ولي العهد السعودي في حديث صحفي:مهتمون بالدور الكبير الذي يلعبه اليمن في المنطقة العربية

> «الأيام» عن «الشرق الأوسط»:

>
الأمير سلطان بن عبدالعزيز
الأمير سلطان بن عبدالعزيز
أكد سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام بالمملكة العربية السعودية في رده على سؤال كيف يقيّم سموه التعاون بين دول المجلس والجمهورية اليمنية؟

أن «هناك الكثير من التطورات الإيجابية في مجالات التعاون بين دول المجلس واليمن الشقيق، ولعلكم تذكرون مؤتمر المانحين الذي عقد في لندن في شهر شوال برعاية دول المجلس، وكيف أن دول المجلس استطاعت حشد التأييد لتمويل احتياجات اليمن الشقيق، وتعزيز الشراكة معه.

كما أن اليمن انضم لعدد من المؤسسات الخليجية في دول المجلس، مما يؤكد اهتمامنا بالدور الكبير الذي يلعبه اليمن الشقيق في المنطقة العربية».

في مايلي نص الحديث :

أجرت صحيفة «الشرق الأوسط» في عددها الصادر أمس حوارا مع سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، أجراه الزميل طارق الحميد وفي ما يلي ننشر بعضا مما جاء في الحوار :

< صاحب السمو ولي العهد، هناك طروحات كثيرة من قبل الإدارة الأميركية عن «إعادة تقويم» للعمل في الساحة العراقية، خصوصاً في الجانب الأمني والعسكري، وقد تحدث الرئيس بوش عن استراتيجية جديدة، وما احتواه تقرير لجنة بيكر - هاملتون من مشروعات حلول للأزمة العراقية وتسهيل خروج الأميركيين من هناك، فما هو موقفكم من التقسيم والفيدرالية في العراق؟

- نتألم كثيراً لما نشاهده في العراق من دماء تجري، ومن أنفس تزهق، ومن تدمير عشوائي أتى على الصغير والكبير، والرجل والمرأة، والأخضر واليابس، وما يدور على أرض العراق الشقيق يعد بكل أبعاده مأساة إنسانية كبيرة، تدور فيها عجلة التدمير بلا رحمة، ولا هوادة، ومن دون أي اعتبار أو مراعاة لقوانين، أو أعراف، أو منطق، أو إنسانية.. وهذه المشاهد التي تتكرر منذ أكثر من ثلاث سنوات تؤلمنا في المملكة العربية السعودية، بل وفي كل أنحاء العالم العربي والإسلامي. والسياسة السعودية تجاه ما يحدث في العراق الشقيق تنطلق من واقع مسؤولياتنا العربية وواجباتنا الإسلامية للحفاظ على أرواح العراقيين، ووحدة أراضيهم. ولهذا فنحن حذرنا وما زلنا من دعوات تقسيم العراق التي تطرح بين حين وآخر بدعوى حقوق الطوائف، أو حرية الأقليات، أو غيرها من استدعاءات التمزق وتوظيفات التفتيت المذهبي والعرقي. وهذا الفكر التقسيمي ليس جديداً على المنطقة، فهو يطل بين وقت وآخر ويأتي بهدف واحد فقط وهو الضغط على المواقف الثابتة للأمة العربية والإسلامية لمساومتها على حقوقها المشروعة ومسؤولياتها التاريخية. وما نسعى إليه في المملكة العربية السعودية من خلال النداءات المتواصلة لخادم الحرمين الشريفين - أيده الله - وحثه للأشقاء في العراق على تحكيم العقل، والخروج من مأزق الاقتتال الذي قد يؤدي إلى التقسيم لا قدّر الله. وما تقوم به المملكة كذلك من خلال جهودها المتواصلة عبر مجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومن خلال الأمم المتحدة، هو التأكيد على الرغبة الصادقة والمخلصة للمملكة العربية السعودية في وضع حد لهذه الأزمة.

< استكمالا للسؤال السابق، كيف يرى سموكم سبل خروج العراق من هذه الأزمة؟

- عطفا على ما أشرت إليه في إجابتي السابقة، فإن هناك جملة عوامل أثرت على تردي الوضع الأمني والسياسي في العراق، وهنا نتمنى من بعض دول الجوار أن يكون تعاونها لما فيه مصلحة العراق وشعبه، ولهذا فإن إخلاص النوايا وما يتبع ذلك من عمل حقيقي لوقف دعم الطوائف والتيارات داخل العراق هو الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح. ولا يجوز أن يكون العراق ورقة مساومة لتحقيق أهداف سياسية. كما أن على قوات التحالف في العراق إعادة النظر في أهداف وجودها، واستراتيجيات بقائها، لأن السؤال الذي ينبغي طرحه: ماذا حققت هذه القوات منذ دخولها الأرض العراقية؟ وهل الاستراتيجية التي تعمل بها هذه القوات حققت أي جانب إيجابي في ذلك؟ وهل هناك بدائل استراتيجية ينبغي التفكير فيها مع تردي الوضع القائم في العراق؟

وفي جانب آخر ينبغي أن تبدأ المؤسسات السياسية في العراق في فتح حوار وطني شامل تحت مظلة وطنية تدخل تحتها كافة القوى والمؤسسات العراقية من أجل مصارحة ومكاشفة تبني مستقبل العراق، وتنهض بشعبه، وتؤسس لدولة العراق الجديد، على أساس من الثوابت المشتركة التي يتم فيها تغليب مصلحة المواطن العراقي العادي فوق أي مصلحة طائفية أو حزبية أو عرقية.

ومن أجل إنجاح مثل هذه الجهود والخروج من المأزق الحالي، أدعو كذلك المؤسسات الإعلامية داخل العراق وخارجها للوقوف في صالح المواطن العراقي، وعدم الانجراف نحو تهويل الواقع وإثارة الفتن وتفتيت الصف. والجميع يعلم أن التغطيات الإعلامية المبالغة تغذي الإرهاب، وتقوي من شوكته. ولهذا قد تصبح التغطيات الإعلامية هدفا تسعى إليه المنظمات والخلايا الإرهابية، مما يجعل الإعلام جزءا من دائرة العنف وطرفا في المشكلة.

< صاحب السمو ولي العهد، كانت هناك انتقادات من بعض المراقبين لتأخر السعودية في إلقاء ثقلها في الأزمة العراقية، بما تملكه المملكة من ثقل إسلامي وعربي ودولي، ما رأيكم في ذلك؟

- الموقف السعودي كان واضحاً منذ البداية، ويتمثل في التأكيد على أمن واستقرار العراق واستقلاله، والمحافظة على وحدة شعبه وأراضيه. وقد حذّرت المملكة في أكثر من مناسبة من خطورة التدخّلات الخارجية في الشؤون الداخلية للعراق. ولهذا فإن المملكة باعتبارها ضد سياسة التدخل لم ولن تتدخل في الشأن العراقي الداخلي تاركة المجال لأبنائه كي يجدوا السبل الكفيلة بخروجهم من الأزمة التي يعيشونها. وترحّب المملكة بأي جهد يبذل في هذا الصدد. وقد استضفنا أكثر من اجتماع يأتي في إطار لمّ الشمل العراقي، كان آخرها الاجتماع بين أبناء الشعب العراقي في مكة المكرمة في شهر رمضان الماضي، والذي أسفر عن إعلان وثيقة مكة المكرمة، مما يعزّز فرص تحاور الأطراف، وتقارب المواقف.

كما أن لقاء خادم الحرمين الشريفين مع مختلف أطراف التصالح وحثه لهم هو تعبير من قيادة هذه البلاد وحرص منها على تجنيب العراق الأزمة الطاحنة التي يمر بها. وندعو الله أن يحفظ العراق وشعبه وأن يوقف ويلات الخراب والتدمير والعبث والفوضى التي تستنزف شعب العراق وثرواته.

< صاحب السمو ولي العهد، كيف تقيّمون علاقة بلدكم اليوم مع إيران، على ضوء تفاعلات الملف النووي الإيراني وتأثيره على منطقة الخليج، خصوصاً أن موقف سموكم الدائم هو منطقة خالية من كل أسلحة الدمار، آخذين بالحسبان بيان «قمة جابر» التي أقرت حق دول مجلس التعاون الخليجي في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية؟

- الموقف السعودي واضح كل الوضوح في هذا الصدد. فنحن دائماً وباستمرار ندعو إلى خلو منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي. ونعلم أن إسرائيل تمتلك ترسانة من الأسلحة النووية، ويجب أن يبادر المجتمع الدولي في الضغط عليها للتخلص من هذه الترسانة وتجنيب المنطقة أخطار هذا السلاح، في إطار خطة للسلام الشامل والنهائي في المنطقة، والانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

أما ما يتعلق بملف ايران النووي فنحن دائما مع حل النزاعات بالطرق السلمية واحترام الشرعية الدولية في هذا الشأن. وفيما يتعلق بما أشرت إليه من قرار «قمة جابر» فإن الأمر في طور الدراسة، والهدف هو إيجاد برنامج مشترك في مجال التقنية النووية بين دول المجلس للاستخدام في الأغراض السلمية وسيتم في هذا الشأن مراعاة المعايير والأنظمة الدولية.

< عطفاً على موضوع الشأن الخليجي، كيف يقيّم سموكم التعاون بين دول المجلس والجمهورية اليمنية؟

- هناك الكثير من التطورات الإيجابية في مجالات التعاون بين دول المجلس واليمن الشقيق، ولعلكم تذكرون مؤتمر المانحين الذي عقد في لندن في شهر شوال برعاية دول المجلس، وكيف أن دول المجلس استطاعت حشد التأييد لتمويل احتياجات اليمن الشقيق، وتعزيز الشراكة معه. كما أن اليمن انضم لعدد من المؤسسات الخليجية في دول المجلس، مما يؤكد اهتمامنا بالدور الكبير الذي يلعبه اليمن الشقيق في المنطقة العربية.

< سمو الأمير إلى أين يسير ملف تخصيص الخطوط الجوية السعودية؟

- تسير مراحل المشروع الاستراتيجية لتخصيص الخطوط الجوية العربية السعودية والحمد لله وفق أسس علمية شاركت في وضعها بيوت خبرة وشركات عالمية متخصصة. فالعمل يتم حالياً على الانتهاء من تنفيذ مراحل معينة في هذا المشروع. ونقطة البداية هي إعادة الهيكلة الشاملة للمؤسسة، وذلك بتحويل الوحدات غير الأساسية إلى وحدات استراتيجية وفصلها عن المؤسسة بالتزامن مع إجراءات التخصيص، وبالتالي تحويلها إلى شركات يتم بعدها تحويل المؤسسة إلى شركة قابضة.

وقد تم البدء فعلياً بالإعلان عن تخصيص قطاع التموين لاستقطاب شركاء استراتيجيين ومستثمرين ماليين لتكوين شركة جديدة للتموين. والعمل قائم لاختيار الشريك الاستراتيجي المناسب حيث سيتم الانتهاء من ذلك خلال الأشهر القادمة.

كما سيتم بإذن الله خلال عام 2007، استكمال الإجراءات المطلوبة لتخصيص القطاعات الأخرى ومن أهمها خدمات المناولة الأرضية، والشحن، والخدمات الفنية. وفي إطار تحقيق هدف الخصخصة سيتم استكمال المتطلبات الأساسية لتجهيز أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران لتصبح مركزاً عالمياً للتدريب الأولي للطيران على جميع أنواع الطائرات، والتدريب على صيانة الطائرات، لتخريج الكوادر المؤهلة من الطيارين ومهندسي الصيانة لتغطية متطلبات سوق العمل بالمملكة، وسيتم تقديم هذه الخدمة لشركات الطيران الأخرى.

أما بالنسبة لوحدة الطيران الأساسية فالعمل قائم قبل الانتهاء من مرحلة تخصيصها بوضع الأهداف الاستراتيجية المناسبة للعمل على استمرار تطويرها، وتحديثها بما في ذلك مجال تدريب الموظفين من الكوادر الوطنية المؤهلة والعمل على وضع البرامج التي تساهم في إرضاء المسافرين وتقديم خدمة النقل الجوي لجميع المواطنين والمقيمين وزوار هذا البلد الكريم على أفضل وجه.

والمرحلة الأخيرة من مشروع الخصخصة هي طرح نسبة من أسهم هذه الشركات، بعد جاهزيتها الاستثمارية، للمواطنين للاكتتاب العام ضمن سياسة الدولة في الشراكة بين المؤسسات والشركات الحكومية وبين المواطنين.

< صاحب السمو ولي العهد، تحدثتم عن حرصكم على القضاء على البطالة في السعودية، هل من شرح عن رؤيتكم لذلك، وهل يعني هذا أن السعودية ستحد من استفادتها من الخبرات الأجنبية من أجل إحلال السعوديين في الوظائف؟

- إن سياستنا التي نسير عليها في المملكة بخصوص معالجة مشكلة البطالة تتمثل في استراتيجية من عدة محاور، من بينها أولاً: الحد التدريجي من العمالة الوافدة من الخارج، وقصرها في حدود متطلبات التنمية وحاجات المجتمع الأساسية. ثانياً: توجيه السعوديين إلى وظائف جديدة لم تكن متاحة للشباب السعودي وذلك بعد تأهيلهم وتدريبهم لمثل هذه القطاعات. ثالثاً: فتح مشروعات تنموية واقتصادية ضخمة مثل المدن الاقتصادية والصناعية والمالية الكبرى وغيرها من المشروعات التنموية في مختلف مناطق المملكة.

وهذه المشروعات الضخمة ستستوعب مئات الألوف من الشباب السعودي، وتحقق برامج التنمية المتوازنة بحيث أنها تشمل جميع مناطق المملكة، وبذلك سيجد كل طالبِ عملٍ فرصته للعمل في منطقته التي يعيش فيها. ولهذا فنحن متفائلون بأن البطالة لن تمثل لنا مشكلة تذكر خلال السنوات الخمس المقبلة إن شاء الله تعالى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى