صوت سيده..و..الكسح

> محفوظ سالم شماخ:

>
محفوظ سالم شماخ
محفوظ سالم شماخ
لعل الكثير لا يعرفون شيئا عن الجرامافون أو صندوق الغناء الذي ظهر في الخمسينات من القرن الماضي، وهو عبارة عن صندوق يدار باليد وله مكبر صوت بارز وتوضع اسطوانات (أقراص) عليها تسجيل أغان.. ورأت الشركة الصانعة أن تجعل له شعارا للدعاية فكان منها رسم الصندوق وبجواره كلب رافعا رجليه الأماميتين ومتكئا على رجليه الخلفيتين جلوسا ومركزا أذنيه باهتمام ناحية مكبر الصوت في الصندوق ليستمع إلى صوت مغنيه، وكتب تحته شعار (صوت سيده) والتقط السياسيون والإعلاميون ذلك الشعار ليطلقوه على كل من يتحدث باسم سيده سواء بالكلام أو النطق أو تقليد الحركة مهما كان نوعها ولو كانت كحركة الثيران وخوارها.

وإذا نحن نظرنا حولنا سنجد الكثير ممن يتحدثون بأسماء أسيادهم غير مدركين لما يقولون، المهم أن يحصلوا على أجرهم من سيدهم فهم بحق كما يقول المثل (ثور الله في برسيمه)، وما أشبه الليلة بالبارحة.

حكاية أخرى عن (الكسح).. والكسح للتوضيح هو المشية العرجاء، فقد رأى أحدهم وهو في طريقه الزراعية غراباً وحمامة واقفين جنبا إلى جنب فتعجب متسائلا: ما الذي يجمع الغراب بالحمامة؟ فأخذ حجرا صغيرا ورمى به غير بعيد من المتجاورين، فإذا بالغراب يمشي إلى الأمام بمشيته العرجاء وإذا بالحمامة أيضا التي أصيبت رجلها تمشي إلى الأمام بجوار الغراب وهي تعرج .. هنا زال عجب صاحبنا حيث عرف سبب اجتماع الغراب والحمامة وقال: «لقد جمع بينهما الكسح» أي المشية العرجاء.

ولو تأملنا قليلاً لوجدنا الكثير من الشلل والجماعات مختلفي المشارب والأهداف بل والأوضاع الاجتماعية يلتمون على بعض جنبا إلى جنب لا يجمع بينهم سوى الكسح، أي المشية العرجاء.. حقا لا جديد تحت الشمس.

ونختم بالقصة الشهيرة التي اجتمع فيها ثور وحمار ومعزة في الغابة، وتباحثوا أمرهم وكيف أن الحيوانات المفترسة تصل إليهم فوجدوا أن السبب هو أصواتهم التي يطلقونها، فقرروا الذهاب معا إلى أرض كثيرة العشب يأكلون منها دون أن يحدث أحدهم صوتا .. واستمروا على ذلك بضعة أيام، غير أن الحمار وبعد أن امتلأت بطنه وهو حمار لا يفرق بين الحلال والحرام تماما كالثور والمعزة، وبعد أن شعر بالشبع أصر على أن ينهق بأعلى صوته وفعلها فاستولت عليه الوحوش وافترسته هو ورفاقه.. وهنا أصبح المثل «يا حمار كل واحمد الله .. قال لا بد من صوت يعلمه الله».

هذا ما أردت أن أورده وليتأمل من يريد أن يفهم وليرفع صوته بالخوار من لم يفهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى