ما بعد التشخيص هو الأهم

> «الأيام» سالم العبد:

> إن من يستعرض الواقع الثقافي والإبداعي ليس فقط في محافظة حضرموت، وإنما في بقية المحافظات الأخرى، ينتابه شعور ساحق بالأسى العميق، ولعل سيادة هذا الواقع الثقافي الزاحف والذي لا ينفك ينزلق في انحداره إلى قاع من التردي المظلم، كمصير الحيوات المتحللة، إنما يتم بنوع من التواطؤ المبطن كما يبدو بين بعض النخب، أفرادا أو جماعات ممن يقودون الأطر والمؤسسات الثقافية والإبداعية، وبين طرف المعادلة الأكبر ممثلا في الجهات المسؤولة والرسمية ذات العلاقة والاختصاص! ولعل حضرموت حظيت ولا حسد بالقسط الأوفر من مظاهر وتجليات ذلك التواطؤ المشين.. ولسنا بحاجة إلى تفنيدها فهي معروفة حد الكمد. يكفي أن نعرف أن المسرح والسينما لم يعد لهما وجود في عاصمة المحافظة وغالبية العواصم الكبيرة، فالسينما الأهلية تحولت في المكلا العاصمة الإدارية والسياسية والسياحة والمالية و.. و.. إلى صالة طعام وأفراح ومعها أصيب المسرح بالكساح، إذ كانت هذه السينما تقوم بالوظيفتين شاشة سينما وقاعة عرض مسرحي مجهزة بالغرف الجانبية للممثلين ومهندسي الديكور والصوت وبقية مكونات وعناصر المسرح الفنية، وتوقف المركز الثقافي- البديل المؤمل- عن أداء وظائفه.. واندثرت معارض الكتاب السنوية إلا فيما ندر وبجهود فردية أبرزها معرض الحياة والكتاب الدائم للأستاذ الناشر وعاشق الكتاب سالم عبدالله بن سلمان.

وقس على ذلك في المحيط المدرسي الأول والثانوي والجامعي التي تعيش حالة موات في مجال الأنشطة اللا صفية وفي المقدمة الأنشطة الثقافية عموما على أهميتها الفائقة في تكوين وبناء الشخصية!! ناهيك عن الإقصاء المتعمد لرموز المحافظة الحقيقيين من التمثيل المحلي والخارجي في مختلف الفعاليات والندوات الفكرية والإبداعية ويستُبدل بهم أشخاص وفرق تشوه وتنتقص من أصالة وسماقة الفكر والإبداع عموما في هذه المحافظة العريقة، وقد كتب العديد من الزملاء عن هذا التواطؤ والتحلل الخبيث ولكن! وآه من ولكن هذه!! هل نكتفي ونقف عاجزين عند تخوم التشخيص؟ إن الأمل متعلق بالغالبية التي تدين مثل هذه التواطؤ ومنعقد عليها اجتراح العمل بأن تجابه هذا المسعى الذي يروم وأد كل اكتنازات ومحصلات التراكم والتكوين المتفرد لثقافة وإبداع وتراث هذه المحافظة الغنية!

ولعل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بالمكلا يمثل الطليعة الواعية والفاعلة في هذه المجابهة المتنامية، فهو يؤكد حضوره المتميز باستمرار سواء من خلال نشاطه الأسبوعي الجاد والمسؤول أو من خلال منبره العتيد مجلة «آفاق» الشهيرة وما طرأ عليها من تغيير ومواكبة حداثية شكلا ومحتوى، برغم كوابح الإمكانات المادية وبيروقراطية الأمانة العامة للاتحاد أو تجاهلها المقنّع لريادة الاتحاد في المكلا وكبريات مدن حضرموت في تثبيت حضوره الثقافي الفاعل بشهادة الجميع.

وأخيرا فقد أكدت سكرتارية اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في المكلا - حضرموت، لدى استعراضها خطة نشاطها المتنوع والمعمق لعام 2007م، في الأيام القليلة الماضية بأنها ستتنوع في نشاطها الجاد وتتسع فيه ليلامس ويلبي حاجات أساسية ثقافية معرفية، تنويرية، تبني الشخصية السليمة وتنمي ذائقتها العامة، وذلك من خلال اشتمال الخطة القادمة للعمل على تبني مشروعين كبيرين وطموحين.. أولهما إصدار مجلة خاصة بالأطفال في حضرموت وثانيهما إصدار مجلة «آفاق» للشعر الشعبي تكمل مجلة «آفاق» التي تمثل منبرها الرئيس المعروف، وهو ما نذهب إليه في مقالنا هذا.

إن اتحاد الأدباء في حضرموت يتجاوز دائرة التشخيص والتنظير بخطوات مدروسة ودون ضجيج واستعراض ليخوض بثبات داخل فضاءات ومدارات الفعل في محاولة جادة لاستعادة المشهد الثقافي المعافى، القادر على إحداث فعل التطور والتحديث والمواكبة، بالاعتمالات الثقافية الإيجابية على صعيد الداخل الفسيح ومنه إلى عالم الإنسانية الأفسح، وقليل من الكلام= كثير من العمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى