الأثوري يضع نفسه في خانة «ني ريبا - ني مياسا»

> نجيب محمد يابلي:

>
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
من وضع نفسه موضع الشبهات فلا يلومنّ من أساء الظن به، وعلى تلك الخلفية تابعت خلال الفترة المنصرمة كل ما يعتمل اتحاد الغرف اليمنية وغرفة الأمانة وكانت الضريبة العامة على المبيعات أبرز تلك الاعتمالات وما رافقها من ردود أفعال داخل السلطة وقد أقرت الدولة مبدأ الشراكة الثلاثية بين الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وكان الأمر يسيرا من الناحية النظرية ولو من باب كسب ود الدول والمنظمات الدولية المانحة، إلا أنه كان عسيرا من الناحية العملية بترجمته في واقع الممارسة.

السلطة في اليمن، شأنها شأن معظم السلطات العربية، تسعى إلى تكريس (مجتمع الطاعة) بدلاً من مجتمع الشراكة فتعمل على تحريك خيوطها من وراء الكواليس إلى لي ذراع القطاع الخاص بتحقيق كل رغباتها بدءا بالمال وانتهاء بالقرار، فالجبايات والتبرعات في شتى القضايا قائمة على قدم وساق، والقرار الذي تريده السلطة في أي شأن من الشؤون من القطاع الخاص تكون استجابته «شبيك.. لبيك ..عبدك بين إيديك»، وبقدر ما يدفع القطاع الخاص ما هو معلوم فوق الطاولة يدفع م اهو مجهول تحت الطاولة في إطار المصالح المتبادلة بينه وبين السلطة، ومن تلك المصالح السكوت عن تحريك الأسعار لأن العصا العوجاء لها ظل أعوج كما يقول المثل الإنجليزي:

A CROOKED STICK HAS A CROOKED SHADOW.
من ضمن الأوراق التي استخدمها القطاع الخاص كانت الاعتصام أو الاضراب أو اللجوء إلى القضاء وهي حقوق كفلها الدستور للتعبير عن الرأي أو اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالحق، إلا أنني في سياق متابعاتي رأيت سلوكا غريبا من جانب الحكومة تجاه القطاع الخاص في حين كانت الترتيبات جارية لعقد مؤتمر المانحين في العاصمة البريطانية لندن في منتصف نوفمبر الماضي، وكان من مخرجات هذا المؤتمر الدعوة لتجسيد مبدأ الشراكة وكرر تلك الدعوة سعادة عبدالرحمن بن حمد العطية، أمين عام مجلس التعاون الخليجي فلم تبرز تلك الروح من جانب الحكومة لا قبل المؤتمر ولا بعده ولم يبرز العامل المؤسسي في العلاقة.

رصدت عددا من مظاهر النفور والإقصاء منها:

أن مجلة «الاستثمار» لسان حال الهيئة العامة للاستثمار اليمنية في عددها الصادر في مايو 2006م أجرت لقاء مطورا مع دولة الأستاذ عبدالقادر باجمال، رئيس مجلس الوزراء ومن مفاجآت ردوده بأنه لم يبق هناك شيء للخصخصة «عندنا شوية مزارع دولة أعدناها لأصحابها»، ومفاجأة أخرى: «القطاع الخاص في العالم كله يدفع حكوماته إلى أن تذهب إلى منظمة التجارة العالمية، إلا القطاع الخاص اليمني. هذه إجابتي باختصار». وعندما سئل عن السبب أجاب دولته: «لأنه متخلف، لأن العقل الحديث للشراكة العالمية المطلوبة ليس متوفرا لديه. يخاف من العامل الخارجي. إنه قطاع بحاجة إلى خصخصة نفسه لأن عقله شمولي وهذا رأيي».

اتخذ الأستاذ باجمال قرارا في 24 يناير 2007م بتحصيل ضريبة المبيعات من المنافذ ثم غادر إلى سوريا لحضور اجتماعات المجلس المشترك، وفي 28 يناير رفض وزير ماليته د. صبري العسلي تنفيذ القرار وحدد الآلية التي يريدها في محضر اتفاق رفض رجال الأعمال التوقيع عليه ونفّس العسلي عن ثورة غضبة في موضوع نشرته الزميلة «الثورة» في عددها الصادر يوم الأحد الموافق 11 فبراير 2007م وكان موسوما «ألا يخجل مثل هؤلاء!!».

ظهور الغريم الثاني «الأثوري»:

إذا حار الروسي في فهم فلان من الناس عبر عن حيرته بعبارة «ني ريبا..ني مياسا»، أي لا هو لحم ولا هو سمك. هكذا كان الحال معي. دخل القطاع الخاص في احتكاك مع الحكومة وهي بدورها ردت وتراشق الطرفان إعلاميا، وفجأة يلتزم الطرف الحكومي الصمت ويبرز عبدالسلام الأثوري، الأمين العام لمجلس رجال الأعمال الذي أرغى وأزبد في كل أوجل وسائل إعلام السلطة وحزبها، بل وحتى مواقعها الالكترونية. سألت نفسي ماذا يريد هذا الرجل من وراء كلامه الذي ما أنزل الله به من سلطان؟. خاض الأخ الأثوري معركة إعلامية جارفة وجارحة من خلال كل وسائل إعلام السلطة المقروءة والالكترونية سواء التابعة للدولة أو للحزب الحاكم نيابة عن السلطة ضد القطاع الخاص ممثلا باتحاد الغرف وغرفه ورموزه البارزين، وفي مقدمتهم الشيخ محفوظ شماخ، رئيس غرفة الأمانة ووقع في أخطاء وفي أخطار منها:

1- أنه لم يضع خطا فاصلا بين حقوق هذه المؤسسة أو تلك، فعلى سبيل المثال حق الإضراب أو تشكيل النقابات يقع في صلب حقوق العمال في نضالهم من أجل تشكيل نقاباتهم وممارسة حريتهم في الاعتصام أو الإضراب، وليس من مهام القطاع الخاص ولا هو الذي يسمح للعمال بتشكيل نقاباتهم.

2- أنه سعى للإيقاع بين الدولة والشيخ محفوظ شماخ عندما صور الأخير بزعزعة الاستقرار والبلاد تواجه أعمال الفتنة في صعدة، وبناء على ذلك أسند إليه تهمة الخيانة العظمى والمعروف أن عقوبتها الإعدام، مع أن الشيخ محفوظ شماخ أنفق مبالغ كبيرة نظير نشر إعلانات (صفحة كاملة) أدانت فيها غرفة الأمانة أعمال الفتنة في صعدة ونشرت في عدد من الصحف منها «الأيام».

3- أنه نهج وبقوة في تغليب (الشخصنة) في هجومه على الشيخ محفوظ شماخ عندما وصفه بالتآمر على الشيخ عبدالوهاب سنان ووصفه بالمسيء لشخص الأستاذ حسين المسوري، رئيس مجلس إدارة بنك اليمن الكويت، مع أن الشيخ محفوظ قد أخذ التجارة كابرا عن كابر وشخصية يشار لها بالبنان وأن الاستاذ المسوري نفسه قام مع شخصيتين تجاريتين بارزتين بزيارة اتحاد الغرف الأربعاء الماضي في مساع لإعادة المياه لمجاريها.

4- أنه حز في نفوسنا أن نرى أخانا الأثوري وهو ينشر غسيله مع أولاد هائل سعيد عندما اعترف أنه عمل معهم وجوزي جزاء سنمار.

خلصت في الأخير إلى مساءلة النفس: هل الأخ عبدالسلام الأثوري رجل أعمال؟ هل هو رجل سلطة؟ وخلصني التعبير الروسي «ني ريبا.. ني مياسا» في الخروج من الحالة التي عشتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى