولعل هذا يفسر متعة الانتظار .

نقلاً عن صحيفة «الرياضية» السعودية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى