المدينة الفاضلة
> «الأيام» د. مبارك حسن الخليفة:
> أفلاطون، الفليسوف اليوناني (427-347 ق. م) حلم بالمدينة الفاضلة، وجاء بعده بزمن طويل الفيلسوف العربي الفارابي (ت: 950) ليحلم ايضا بالمدينة الفاضلة. وعلى الرغم من الفارق الكبير والكبير جداً بين الفيلسوفين وفتاة ناشئة تخطو أولى خطواتها في ميدان الكتابة الأدبية، إلا أنه من حقها أن تحلم أيضا بمدينة فاضلة، تلك الفتاة هي (مروة السنهوري) السودانية التي تعيش في الشارقة بدولة الإمارات.
أدعوك أيها القارئ الكريم لزيارة هذه المدينة الفاضلة، فأبوابها مشرعة.. تفضل بالدخول.
أنامل مبعثرة
بقلم مروة السنهوري
بعد أن سمعت صافرة قطارك المنذرة، رحلت من محطة العشاق مثلما رحلت، رأيت ظل عائلة كانت موجودة فلم أهتم بالأمر ثم وجدت أوراق كتاب التاريخ المبعثرة في مكتبات المدينة، ايضاً لم أهتم بالأمر، وجدت البدر من فوقي فإذا به يتوجني ملكة في مملكته، وإذا بالثلج من خلفي وأمامي وعن يميني وشمالي كلآلئ القمر المضيئة وأنا كنت صاحبة المملكة.
كان دستور الدولة يمنع الكُره منعاً باتاً ويفرض الصفاء والعدل بين الناس ذوي الوجوه السمراء والبيضاء والسوداء، ولا توجد في هذه المساواة المدينة تفرقة، المساواة فيها واجب تنفيذها ولا توجد في هذه المدينة أنامل إلا وكانت تخط كلمات الشعر المبعثرة، ولا يوجد فرد حزين، فكلهم سعداء، حتى الحزين متفائل بحياته، لا توجد في مدينتي مهن مختلفة، لا يوجد مهندس لأنه لا يوجد بناء، فهذه المدينة بنيت بيوتها من الورود البيضاء، بماء الورد الأحمر، ولأنها وجدت هكذا منذ أن أصحبت ملكة لها، ولا يوجد طبيب لأنه لا توجد أمراض تصيب الناس، فالجو نظيف وصاف، لأن المدينة بها أنفس صافية نقية، ولا يوجد محامون لأنه لا توجد لدى الأهالي قضايا، كانت ألوان الورود تزهر المكان ولون الثلج الأبيض يكسو المكان بحلية جميلة ويجعلها الفتاة العاشقة بالثوب الأبيض المتلألئ وصوت النغمات أسمعها لدى العشاق وأصوات الضحكات تملأ المكان، أسمع النصائح من أفواه الحكماء يبثونها للجميع.
لكل شخص في مدينتي شيء يميزه، ضحكات الأطفال البريئة تملأ المكان وتسعد الأمهات وتبهج الأجداد وتعجب الآباء، كل شيء جميل في مملكتي، كل شيء حتى شوك الأشجار جميل فيها فهو يمثل صعوبة الحب وعذابه، وحتى النار في مدينتي جميلة ورائعة لأنها تمثل لهب الحب وشوقه، إن النظر في مدينتي إلى وردة بيضاء ندية ينزل منها ماء الأمطار الذي كان في الأمسية الماضية بمثابة كل جماليات ونشوة الدنيا الطرية، هذا كلٌ يا سيدي بعد أن رحلت.
أدعوك أيها القارئ الكريم لزيارة هذه المدينة الفاضلة، فأبوابها مشرعة.. تفضل بالدخول.
أنامل مبعثرة
بقلم مروة السنهوري
بعد أن سمعت صافرة قطارك المنذرة، رحلت من محطة العشاق مثلما رحلت، رأيت ظل عائلة كانت موجودة فلم أهتم بالأمر ثم وجدت أوراق كتاب التاريخ المبعثرة في مكتبات المدينة، ايضاً لم أهتم بالأمر، وجدت البدر من فوقي فإذا به يتوجني ملكة في مملكته، وإذا بالثلج من خلفي وأمامي وعن يميني وشمالي كلآلئ القمر المضيئة وأنا كنت صاحبة المملكة.
كان دستور الدولة يمنع الكُره منعاً باتاً ويفرض الصفاء والعدل بين الناس ذوي الوجوه السمراء والبيضاء والسوداء، ولا توجد في هذه المساواة المدينة تفرقة، المساواة فيها واجب تنفيذها ولا توجد في هذه المدينة أنامل إلا وكانت تخط كلمات الشعر المبعثرة، ولا يوجد فرد حزين، فكلهم سعداء، حتى الحزين متفائل بحياته، لا توجد في مدينتي مهن مختلفة، لا يوجد مهندس لأنه لا يوجد بناء، فهذه المدينة بنيت بيوتها من الورود البيضاء، بماء الورد الأحمر، ولأنها وجدت هكذا منذ أن أصحبت ملكة لها، ولا يوجد طبيب لأنه لا توجد أمراض تصيب الناس، فالجو نظيف وصاف، لأن المدينة بها أنفس صافية نقية، ولا يوجد محامون لأنه لا توجد لدى الأهالي قضايا، كانت ألوان الورود تزهر المكان ولون الثلج الأبيض يكسو المكان بحلية جميلة ويجعلها الفتاة العاشقة بالثوب الأبيض المتلألئ وصوت النغمات أسمعها لدى العشاق وأصوات الضحكات تملأ المكان، أسمع النصائح من أفواه الحكماء يبثونها للجميع.
لكل شخص في مدينتي شيء يميزه، ضحكات الأطفال البريئة تملأ المكان وتسعد الأمهات وتبهج الأجداد وتعجب الآباء، كل شيء جميل في مملكتي، كل شيء حتى شوك الأشجار جميل فيها فهو يمثل صعوبة الحب وعذابه، وحتى النار في مدينتي جميلة ورائعة لأنها تمثل لهب الحب وشوقه، إن النظر في مدينتي إلى وردة بيضاء ندية ينزل منها ماء الأمطار الذي كان في الأمسية الماضية بمثابة كل جماليات ونشوة الدنيا الطرية، هذا كلٌ يا سيدي بعد أن رحلت.