عادات وتقاليد عيدي الفطر والأضحى في حضرموت

> «الأيام» عبدالقادر باراس:

>
عبدالقادر باراس
عبدالقادر باراس
لحضرموت إرث غني ما يزال عالقا في الاذهان ومسجلا في دواوين التاريخ، يحكي عن عبق جذورها وأصالتها منذ القدم، حيث مازال الكثير من العادات والتقاليد متبعاً في بيئتها بمدنها ومناطقها وقراها المختلفة المترامية الاطراف.

وللوقوف على أهم تقاليدها وعاداتها المتبعة في ظل أجواء عيدي الفطر والاضحى، نفرد منها ما تيسر لنا ذكره، كونها مناسبة تمتزج فيها الحياة الاجتماعية بالدينية والتراثية.

شهر ذي الحجة
في الثامن من شهر ذي الحجة يسميه اهالي مدينة تريم «ليلة الحياء الصغير» حيث يحيون تلك الليلة ويوزعون خلالها ما يوفرونه من حلويات، وفي آخر الليل يتناولون طعام السحور لصيام يوم عرفة.

وترتب جلسة عصر يوم عرفة في ساحة كبرى، ويقرأ خلالها دعاء عشر ذي الحجة عشرات المرات بالتلقين للحاضرين، وهناك عادة متبعة عند الأهالي مع وقت قرب دخول المغرب وذلك بتقديم التمور والماء والقهوة والإفطار للصائمين، وبعد الانتهاء من الافطار تقام الصلاة فيصلون المغرب ويكبرون بعد الصلاة جماعيا.

والعادات المتبعة بعد صلاة عيد الأضحى هي نفسها المقامة في عيد الفطر.

ومن المؤكد أنه في الاعياد تذبح ذبيحة أو ذبيحتان كل حسب مقدرته، وقبل الذبح ينوي كل واحد النية المطلوبة ويكبر، ويأتي بكل ما هو مطلوب من الاذكار على أضحيته ويستقبل القبلة ومن ثم يبسمل، ويستمر ذبح الأضحية خلال ايام التشريق، ويتهادى الاقارب والجيران من لحوم الأضاحي ويتزودون من لحومها لحفظه ويعطون بعضه للفقراء والمحتاجين، ويتم في صباح اليوم الاول من العيد طهي الكبد والرئتين والكلى او ما يسمى بـ(المعلاق) بالإضافة الى بعض اللحم المشوي، أما طعام الغداء فيتكون غالبا وخلال الثلاثة الأيام الاولى من العيد من اللحم والخبز(البر) حيث يكون اللحم في اليوم الاول (مضبي) على الحصى، وأحيانا اخرى (مندي) يطبخ في التنور.

العيدية
هناك عادة متبعة تعرف بـ «العيدية»، أي توزيع المال من قبل الجدة «الحبابة» على الأطفال بعد أن يصافحوها ويشمو على راسها، وهي بمثابة هدية العيد التي يسعد بها الاطفال ويشترون بها الآيسكريم «مصه» والمشرباوت الغازية والعصائر.

العواد
يتم تبادل التهاني والتبريكات بهذه المناسبة ليزداد الترابط والتراحم فيما بين الناس والتي تكون في اليوم الاول عند الاقارب بعد صلاة العيد (الزينة) أما في صباح اليوم الثاني فيتم الاجتماع عند أكبر رجالات القبيلة ليتبادلوا فيما بينهم التهاني والتبريكات، وفي أثناء الزيارات يتم توزيع المشروبات والكعك، أما فيما يتعلق بالنساء فعادة يكون العواد من عصر اليومين الثاني والثالث من العيد.

القيلة
وهو الخروج في صباح أيام العيد بعد العواد إلى خارج القرية الى أماكن معينة تكون قريبة من قريتهم كالجبال والسدود، فيجتمعون هناك في مجموعات لحالهم سواء أكانوا اصدقاء أو أقارب فيذبحون الذبائح ويضعون اللحم في المضباة، إضافة الى إعداد الشاي. وفي عصر اليوم نفسه يجتمع بعض الناس بمكان مخصص في خارج القرية ليقوموا بعمل(التغريض) أي التسديد بالأعيرة النارية نحو هدف معين، ويستمر ذلك حتى قبيل المغرب ولمدة ثلاثة أيام.

اما المرواح فمعناه الخروج من البيت بعد العصر. حيث تروح العائلات عن نفسها بالذهاب الى الأماكن العامة كالحدائق والسواحل ، ويستمر ذلك لمدة أسبوع، أما في المناطق الريفية فلهم طريقتهم .

الليالي الست من شوال
يتهيأ الناس في حضرموت لاستقبال عيد الفطر في أواخر رمضان الكريم، حيث ينتظر الاهالي رؤية هلال العيد الذي يستعدون له بشراء الملابس وإعداد الكعك، وعند ثبوت رؤيته يعلن بواسطة إطلاق أعيرة نارية إعلاما للناس وفرحة بمقدم العيد، بعدها تضاء أنوار المنازل بشكل لافت للنظر ويكبّر في المساجد تكبير العيد إعلانا بحلوله.

ويحيي الناس ليلة عيد الفطر في المساجد والبيوت بتلاوة القرآن والاذكار، ومنهم من يستمر حتى يحين وقت دخول صلاة الفجر، وفي ليلة العيد يظل الاولاد مستيقظين الى الصباح (الصبّاحين) من ليلة العيد، وبعد شروق الشمس يذهب الجميع لاداء صلاة العيد في جامع واسع أعد له مسبقا يعرف بـ ( الجبانة) مصلى للعيد، وخلال سيرهم يلهجون بالتكبير في الطرقات بصوت جماعي : «الله اكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد» وذلك اتباعا للسنة المطهرة الى أن يصلوا إلى الجبانة (المصلى) وآخر من يصل إلى الجبانة هم المشايخ ومن بينهم الخطيب الذي يؤم المصلين في صلاة العيد.

جانب من العادات والتقاليد في مدينة حضرموت
جانب من العادات والتقاليد في مدينة حضرموت
وتتبع عادات صلاة العيد في مساجد كثيرة من مختلف أنحاء حضرموت، حيث تُقرأ الأدعية وتقام صلاة (الزينة) جماعة، وبعد الصلاة تلقى خطبة العيد، ثم التسبيح ومن ثم ترتب الفاتحة ويمرر البخور على المصلين، بعد ذلك يصطف كبار من أعيان المنطقة وعقلائها مشكلين صفا واحدا ليتلقوا التهاني بهذه المناسبة المباركة، ومنهم من يردد بقوله « اللهم بعودة سالمين، سالمين من النار آمين»

. بعد تبادلهم التهاني يعودون إلى بيوتهم ليجتمعوا مع أهاليهم، ومنهم من يتفرغ قبل أداء صلاة العيد لإخراج زكاة الفطر.

ثم يقوم كل واحد بالاغتسال المسنون للعيد ويتزين بالملابس ويتطيب ليخرج قاصدا أداء صلاة العيد.وعقب خروج الجميع من مصلى العيد (الجبانة) يصافح بعضهم بعضا ويتبادلون التهاني والتبريكات بحلول العيد، وهناك عادة يؤدونها بعد صلاة العيد حيث يتجمعون في ركن (الجبانة) مصلى العيد، ليستمعوا إلى ما تيسر من القرآن الكريم والأذكار، وترتب الفاتحة مبتهلين الى الله بالدعاء، بعدها ينصرف الجميع. وتنعقد خلال ليالي الست من شوال ختومات في بعض المساجد تشبهاً بختومات شهر رمضان الكريم، وذلك بعد صلاة العشاء، وتنشد الأناشيد المسماة (الحضرة) وينتهي الختم في كل مسجد بترتيب الفواتح والابتهال الى الله في الدعاء، وينصرف الحاضرون سائلين من المولى القبول، والعبادة في خير لطف وعافية وسلامة.

تم الاقتباس بتصرف من كتاب

«الدليل القويم في ذكر شيء من عادات تريم» للمؤلف السيد حامد محمد بن عبدالله بن شهاب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى