مجور.. والمهمة الصعبة

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
في أول رد فعل (سلبي) من خارج أروقة السلطة تجاه تكليف الدكتور علي مجور تشكيل حكومة جديدة، وصف الدكتور عبدالله الفقيه أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء هذه الخطوة بأنها (تراجع خطوتين للخلف) !! في حين وصف تنحية باجمال بأنها (تقدم خطوة واحدة للأمام) .. وبرر هذا الرأي (الغريب) بأنه يعود - من وجهة نظره - لقلة خبرة مجور ومحدودية علاقاته المحلية والإقليمية والدولية .. معتبرا في نهاية الأمر أن هذا الاختيار غير موفق !

رأي الدكتور الفقيه هذا .. الذي نختلف معه - شكلا ومضمونا - يعود إلى تجاهله المدة الزمنية الكافية التي تقلد فيها مجور منصبين وزاريين في الثروة السمكية وفي الكهرباء مؤخرا، وهي التجربة التي قدم فيها مجور نفسه كرجل تميز بـ (النزاهة والحزم) وعدم التهاون في مختلف القضايا التي تتعلق بالفساد ، كما أنها فترة ليست باليسيرة خرج منها الرجل بملف (نظيف) على مستوى (الذمة المالية) وهي حالة غير مألوفة في وضعنا اليمني ككل ، كما شهد له بهذه الصفات (النادرة جدا) في زماننا هذا الكثير من المتابعين حتى من خارج هيئات الحزب الحاكم نفسه.

وبالإضافة إلى هذا .. فإنني أعتقد أن هذه المرحلة لا تحتاج إلا إلى رجل من طينة مجور، وهي طينة ذات صفات بشرية تقترب كثيرا من صفات الدكتور فرج بن غانم، كما أنها مرحلة تتطلب أكثر ما تتطلب شخصية وطنية لا تجيد أساليب (الفهلوة) .. ولا المقدرة الفائقة على (القفز فوق الحبال) ولا تحبذ أو تجيد (الكلام الكثير) القريب من حد الهرطقة والفلسفة في كل ما يعلم وما لا يعلم أو في كل ما يعني و ما لا يعني ...! بقدر ما تتطلب رجلاً يمتلك المقدرة على (ترويض نفسه) وكبح جماحها من الانجرار خلف بؤر الفساد الكبيرة والكثيرة والمنتشرة في جسد الاقتصاد اليمني، ومقاومة الإغراءات المؤدية إلى التهلكة .

وما من شك أن الدكتور علي مجور سيواجه جميع (الأوعية المثقوبة) التي واجهت الدكتور بن غانم ذات يوم ، والتي تسببت في استقالته المبكرة ، حينما قدم لها وصفة (الأغطية المحكمة) فرفضت جهات معنية فكرة استعمالها أو الاعتماد عليها كخطوة ضرورية أولى على طريق لجم الفساد وسد منافذه وتحجيم دوره ، وعندها أدرك الرجل المحترم أن هذه (الثقوب) الكثيرة من شأنها أن تلتهم سمعته الشخصية النظيفة في آخر المطاف وترمي به جانبا .. فكان أن رفض ذلك في حين قبل بها سواه فيما بعد !! وللفقيه أقدم - وعلى ضمانتي الشخصية - رهاني على أن مجور لن يقبل أن يكون إلا بما يليق به وعلى مستوى ما ارتضاه بن غانم لنفسه .

إن رهاني هذا يأتي من يقيني ومعرفتي الشخصية بالدكتور مجور، الذي أرى أنه الأفضل في هذه المرحلة (تحديدا) لإنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي للبلاد وانتشاله مما هو فيه، شريطة أن يمنح الرجل (الصلاحيات الكاملة والمطلقة) التي تخوله وضع الحلول والمعالجات لكل ما هو مريض ويحتاج إلى العلاج الشافي.. إما عن طريق الوصفة الطبية أو الكي أو حتى البتر النهائي.

وربما أن أحد أهم وأكبر القضايا التي على مجور مواجهتا بحزم، هي قضية المنطقة الحرة بعدن، التي باتت (مستعبدة وغير حرة) بفعل تكالب ممثلي الفساد على هذا المشروع الاستراتيجي العملاق بشيء كثير من انعدام الضمير أو الحس الوطني المسئول إلى مستوى تزييف الأمور وتغيير الألوان أمام الأخ الرئيس شخصيا في كل ما يتعلق بهذا المشروع، ويكفي الدكتور مجور أن يعيد قراءة هذه المعلومة (الخطيرة - المهزلة) التي ذكرها السيد أسامة باوزير في المقابلة التي أجرتها معه جريدة «الأيام» يوم الأحد الماضي والتي قال فيها حرفيا ما يلي :«تنص الاتفاقية في المادة 37 منها على تأجير كامل ميناء المعلاء بمبلغ (225) ألف دولار أمريكي سنويا !! وللقارئ الكريم أن يتصور أن ما كان ثالث ميناء في العالم من حيث حركة الملاحة العالمية يؤجر بأقل من قيمة إيجار جناح في فندق بدبي لمدة سنة !! وهذه المادة بحد ذاتها تستوجب استقالة مسئولين في الوزارة المعنية».

في هذا الجانب.. أتمنى ألا يكتفي الدكتور مجور بإعادة الأمور إلى نصابها فيما يخص ميناء عدن، ومنحه ما يستحقه كجوهرة وطنية كانت في يد (حداد) بل الانتقال بالقضية ككل إلى مرحلة متقدمة من الشفافية، يتم فيها الكشف عن جميع (ملابسات) و(خفايا الصفقات) المشبوهة التي تمت تحت الطاولة وفوق الطاولة، نهبا من المال العام، وتلاعبا بمشاريع وطنية كبـيرة كهذا المشـروع الاستراتيجي العملاق.

لاشك أن مهمة الدكتور علي محمد مجور مهمة صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، خاصة إذا ما وجد الرجل نفسه وسط أجواء (ضامنة) له مطلق الصلاحيات والدعم (غير المحدود وغير المشروط) .

وإذا ما تفهمت مراكز (النفوذ) أن الحال العام لم يعد يحتمل مزيدا من (النفوذ) ولا مزيدا من (الفوضى) ولا مزيدا (الهبر).. وأن المطلوب إنجازه على المستوى الاقتصادي (فقط) هو سد جميع تلك الثقوب الكثيرة بإحكام شديد .. حينها سنبارك لأنفسنا النجاح المأمول الذي نتوقعه.. مع يقيننا المطلق بضرورة الإصلاحات السياسية التي هـي من واجـب وشأن جهات عليا في الدولة.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى