علي عبدالله صالح دليلنا الصغير وأحاديث لـ«الأيام»:أهالي القلوعة أنهكهم الجوع والفقر والعراء

> «الأيام» كفى الهاشلي:

>
أهالي القلوعة
أهالي القلوعة
القلوعة واحدة من مناطق مديرية البريقة التي لا يعرفها الكثير منا وقد يتصور الانسان عندما يراها أنها ليست على خارطة محافظة عدن ، لكنها البادية في قلب الحضر، عزلها موقعها عن أنظار الجميع وتكبد أهاليها قسوة الحياة وعناء الفقر حتى بات الجوع والجهل والعراء الغذاء اليومي لسكانها.

من بين أطفالها دليلنا الصغير علي عبدالله صالح، ومع كبارها تبادلنا الحديث لنخرج بصورة متواضعة عن واقع مرير لعلها تحرك ساكنا في قلوب المسؤولين للنظر في أمر هؤلاء الناس.

بعد حضورنا يوم الخميس 21 ديسمبر اللقاء الثالث لاتحاد نساء اليمن المنعقد في عدن وبحضور رئيس الجمهورية فخامة الأخ علي عبدالله صالح، انطلقنا بحسب برنامجنا الى مديرية البريقة وتحديداً منطقة القلوعة، وكنا معتقدين أننا لن نجد مأساة أسوأ من التي وجدناها في المخنق ومشهور (بعض ضواحي البريقة) لكننا تفاجأنا بواقع يختلف تماما عما كنا نظن، إنها القلوعة واحدة من افقر مناطق البريقة، أهاليها يعيشون حياة البادية.

والوصول إلى القلوعة يعني أنك ستسير عبر طريق بير أحمد وبعد عشرين دقيقة تقريبا ستخرج عن مسار الطريق العام المسفلت الى اليسار حيث ستجد نفسك تتخبط بين أشجار الصحراء وأبقار وأغنام رسمت عليها المجاعة صورة مأساوية. منذ الوهلة الأولى مضينا في جو متلبد بالغيوم وكأننا في رحلة الى عالم آخر، وما إن وطئت أقدامنا القلوعة بين مساكن أهلها حتى ترجلنا من السيارة لندق باب العم بجاش، والباب طبعا لا يحتاج الى القرع أو ضرب الجرس لأن كل شيء مكشوف أمامنا.. أخشاب المنزل بكى عليها الزمن ورثاها فلا تستطيع أن تمنع أشعة الشمس وقطرات المطر.. وكان نداء العم (سعيد بردجة) سائق السيارة هو الوسيلة الوحيدة لنعلم العم بجاش بقدومنا، الجميع رحب بنا وانطلقنا بالأسئلة عن أحوالهم، وقال العم بجاش: لدي ثلاثة عشر ولدا وأصغرهم يبلغ من العمر سبعة عشر وأنا متقاعد منذ زمن طويل، حيث كنت أعمل في شركة مصافي عدن أما أولادي فلا يعمل منهم أحد وهذا حال كل الشباب هنا فلا ينظر أحد إلينا.

ثم أشار العم بجاش الى ما يسميه بيت وهو عبارة عن أربعة أعمدة وعليها قطع من القش والزنك وقال: هذا بيت ابني فلقد تزوج وهو لا يعمل ولم أستطع منعه من الزواج بحجة الظروف الصعبة.

بعدها جاءت زوجة ابنه وعندما سألناها عن البيت قالت ممازحة: «شعوا الكبت وينه» وأشارت باصبعها إلى ما يشبه صندوقا مرميا خارج العشة.

انتقلنا إلى عائلة أخرى وهي عائلة عبدالله صالح وتفاجأنا بأن لديهم طفلاً اسمه علي أقبل علينا يحدثنا عن أسماء أولاد جيرانهم وراح يصف أحوالهم الصعبة، وقلنا له تحدثنا عن الظروف الصعبة وأنت (الرئيس)، فضحك وقلنا لأمه بمن هو مسمى قالت: برئيس الجمهورية.

وبعد الانتهاء من الاسئلة قلنا له شكراً ايها الرئيس فضحكت أمه التي تعلم أن البون شاسع بين هذا وذاك.

جاءنا علي بأسرة أخرى حدثتنا ربة الأسرة بأن لديها طفلا معاقا لا تعرف كيف تساعده، وقالت: لدي طفلتان (أماني وتهاني) وهما توأمتان لكنهما تختلفان عن بعضهما إذا دققتم النظر، ولدي طفل معاق لا أعرف كيف اساعده أو الى من أتوجه، أريدكم أن تكتبوا أسماء أطفالي كلهم.

قاطعتها الاستاذة ماجدة الصنعاني المتخصصة بشؤون المعاقين وقالت: سأحاول أن أساعدكم لكننا الآن جئنا لأجل استطلاع أحوالكم مع جمعية الفردوس.

التعليم في القلوعة
الوقت كان باكراً عندما كنا هناك، لكن الاطفال لم يكن مكانهم المدرسة بل كانوا في منازلهم بين ذويهم ملتحفين السماء ومفترشين رمل الصحراء، فكيف تستطيع عائلاتهم تعليمهم في الوقت الذي لا تملك لقمة العيش.

النساء كن يجلبن الماء من مسافات شاسعة ويحضرن الحطب والكلأ، تعمل النساء بينما يحتار الرجال ويتأمل الصغار.

عائلة أخرى تسمى (البيسي) وآل مسعود وآل فارع.. منها من جن رب الأسرة ومنها من مات رب الأسرة ومنها من بقي لا حول له ولا قوة، ومنها من زوّج بناته في سن صغيرة للخلاص من عبء المصاريف كما يقولون، ومنهم من يعاني الإعاقة.

القلوعة واحدة من مناطق مديرية البريقة
القلوعة واحدة من مناطق مديرية البريقة
الماء حلم بعيد عنهم، والكهرباء متغيبة عنهم وكسرة الخبز والشاي هي الوجبة الرئيسية لهم.

رحلنا من القلوعة ونحن مدركون أننا سنعود لها مرة أخرى ولو بالشيء اليسير، وفعلاً بعد يومين عدنا مع جمعية الفردوس وجمعية رعاية الأطفال لدعم العائلات بكسوة العيد ، حيث تدرك الفردوس بحسب ما لديها من معلومات أن أحوال الناس صعبة جدا وأن القلوعة واحدة من المناطق الفقيرة في البريقة، وأهاليها بحاجة الى الماء والغذاء كما أنهم بحاجة للتوعية والتعليم وإلى الاهتمام بشأن المعاقين.وقالت المهندسة سميرة عبدالله نصر: القلوعة مثلها مثل المخنق ومشهور وقعوة تحتاج إلى المساعدة، وهذه الكسوة هي دعم من مؤسسة الصالح وهي عبارة عن بعض الملابس الخاصة بالبنات والأولاد.

أما الأخت فاطمة يسلم فتقدمت بمجموعة من الملابس لعدد من الأسر الفقيرة في المنطقة، وهي التجربة التي قامت بها في منطقة فقم وعمران وقعوة حيث تتلمس مشاكل الأطفال بحكم تخصص الجمعية برعاية الاطفال الذين يعملون والمتسربين من المدارس لأسباب أهمها الفقر. وفي الاخير تبقى صرخات أهالي القلوعة التي خطتها أقدام الأطفال الذين ظلوا معنا حتى وصولنا للطريق العام وخاصة الطفل علي عبدالله صالح، الدليل الصغير، وكانت عباراتهم تناشد بصوت واحد وتقول: «لا تنسونا فنحن هناك حيث لا تستطيعون أنتم الحياة ننحت الصخر ونبحث عن نبع الحياة ونقول لكم إنكم راعون ومسؤولون عن رعيتكم.. الماء والخبز والمسكن ثم العمل والتوعية إن أمكن».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى