المجيء الثاني للسيد المسيح

> «الأيام» محمد سالم قطن:

> منذ قرابة ربع قرن جاء الأخ (ديفيد) إلى أورشليم، القدس، قادما من بروكلين. الأخ (ديفيد) جاء إلى هذا المكان لسبب واحد، هو أنه يتوقع وينتظر المجيء الثاني للسيد المسيح، وليكون هو أحد شهود العيان لهذا الحدث العظيم. فقد باع (ديفيد) كل ممتلكاته في أمريكا ليحصل على مكان يعيش فيه هنا على قمة جبل الزيتون في أورشليم القدس. في هذا المكان الذي يسمي (بيتاني) في ضاحية ترابية يعيش فيها الفلسطينيون. اعتاد ديفيد وأتباعه الخمسة تلاوة الصلوات والأدعية كل مساء انتظارا لرجوع المسيح وهو المكان نفسه الذي تتحدث عنه الأناجيل بأنه الموقع الذي أحيا فيه السيد المسيح (لازاس) بعد موته.

هذا الأخ المبشر ديفيد رجل متين ونشيط ذو لحية سوداء فاحمة صغيرة ويتمتع بفراسة ونظرة حاذقة، ولا اسم له آخر، حيث يناديه المحيطون بالأخ ديفيد فقط. (اشعر بالانبهار) هكذا قال لنا الأخ ديفيد (أشعر بأن المسيح عائد. هذه الألفية هي موعد مجيئه).

ومنذ سنوات صارت هذه الألفية تجذب الكثير من المتعطشين ليوم الحساب، ومعهم ايضا المسيحيين الأبرياء من كل أنحاء العالم نحو أورشليم القدس. ويتهم البعض الجماعات المتطرفة بأنها تفتعل أعمال عنف على أمل منها في إعطاء ضربة البداية لنبوءة سفر الرؤيا. وجذور الخطر تتلخص في مرض نفسي يمكن أن نسميه (العراض المتزامنة لأورشليم) أو متلازمة أورشليم، فهذه المدينة تأسر عاطفيا جموعاً كبيرة من الحجاج أو السياح الذين ينتاب كل منهم اقتناع بأن الواحد منهم قد صار ابنا لله أو نبيا له، وقد تكون أكثر هذه الحالات شهرة هي الحالة التي حدثت عام 1969م وتم فيها إحراق المسجد الاقصى استعجالا للمجيء الثاني للسيد المسيح.

ويعتقد الأصوليون المسيحيون أنه قبل عودة المسيح يبنغي إعادة بناء الهيكل الذي يقع أسفل قبة الصخرة (التي تعتبر إحدى مقدسات المسلمين) ومن البديهي أنه يستحيل إجراء مثل هذا العمل -أي إعادة بناء الهيكل- طالما أن قبة الصخرة ما زالت قائمة.

تترافق ضمن وعود الألفية والمجيء الثاني للسيد المسيح النبوءات المتعلقة بظهور ما يسمى بالمسيح الدجال Antichrist، الشريك السري للشيطان، وهو كما تروي النبوءات كائن بشري جبار يمتلك السيطرة على العالم قبيل المجيء الثاني للسيد المسيح، وفي أزمنة متفاوتة كان قد أطلق هذا الاسم على كثيرين . ووفقا لاعتقاد قديم، فإن المسيح الدجال سيكون يهوديا. وتؤكد المقولات السائدة في النبوءات المسيحية أن كل ذلك سيتم مع عودة اليهود إلى الارض المقدسة ومع إعادة بناء الهيكل في أورشليم كاستهلال ومقدمة لهداية اليهود إلى المسيح. وهذه الفكرة أو النظرة هي التي جعلت المسيحيين الأصوليين أقوى الفئات تأييدا ودعما للصهيونية، كما أنها توضح الأسباب في أن خلق دولة إسرائيل عام 1948م قد أنعش التوقعات وجددها في أن العد التنازلي لـ(هرمجدون) قد بدأ.

اليهود، بدورهم، لديهم طبعاً اعتقادتهم التنبؤية الخاصة فيما يتعلق بالمجيء الثاني للسيد المسيح، واحدة من هذه التنبؤات هي تلك التي وضع ملمحتها الفيلسوف الكبير (ميمونيدس) الذي عاش في القرون الوسطى، والتي تروي أن المسيح سيكون كائنا بشريا استثنائيا، ولسوف يصبح رئيسا أو ملكا على إسرائيل لألف سنة قادمة.

فالتعاليم التلمودية تقسم التاريخ إلى ثلاثة عصور كل منها يضم ألفي سنة: عصر الفوضى (من الخلق وحتى سيدنا إبراهيم)، عصر التوراة (من إبراهيم وما بعده)، عصر الخلاص (دنو مجيء المسيح).

ومثلما ينظر المسيحيون واليهود هذه الرؤية تجاه نهاية العالم، فكذلك المسلمون يرون للعالم نهاية مشابهة إذ يعتقدون بحدوث بعض الكوارث الطبيعية تعقبها مباشرة حرب (هرمجدون) التي سيقودها الإمام المهدي ومعه عيسى النبي في جانب ضد قوى الشيطان في الجانب الآخر بقيادة الدجال، وبعد نهاية الحرب يحل عهد السلام تحت حكم المهدي وعيسى، ويموت عندها الاثنان وبموتهما يحل يوم الدينونة النهائي لهذه الدنيا.

المسيحيون الإنجيليون الأصوليون يملكون الكثير من قوة الاستمرار والإعجاب بالعقيدة التي سطرتها نبوءات جون & دانيال وغيرهما من كتاب الأناجيل التي تكهنت بسلسلة من الأحداث التاريخية النوعية. كذلك فإن هؤلاء أبدوا قدرة ملحوظة على الإضافة إلى النسيج الأصلي للمبشرات ونذر سفر الرؤيا.

ولما كان الدجال عليه أن يمتلك من الأساليب للسيطرة على العالم، فإننا نشاهد اليوم العديد من الوسائل التكنولوجيا المتقدمة والأدوات قد وجدت في عصرنا الحاضر كعلامات إنذار.

وعلى أية حال، فإن المسيحيين الأصوليين ومعتقدي النبوءات سيعانون في الأزمنة النهائية، التي تبقى بالنسبة لهم مسألة كفاح، ولهذا فقد أعدوا لأنفسهم إزاء سيناريو الزمن الأخير مصطلح (التطويب) وهذا يعني أنه عند نفخ البوق سيصعد المسيحيون الحقيقيون إلى نصف الطريق نحو السماء، وفي تلك اللحظة يكون المسيح قد بدأ رحلة نزوله من السماء.

أخيرا فالظاهرة الأكثر عمقا وجاذبية هي المدى الكبير الذي بلغته نبوءات سفر الرؤيا وأحلام الألفية ضمن ثقافة الغرب وآدابه. ووفقا للمعلومات التي توفرت لنا فإن 45% من الأمريكيين البالغين يؤمنون بنهاية العالم عند معركة (هرمجدون). لقد كان كتاب (هال لندسي) الموسوم بـ (آخر كرة أرضية عظيمة)، هو الكتاب الأكثر مبيعا خلال السبعينات فقد بيع منه نحو 28 مليون نسخة. كما ظهرت قريبا العشرات من هذه الكتب المبنية على نبوءات سفر الرؤيا.

بقلم: مات ريز & آني أندرود

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى