وما خفي كان أعظم

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
تمكنت الكاميرات الثابتة في مشروع الغاز بمنطقة بلحاف محافظة شبوة من رصد تحركات (26) شخصا ممن يعملون في المشروع يوم أحداث الشغب الشهيرة هناك، وتم تحميلهم وفقا لذلك مسئولية مباشرة في تأجيج الشغب أو صناعته أو دعمه كما تقول السلطات المحلية في المحافظة . وبناء على تلك المشاهد التصويرية المسجلة فقد تم حجز هؤلاء جميعا في السجن المركزي ومن ثم استجوابهم في نيابة شبوة وفقا للقانون !!

الغريب في الأمر .. والداعي إلى طرح أكثر من علامة استفهام كبيرة ومستحقة، هي خلو هذه المجموعة المحتجزة من اسم الشخص الذي بسببه قامت أحداث الشغب ولم تقعد يوم الحادثة ببلحاف، والذي بسببه وعلى أساس (ما قال) أو ما تسرب أو ما سرب منسوبا إليه، من أن المهندس الفرنسي قد قام بتدنيس (المصحف الشريف) الخاص به أمام عينيه.. وإلا ..أنى لهؤلاء القوم القيام بكل ما فعلوا فيما لو لم يكن (مفيد) هذا قد قال ما قال أو لم يكن موجودا في المشروع ساعة وقوع الحدث ؟!

تقول السلطات المحلية بشبوة بكل بساطة وراحة بال، و بمنطق يبدو بعيدا عن (الفهم) وعن كل مقومات المنطق المتماسك، وكل دواعي احترام عقل الإنسان ، إن (مفيداً) الذي ثارت بسببه هذه الفوضى العارمة، ظهيرة يوم 25/3/2007م لا علاقة له بالحادث !! .. وإنه وبناء على هذه (الحقيقة) الدامغة، لم يتم سجنه !! .. وإذا لم تصدق - عزيزي القارئ - مثل هذا الادعاء الرسمي، فما عليك سوى الرجوع إلى عدد جريدة «الأيام» الصادر يوم السبت الماضي لتجد أصل هذا الخبر وفصله وتفاصيله الغريبة والمثيرة، وقد تصدر الصفحة الأولى من الجريدة وعلى لسان أعلى سلطة تنفيذية بالمحافظة!!

ما أفهمه - شخصيا - وما أعتقد أن المنصفين سيفهمونه معي، يقول بأن دواعي وأسباب وخلفية ما حدث من شغب كبير، لا يمكن أن يتم تحصيلها وجمعها من خلال التحقيق مع هؤلاء المساكين المحتجزين حاليا في السجن المركزي بعتق، والذين رصدت تحركاتهم تلك الكاميرات الثابتة (الجديدة المبرمجة) .. على أساس أن (الحقيقة الكبيرة) ما زالت بعيدة - كل البعد - عن متناول اليد والقانون، ولم تستطع - بطبيعة الحال - أن ترصد خفاياها المريبة تلك الكاميرات الثابتة المعلقة هنا وهناك! .. وعلى أساسأن الحقيقة الأصلية لم يرد لها أحد من المسئولين - في المحافظة أو خارج المحافظة - أن تبان أو أن تظهر على السطح، بل إنه كان من دواعي إبهاتها وإخفاء معالمها القول بما يخالف العقل والمنطق من أن (مفيداً) لا علاقة له بالحادث !! وأن قيمة هذا (الزيف والتزييف) تقتضي أن يبقى فهيم خارج السجن وخارج المشروع الكبير برمته!

في مقالات عدة سابقة.. حدث أن نبهت إلى أن أبناء شبوة غالبا ما تستغل طيبتهم وسلامة نياتهم، في (توجيههم) نحو القيام بأعمال تبدو لهم أنها منسجمة مع قناعاتهم وحقوقهم في ظاهرها، ولكنها دائما ما تكون متعارضة مع مصالحهم الكبيرة ومصالح محافظة شبوة في باطنها، ويلاحظ أيضا أن مشروع الغاز الاستراتيجي هذا، غالبا ما يكون (محور) تلك الطبخات وأساس تدبيرها، ويبدو كذلك أن (الفرنسيين) سيظلون في هذه الدوامة الكبيرة حتى ينحو هذا المشروع إلى المنحى الذي يراد له أن يتجه إليه.

الطريف في أمر الكاميرات.. أن كاميرا «الأيام» قد رصدت هذا الأسبوع احتجاجاً لطلاب صغار من شبوة، كانوا قد خرجوا في مسيرة طلابية كبيرة، تنديدا بـ (تعطل وإغلاق) خمس مدارس حكومية في مديرية الصعيد، ونتيجة لذلك حرم هؤلاء الطلاب من حقهم (الضرورة) في التعليم .. ولكن (الكاميرات الرسمية) التي يعتمد عليها المسئولون في المحافظة، والتي بسببها يقبع في السجن حاليا الـ (26) محتجزاً من العمال، لم تستطع أن تسعف أحدا منهم، بإظهار مشاهد حية لعمليات (النهب والسلب والفساد) التي يقوم بها (فاسدون) اقتطاعا من هبات المانحين أو من ميزانية المحافظة فيما يخص الخدمات الرئيسية في شبوة، كالتعليم مثلا.. وهو القطاع المهم، الذي بات يسأل عن هويته هؤلاء الصغار في مسيرتهم الاحتجاجية تلك.

إن أكثر ما نخشاه، هو أن يأتي اليوم الذي يصبح فيه هذا المجال التنويري مجهولا لدى صغارنا في شبوة ، تماما كما هي مجهولة حتى اللحظة الأسباب الحقيقة لأحداث بلحاف الأخيرة .

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى