قصة قصيرة بعنوان (الله يعينه)

> «الأيام» أحمد السعيد:

> لسنوات خلت اعتادت قدماي على السير في الشارع الرئيسي لمدينة الشيخ عثمان أذرعه ذهاباً وإياباً، ويستوقفني منظر الباعة الذين يفترشون الأرض وواجهة المحلات التجارية، فأنا الآن متعطل عن العمل.

اليوم وقفتْ بجانبي سيارة فارهة من نوع (برادو) آخر طراز، نظرت إليها وقلت لنفسي: هذي هي السيارات والا بلاش!وما إن خطوت خطوتين حتى سمعت مناديا ينادي: «يا صالح .. يا صالح». التفتُّ إلى مصدر الصوت الذي تبين لي أنه صدر من السيارة ذاتها. أعدت الخطو، واقتربت من السيارة التي راح صاحبها يسحب زجاج الباب، وقال لي بوجه باسم : كيف حالك يا صالح؟ثم مد لي يده مصافحاً ..غابت كفي النحيلة في كفه المنتفخة.. حياني بحرارة .. عرفته بعد أن خلع نظارته السوداء..

- أهلاً أبو محمد ..كيف حالك؟

قال لي:

- فينك يا راجل؟ ما حد عاد يشوفك ايش أخبارك ؟ أردت أن أجيبه ولكنه قاطعني:

- فين ذيك الأيام الحلوة؟ .. والعيال .. إيش أخبارهم؟ مكانكم تجلسوا؟

وأضاف قائلا:

- والله إننا اشتقت لكم كثير.. لكن تعرف لك كثرة المسؤوليات والمشاغل هي اللي أبعدتنا عنكم .. لكن والله ورأس محمد إنكم دائماً في بالي .. بس أنا عاتب عليكم .. ولا عاد تسألوا .. ولا تقولوا أيش أخبار أبو محمد؟

حاولت الإجابة عن أسئلته الكثيرة، لكنه واصل حديثه:

- تابعتوا الأخبار؟.. يا أخي الوضع في لبنان والأراضي المحتلة غير مطمئن، وإسرائيل ناوية على نية كبيرة .. إنما تحسب العرب بايسكتوا .. يا الله ما علينا .. يا أخي أشتيك تتواصل معي ..أشتي أسمع صوتك دائماً .. ضروري أعرف أخباركم و.. هنا رن الهاتف المحمول، رفعه وأجاب: الو..ايوه..ايوه.. اسمع ممكن تتصل بي بعد قليل أنا الآن في مكتبي وعندي لجنة مهمة، وأول ما أنتهي معهم با اتصل بك.

ثم وضع هاتفه إلى جانبه ونظر إلي بعد أن هز كتفيه وعقد حاجبيه ثم قال متنهداً:

- المسؤولية كبيرة الله يعيننا عليها .. إنما ما قلتليش .. مكانكم تجلسوا والا بطلتوا .. يا أخي أنا مشتاق لكم ..فينكم يا أخواني والله أنا عاتب عليكم.

المنظر الذي كنا به، يبدو أنه قد استقطب جماعة الشحاتين في الشارع، فابتعثوا أحدهم للتجريب ، تقدم إلينا وقال:

في معاكم لله .. أعطونا لله .. الله بايعطيكم. راح صاحبي يدس يده في جيبه، وأبقاها قليلا ثم قال لي:

- يا أخي هذونا الناس يفترض انه الواحد يتصدق عليهم ..لأن الصدقة باتحجي عليك ..

أعطي له عشرين ريال لأنه مافيش معي فكة .

عملت بقوله وأخرجت العشرين ريالاً التي كانت بحوزتي ، ومددتها للشحات.

أدار صاحبي محرك سيارته وقال لي:

- يبدو أننا تأخرت ..المهم خلينا على اتصال ارقام تلفوني معك هاه .. يالله .. خلينا نشوفك وأوبه تغيب علي .

تحركت السيارة .. رفعت يدي محيياً صاحبي وأنا أدعو له في نفسي:

الله يعينه .. مسؤولياته كبيرة .

عدن الحبيبة

الثلاثاء 25 يوليو 2006م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى