قارعة الريح منى باشراحيل 3-3

> «الأيام» عبده يحيى الذباني:

> ولم تكن هذه الباكورة القصصية في منأى عن السلوك المبتذل الذي تمارسه بعض النساء أنفسهن مثل الركون إلى الشعوذات والخزعبلات وعدم العمل على المطالبة بالحقوق المشروعة بشكل جماعي أو فردي، وكيف أن المرأة أحياناً تضع نفسها حيث تضعها نظرة الرجل الخاطئة إليها فتصدق الخطأ وتعمل به وتطوع نفسها له، وكأنما هي عجينة يشكلها الرجل كيف أراد حتى وإن كان مخطئاً. وغيرها من الأمور الجزئية المبثوثة خلال القصص.

لقد كشفت المجموعة عن ثنائية الأم والبنت، ثنائية جدلية فبينما الأم رمز للرضوخ والاستسلام وذوبان الشخصية، فالبنت رمز لمحاولة الخروج من هذه الدائرة المغلقة التي فرضها المجتمع الذكوري خروجاً متعقلاً مشروعاً مع عدم التمرد على أواصر الأمومة الطبيعية بل هو خروج يعمل على إخراج الأم نفسها من شرنقتها ورد اعتبارها كإنسان بل كحجز زاوية في المجتمع.

الفتاة عند الكاتبة مشروع مستقبل، بل مشروع امرأة ناضجة تعرف ما لها وما عليها لا تمارس نشاطها وحياتها تحت ضغط المؤثرات الخارجية التي أماتت الداخل وحولتها إلى آلة تبرمج لمشيئة هذا أو ذاك.

لقد عبرت عن الأنوثة المهمشة في ظل المجتمع الذكوري حتى لتبدي الرجل في صورة ديناصور يشيع الرعب في نفس الأنثى المسكينة.. «خوفاً من الكم الديناصوري من رجال العائلة الذين يحلفون بالشرف..» قصة (الديناصور الذي أحب).. ولكن في عنوان القصة تصريح بإقرارها بأن لا غنى للأنثى عن الرجل ولو كان ديناصوري الشكل والطبع، ويكفي أنها اختارت خصائص الديناصور التي أحبت، لكن القصة لن تبين أسس هذا الاختيار ما إذا كانت عاطفية أم عقلية، ذاتية أم عامة، لأن الاختيار المبني على العاطفة والهوى لا يقاس عليه ولا يمكن تعميمه كنموذج.

أتمنى للقاصة السير بثبات على درب الإبداع الوعر الخطر، وأن تتزود بالأسباب الكافية للرحلة لا سيما قراءة النتاج الأدبي في القصة والرواية والتشبع به، ولتعذرني والقارئ العزيز إذا أنا قد تطفلت على مجموعتها البكر أو سطحت مضامينها أو أهملت خصائصها الفنية فكل هذا بسبب المقام فحسب فما هدفي إلا التعريف بالقاصة والوساطة الأدبية الحسنة بينها وبين القراء، وأهمس في أذنها أن تتجنب قدر الإمكان حين تكتب القصة القصيرة التكثيف الشعري والغموض لا سيما حين يكونان على حساب التحليل والتفصيل والكشف وعلى حساب العناصر القصصية الأصيلة، مع علمي واعترافي بما يسمى بـ(قصص الومضة) لكنها تبقى قصصاً لا قصائد.

وأن تعتني بلغتها الفصيحة عناية أكثر مفردات وجملاً، وألا تفرض على أحد من شخصيات قصصها ثقافتها هي أو تفكيرها بطريقة مباشرة كما فعلت مثلاً في قصة (حياة) حينما جعلت الفتى المراهق القادم للتو من القرية يصرخ ويقول «..لقد حذرتك نحن لسنا في الوادي، نحن في لعنة المدينة» فتعبير (لعنة المدينة) لا يمكن أن يقوله ذلك المراهق فهو أكبر من مستواه وثقافته. وأخيراً فإن كانت هذه (قارعة الريح) إبداعاً، فإننا ننتظر (قارعة المطر) نقداً.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى