وبالعشر باصمين

> عبدالقوي الأشول:

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
لا أستطيع تحديد عدد المرات التي قمت فيها بتعبئة البيانات المتعلقة بشخصي، وهذا الإجراء يدخل في نطاق الإجراء الوظيفي المتبع من قبل وزارة الخدمة المدنية المرتبط بسلسلة إجراءات تشترط على كل موظف المرور من خلالها وصولا إلى راتبه الزهيد، أما عدد اللجان التي أوكلت لها مهمة الحضور عند استلام راتب الشهر فعددها أكبر وهي الأخرى ألزمتنا بما لديها من اشتراطات.

وهكذا توالت علينا حزم الإجراءات وإحضار شهادة المؤهل الدراسي بما في ذلك شهادة الثانوية العامة التي كانت في عهود غابرة لدى عدد من منتسبي الجهاز الإداري.

المهم وضعنا أنفسنا في حالة استنفار تام فكل إجراء جديد هو السبيل لاستلام راتبك آخر الشهر ما لم فقد أعذر من أنذر، هكذا لسان حالهم يقول، ولذلك نبدو مذعورين للغاية ومطيعين وربما خائفين من تلك التهديدات التي تنذر المخالف بقطع راتبه.

لماذا؟ لأن عناصر أو مخلوقات فضائية وراء حكاية اسمها ازدواج وظيفي، ومع كل ما سلف لم تجد المعالجات التي أمطرنا بوابلها خلال عقدين من الزمن كنا خلالها في حالة استنفار تام باستكمال ملفاتنا وبياناتنا ولم ينقص إجراء تلك الفترة سوى عدم خضوعنا لفحص الـ D.N.A الحمض النووي لكل موظف.

بعد كل ما سلف نكتشف أن الحكومات المتعاقبة لم تأت بعد على حكاية الازدواج الوظيفي الذي أجزم أنه لم يعد ممكنا إلا في نظاق الأقبية المستورة والمقربين ممن لا حرج على طبيعة مخالفاتهم الممنوحة ضوءًاً أخضر.

فها نحن للمرة التي لا أستطيع تحديدها ولا أجزم أنها الأخيرة نبصم بالعشر ونقف أمام كاميرا تصوير جيء بها لهذه الغاية ونبصم مرة ثانية تدعيما للأولى أي البصمة الضوئية أو الإلكترونية بالسبابة والوسطى والخنصر والبنصر والإبهام.

طيعون للغاية، نقف في طوابير هذه الطقوس الغريبة، ألزمنا بالحضور تباعا إلى فرع الخدمة المدنية، لم يخالف الأمر حتى المرضى والعجزة والمعوقون والمخبولون حفاظا على ما يسد الرمق.

والسؤال: لماذا تبدو معالجاتنا تجريبية في عصر الثورة التكنولوجية؟

وهل يتعذر قطع دابر الازدواج الوظيفي إلى هذا الحد حتى تخضع المسألة لسلسلة تلك الإجراءات والمعاملات بكل ما يصاحبها من إنفاق؟

ألا ينطبق علينا المثل القائل (يشوف الإبرة وما يشوف الجمل)؟

فماذا لو أجهدنا أنفسنا بهذا المستوى في مسائل أخرى أكثر أهمية وأولوية.

لكن المسألة تظل في نطاق البؤساء، ممن حجم رواتبهم أضأل من الضآلة! وإذا ما استمر الحال على هذا النحو فلا مناص من استحداث وزارة جديدة تعنى بشؤون المرتبات حتى نخرج من هذا التكرار الممل، أي طريقة عد جحا لدوابه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى