بمناسبة مرور أربعين يوما على رحيل الشاعر والفنان والتربوي والمناضل عبدالله هادي سبيت ..عبدالله هادي سبيت.. الشاعر الثائر .. صفحات عن مواقفه الوطنية والقومية

> «الأيام» ناصر مشبح:

> ونحن نودع علما من أعلام اليمن البارزين في مجال الأدب والشعر والفن والنضال للتحرر من الإمامة والاستعمار، المجاهد الإنسان الذي أفنى زهرة شبابه من عرقه وجهده لهذا الوطن المعطاء، وكان وقوداً للهب الثورة اليمنية الخالدة، إنه الأستاذ الفاضل عبدالله هادي سبيت طيب الله ثراه.

عرفته وأنا في التاسعة من عمري في عام 1956م حينها كنت أدرس في المدرسة المحسنية الابتدائية عرفته تربوياً فذاً، وأديباً حصيفاً، ومناضلاً جسوراً ناضل بالأغنية الوطنية ضد الإمامة والاستعمار، أحب شعبه و أمته، وصاغ معاناتهم شعراً وأغنية حماسية ألهبت حماسهم الوطني، وعرفته أيضاً إبّان العدوان الثلاثي على مصر من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في نفس العام الشخصية الوطنية العربية حين قال:

حيَّا كل ساكن في مصر البلاد

من شبرا العزيزة لما بور فؤاد

من أهل المداين ومن أهل الصعيد

حيا الله أبطالك يا بور سعيد

حيا الله العذارى حيا السيدات

ذي أحنت شفايفهم دم العدات

منهم أسكن الثورة قلب الوليد

حيا الله أبطالك يا بور سعيد

الأطفال خلوها تحمل سلاح

تعرف علموها ما معنى الكفاح

كم من أم تخلق ثورة من جليد

حيا الله أبطالك يا بور سعيد

وفي سنة العدوان الثلاثي على مصر أقيمت حفلات الجزائر على مسارح عدن ثم دار سعد للتبرع لثورة الجزائر برعايته وصديقه المجاهد الراحل الأستاذ عبدالله علي الجفري، قال فيها الكثير من الأغاني الحماسية، أختار منها هذه الأبيات من «يا شاكي السلاح»:

يا شاكي السلاح شوف الفجر لاح

حط يدك على المدفع زمان الذل راح

هذا الغير سيد واحنا له عبيد

يا من مات والله أنه من القهر استراح

هذا الماء سال هذا الغصن مال

هذا الزهر يتبسم على ضوء الصباح

أرضي والنبي ويل الأجنبي

ديني مذهبي يأمرني أن أحمل سلاح

إن صاح النفير كم حر الضمير

بايمشي مع الموكب على اذلاق الرماح

يا الله يا شباب آن الاكتتاب

أرضك ملك لك والمغتصب حتماً يزاح

وليحيا جمال قهار المحال

يحيا الشرق ما عاشت شعوبه للكفاح

كان أديبنا الراحل عصامياً نزيهاً عفيفاً، يرى ويسمع أغانيه التي هي من تأليفه وتلحينه تباع وتشترى في المنطقة ولم يحرك ساكناً أو يقول هذا حقي ويطالب بالحق الأدبي والفني.

وهذا أصبح اليوم واجب وزارة الثقافة والحكومة الواعدة بأن تطالب بالحق المادي للأديب والشاعر والفنان الراحل (سبيت) ممن سلبه إياه دون وجه حق لصالح ورثته أربعة ذكور وأنثى وأمهم.

في مقابلة صحفية أثنيت على هذا العملاق الغني عن التعريف، الذي أعطى للوطن اليمني كل شيء ولم يأخذ شيئا. أشرت إلى قصة الإمام أحمد حميد الدين الذي طلب من الرئيس الراحل الزعيم جمال عبدالناصر إيقاف أغنية (يا ظالم ليه الظلم ذا كله) من إذاعة صوت العرب التي سجلها إسنكدر ثابت بصوته وهي من تأليف الراحل سبيت ولحن الراحل الأستاذ إسكندر ثابت مطلع عام 1962م بحجة أنها موجهة إليه وإلى نظام حكمه الملكي المتخلف، فرد الزعيم الخالد عبدالناصر طيب الله ثراه على الإمام الكهنوت أحمد قائلاً: إذاعة صوت العرب للعرب أينما كانوا وليس لعبدالناصر حق إيقافها أو منع أي صوت عربي منها.

بعض من أبيات أغنية (ياظالم):

دمع الناس والأنات

ما راحت كذا هيهات

فتحت باب للجنات

بعد الليل ذاك لظلم

يا ظالم

ما قالت للحظة آه

شأني ينكر الأواه

والحرمان ذا لولاه

ما صامت لنا تكلم

يا ظالم

بانجوع وبا ننفى

بس المبدأ الأسمى

بينور لنا الظلما

فافهم ذا يقين واعلم

يا ظالم

خلاها الشعوب تصحى

قالت للألم مرحى

خلت كل حد ضحّى

لمّا للدخيل حطّم

يا ظالم

عرفته شخصياً من خلال شقيقي عبدالله مشبح رحمه الله الذي كان سائقاً له عندما كان وكيل إدارة الزراعة في سلطنة لحج والذي كان يحدثنا كثيرا عن المناضل عبدالله سبيت، وصاحبه إلى خارج حدود السلطنة في منطقة كرش الحدودية سابقاً باتجاه الشمال اليمني عندما غادر الراحل سبيت السلطنة قسراً متوجهاً عبر شمال اليمن إلى الجمهورية العربية المتحدة آنذاك في عام 1959م، أمر شقيقي أن يرجع سيارة إدارة الزراعة بلحج بعد أن عرض شقيقي عليه أن يأخذها لأنه لا يملك حتى عشرين شلنا في جيبه حين مغادرته، فأرجع شقيقي عبدالله مشبح السيارة إلى السلطنة وأخذ نصيبه من الاعتقال والتكبيل بالقيود.

شخصية الراحل عبدالله هادي سبيت وأخلاقه عظيمة جداً بكل المعايير والمعاني، عاش حياته مجاهداً بالقلم والفكر رغم الصعوبات التي واجهها في حياته من نفي وتشريد وملاحقة قبل وبعد استقلال ما كان يسمى بالشطر الجنوبي للوطن، وعلينا الآن وبعد قيام الوحدة اليمنية الخالدة أن نتناسى كل المآسي كما تناساها فقيدنا الكبير.

وفي قصيدة من تأليفه وتلحينه وغنائه عن مشروع «قانون منع التبرع وإلا» هذا المشروع من أجل الطالب الفقير، والهدف منه إرسال الطلبة الفقراء إلى الخارج في بعثات دراسية جامعية لأن التعليم في تلك الفترة- أي مطلع ستينات القرن العشرين في عدن ولحج- يقتصرعلى الابتدائي والإعدادي وبعض المدارس الثانوية.

تبنى الأستاذ عبدالله هادي سبيت بمعية ثلة من زملائه هذا المشروع لكن السلطنة اللحجية اعترضت وأصدرت قانون »منع التبرع وإلا»!..

أورد القصيدة كاملة لما لها من أثر بالغ على الناس في عدن ولحج وفي كل الإمارات والمشيخات والسلطنات فيما كان يسمى باتحاد الإمارات في الجنوب العربي.

تقول كلمات القصيدة :

ممنوع تتبرع لذي منك وفيك

أو للذي وقت الشدايد يدركوك

إلا لمن في نار حكمه يصطليك

ذي شددوا الأحكام فوقك جلّعوك

ممنوع ثم ممنوع تتبرع لخوك

أو للذي هم من خصومك يمنعوك

إلا لمن بالمُر هم كعّفوك

يمسوا على الخدين ليلي يصفعوك

أما يتامى الحرب من إيطاليا

والا ضحايا الفقر من جرمانيا

والا الذي يمشي بلندن حافيا

إياك تنساهم فهم ذي ينفعوك

ممنوع تتبرع على طالب فقير

خليه وسْط السوق يتدرّج يسير

لاقد تعلم بايقع فعله نكير

قد هكذا قالوا الذي هم يحكموك

ما وقتنا يا ناس ذا وقت العجب

ذا شهرنا شوال قالوا لا رجب

قد كلنا يا ناس نعرف ما السبب

كل السبب ذي في المحافل مثلوك

لا قلهم قانون قالوا ياسْ سِر

يا من لقي كرسي رجع مثل الحجر

يابوك وين الهنجمة ضاع البصر

من بعد ماهم بالبقع قد لجموك

يا ما مجالس شكلت في ذا الجنوب

يا من لقي حظ ملاها جيوب

والشعب يرجع عندهم مثل الحلوب

يا ابن الشوارع ليتهم ما مثلوك

يا ابن الشوارع أنت أنت اليوم سيد

والكل لك خدام بل هم لك عبيد

لكننا في وقت يعصدها عصيد

وكّلتهم وأنت وعياناً يوكلوك

لا قلّنا ممنوع لا تتبرعوا

با قلهم بس كيف لا نتو تجمعوا

ماشي شبعتوا كم لكم كم تبلعوا

وان تنكروا باقول قولي يابنوك

يابوي كم باطل مشى واحنا سكوت

دايم يحيكوها حياكة عنكبوت

قالوا اسكتوا لما متى لما نموت

لما خصومك وسط قبرك يقبروك

وهذه قصيدة تحريضية وقعت أحداثها في خمسينات القرن المنصرم عندما كان هناك شطران في اليمن (شمال وجنوب) هذا للعلم ليس إلا، يحرض من خلالها أديبنا الراحل الجماهير في الجنوب اليمني المحتل على الثورة والتحرر من الاستعمار عندما يقول: يا صابرعلى ذُلَّك.

يخاطب شاعرنا الكبير الشعب بهذه الكلمات التي ألهبت حماس الناس في تلك الفترة من كفاح ونضال الشعب اليمني في الجنوب المحتل.

القصيدة تحت عنوان «والله أنه قرب دورك يا ابن الجنوب» تقول كلماتها:

يا صابر على ذُلَّك ما أصبرك

من بايعذرك

غيرك هيّأ الحفرة بايقبرك

حطك في الجيوب

والله أنه قرب دورك يا ابن الجنوب

باتذكر كلامي ذا وقت الكرور

والمدفع تفور

يوم الشر يتلاحم مثل الدفور

من قبله وجنوب

والله أنه قرب دورك يا ابن الجنوب

أيش اللي فعل لك حطك مية سنة

وانته تسهنه

من يوكن على غيره ما أجبنه

قوم يا ابن الجنوب

والله أنه قرب دورك يا ابن الجنوب

دايم دوب تدعي لي تشتي الخلاص

ما من ذا مناص

إلا يوم ما يدوي صوت الرصاص

بايجلي الكروب

والله أنه قرب دورك يا ابن الجنوب

كل الناس قد قامت تشتي الحقوق

عاشت في شروق

واحنا ما فعلنا حتى بالحلوق

دايم في غروب

والله أنه قرب دورك يا ابن الجنوب

باتذكر كلامي ذا باتذكره

ماشي معذرة

يومك لاجزع منك باتشكره

لا تحمل ذنوب

والله أنه قرب دورك يا ابن الجنوب

في الأخير أناشد كتربوي وشاعر في هذه الأرض الطيبة أرض الجنتين، الدولة ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح حفظه الله بالرعاية الكاملة لأسرة ذلك العملاق الوطني والقومي المجاهد الأديب الشاعر والفنان الراحل الأستاذ الفاضل عبدالله هادي سبيت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى