أطفال في الخلاء الموحش!

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
أطفال رضع وحديثو الولادة في الخلاء الموحش، حيث الضواري والطواهش، لم تعد القلوب تخشى شيئا وصارت مثل الحجر، بينما الحجر يصب منها الماء! ظاهرة خطيرة انتشرت وظهرت بكثافة في السنوات الأخيرة، بل لنقل إن هذا العام وحده حظي بحصة وافرة من انتشار رمي الأطفال الرضع أحياء وأمواتاً في القمامة وداخل البراميل و(الزنابيل) وأيضا في الصحراء حيث الكلاب والذئاب والحشرات .. طفل بريء يضحك ويمتلئ فمه بابتسامة وتنظر عيناه في عينيك مباشرة بكل صدق ورجاء تأخذه لترمي به هكذا وسط (الكدافة)! ما الذي ارتكبه؟ لا ذنب له في كيف أتى ومن ارتكب الخطأ أم لم يرتكب، هناك ضحايا تتوالى بسبب ضغط الحياة، لم يعد القوت كافيا، ومسألة البحث عن كسرة خبز لم تعد سهلة، أناس نشاهدهم بأم أعيننا يبحثون وسط أكوام نفايات البيوت عما يؤكل أو ما يسد الرمق.

قصة تلك المرأة التي انكبت تفتش ليلة العيد عن لحم العيد في القمامة في أحد أحياء مدينة المكلا، ووقعت يدها على (كور) غنمة منتفخ وسحبته إلى كيسها ثم تركت يدها تبحث مرة أخرى وأخرجت (كورا) ثانيا مثل الأول، ونظرت إلى السماء وحمدت ربها أنها وجدت كورين متعفنين لأولادها.

إنه العيد، وليس بعيدا كان يلحظها رجل ميسور توقف أمام ما يرى، وبعدما شاهد الوقيعة بكى بشدة واندفع نحو المرأة وقال لها والدموع تملأ عينيه، لا تذهبي انتظري، وتصدق بما يكفي، وهذه حقيقة وليست من نسج الخيال.

وها هو المنظر المفجع والموجع أمامنا .. نساء يحملن أطفالاً رضعاً عند أبواب المساجد والفنادق والتجمعات، أطفال من دون لبن، لم يعد اللبن في متناول الموظف صاحب الدخل المحدود، فالعلبة يصل سعرها إلى ألفي ريال تقريبا وكل من لديهم أطفال يذهبون إلى المدارس ويحتاجون إلى لبن وجبن وبيض وزبدة يعانون ويسقط شعر رؤوسهم من الارتفاع والصعود في الأسعار. ويقول الناس -وهذا ليس من عندي - إن التضحية بالجبن أو البيض أو اللبن معادلة لا حل لها، وما النتيجة؟! لا يرم أحدنا اللوم على الخطأ الأخلاقي وحده، القسوة والمشاغل بأمور لا تهم قضايا الناس، يسقط خلالها ضحايا ونحن لدينا ضحايا هم الأطفال، أولئك الذين يرمون في الشوارع الخلفية أو على ساحل البحر أو وسط أكياس القمامة، أولئك الذين تحملهم أمهاتهم أمام الجوامع صدقا أم كذبا نحن لا ندخل في صدور الناس أو نعلم النوايا.

كل العالم يصون أبناءه ويدفع لمن يرزق بطفل جديد، نحن نرفع أسعار المأكولات التي يتغذى منها الأطفال جميعها بلا استثناء، وحتى الملابس والمناشف والحفاظات، وهناك من يرمي الأطفال لخطأ أخلاقي والعياذ بالله، وآخر لضيق ذات اليد والفقر اللعين، وكلاهما من يرمي في الخلاء عرضة للنهش وأمام المسجد عرضة للجوع.

أطفال يحتاجون إلى القوت بدلا من صراخ السياسة القاتل وافتعال الأزمات وتصاعد الغلاء، وقالوا - وهذا ليس عندنا طبعا- إن دمعة طفل واحد كافية لأن تؤرق العالم وتمنعه من النوم، وأصحابنا الكبار نيام!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى