مدنيون ينهبون مراكز الأمن وبيوت مسئولين و غزة تنتظرها كارثة اقتصادية واجتماعية .. فتح تصف 14 حزيران في غزة بأنه أسود أيامها .. «مرحبا كوندوليزا رايس لا يوجد غيري ابو مازن غير موجود»

> رام الله «الأيام» وفاء عمرو:

> سيظل يوم 14 يونيو محفورا في ذاكرة مسؤولي حركة فتح كيوم للمهانة والالم وقال احدهم إن اخوانهم الفلسطينيين في حماس اظهروا فيه انهم ليسوا اكثر رحمة بأشقائهم من عدوهم اللدود اسرائيل .

وساد احساس غامر بالكآبة والصدمة اعضاء فتح وهم يشاهدون مسلحين من حماس يستولون على المقار الامنية في غزة ويقتلون قادتهم وينهبون منازلهم ومكاتبهم .

وافاق سكان قطاع غزة أمس الجمعة على اعلام حركة حماس ترفرف فوق المباني والمقار الرسمية فيما احتفل انصار حماس بـ”انتصار” الحركة على فتح في مقابل خوف مناصري الرئيس الفلسطيني محمود عباس من “مستقبل قاتم” .

ورفعت رايات حماس الخضراء التي تحمل عبارة “لا اله الا الله” على جميع المؤسسات الحكومية والمقار الرسمية ومقر الرئيس الفلسطيني، فيما انتشر مسلحون من كتائب القسام الجناح العسكري لحماس بعضهم ملثم والبعض الآخر مكشوف الوجه امام المقار الامنية .

وجلس مسلح ملثم من حركة المقاومة الاسلامية حماس إلى مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس الجمعة وأعلن نهاية السلطة المدعومة من الغرب في قطاع غزة في محادثة هاتفية تخيلية مع الولايات المتحدة .

وقال المسلح وهو من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس وهو يمزح متحدثا عبر هاتف على مكتب عباس “مرحبا كوندوليزا رايس لا يوجد غيري .

ابو مازن غير موجود .”

وفي مكتب عباس جلس المسلح الذي كان يمسك ببندقية كلاشينكوف على مقعد الرئيس وأخذ هو وزملاؤه من المسلحين يلتقطون الصور لأنفسهم .

ثم دخل غرفة نوم عباس بجوار مكتبه وغسل وجهه ويديه ونظر إلى نفسه في المرآة قبل أن يشرب مياها معدنية من زجاجة كانت تقدم لعباس ليشرب منها .

وسلم حرس عباس مكتب الرئيس بدون قتال .

وكانت هذه مفاجأة لكثير من سكان غزة الذين توقعوا معركة شرسة بين مسلحي فتح والقوة المدعومة من الولايات المتحدة .

وقال الجناح المسلح لحماس في بيان “نهدي هذا النصر لشعبنا .”

وقوبل هذا التحرك الذي قامت به حماس بحفاوة بين أنصار الجماعة لكنه اثار شكوكا بين سكان القطاع البالغ عددهم 1،5 مليون نسمة بشأن مستقبل القطاع الذي يعاني من أزمة اقتصادية شديدة .

وبدأت حماس حملة ضد فتح في بلدات خان يونس ورفح بجنوب قطاع غزة في الوقت الذي قام فيه مسلحون بدوريات في الشوارع ودعوا خصومهم من فتح إلى تسليم أسلحتهم .

وقال شهود إنه تم الاستيلاء على مئات الأسلحة .

وأعاد هذا الى الاذهان ذكريات حملة كبيرة نفذتها فتح ضد حماس في عام 1996 عندما اعتقل مئات من رجال حماس .

وقال مسلح من حماس لرويترز “مرحلة عام 1996 انتهت الاسلام يحكم هنا .”

وقالت حماس إنها ستمنح عفوا لعدد من كبار مسؤولي فتح الذين اعتقلتهم .

ومن بينهم مصباح البحيصي قائد الحرس الرئاسي لعباس وجمال كايد قائد قوات الأمن الوطني في قطاع غزة وماجد أبو شمالة المسؤول السياسي البارز من حركة فتح في غزة وتوفيق ابو خوصة المتحدث باسم فتح وخصم حماس القديم .

وقال مسلح من حماس بعد ان استولى على سيارة تخص عضوا في فتح “نحن أخذنا السلطة .”

وأضاف “هذه مرحلة جديدة ..

مرحلة من المقاومة لا يوجد فيها مكان لأدوات أمريكا واسرائيل .”

وقال عاهد الرملاوي (45 عاما) من حي الشجاعية شرق غزة حاملا علما كبيرا لحماس “انا سعيد جدا وان شاء الله الوضع سيكون افضل، هذا يوم سعيد جدا لاننا تخلصنا من الخونة” .

لكن “ابو العبد” من مخيم الشاطئ علق باكيا “الخونة قتلونا تحت ستار الدين، اعدموا اولادنا واعتدوا على نسائنا وابو مازن (عباس) يتحمل مسؤولية تدميرنا .

نحن مقبلون على مستقبل مظلم وقاتم” .

الحركة في الشوارع صباح أمس الجمعة بدت خجولة فيما خيمت الصدمة على السكان .

وقال انور وهو سائق سيارة اجرة “امس كانت تحكمنا فتح واليوم تحمكنا حماس، ربنا يستر من يحكمنا غدا” .

عند مدخل مقر الرئاسة، ابلغ احد عناصر القسام الموجود على احد الحواجز الصحافيين ان المنطقة مغلقة وسيتم فتحها “بعد تطهيرها من الالغام” .

وشهد مصور وكالة فرانس برس تحطيم صور الرئيس الراحل ياسر عرفات وابو مازن، وشوهدت شاحنات تنقل من مقر الرئاسة الى جهة غير معلومة اجهزة واسلحة ومعدات اضافة الى اجهزة كومبيوتر واثاث .

وانتشر عناصر القسام عند جميع مداخل مقر الرئاسة وسيطروا على سيارات حرس الرئاسة رافعين عليها علم حماس .

ام خليل قنيطة (50 عاما) حضرت من حي الشجاعية مشيا بحثا عن ابنها قرب منطقة الرئاسة وقالت “لا احد يرضى عن هذا الاقتتال، صحيح اننا سعداء بمحاربة الخونة والقتلة والفاسدين ولكن ما يحدث دمار وليس في مصلحة احد” .

واضافت “قد يكون الوضع افضل في ظل حماس، هذا ما وعدونا به، ولكن وضعنا الاقتصادي سيء وليس في بيتي ما يكفي من الطعام” .

اما صلاح جودة (44 عاما) من تل الهوا في جنوب غزة فأكد ان حماس سمت المنطقة الآن “تل الاسلام”

واضاف “ما يحدث في غزة مهزلة وعيب وهذه الخطوة من جانب حماس خطأ كبير لانها تهدف الى تدمـير ممـتلكات الشعـب الفلسطيني” .

وتساءل “ماذا ستفعل حماس على الارض وماذا ستقول للناس؟

فتح كان فيها فساد كبير ولكن ليست هذه هي الطريقة لمعالجته، هناك طرق شرعية يجب سلوكها واعتقد ان هذه الخطوة ستفشل في النهاية” .

وقالت ام جبر (38 عاما) من حي الصبرة بتأثر كبير “حرام حرام، دمروا البلد (في اشارة الى حماس) وقتلوا الشباب، اصبحنا الآن في سجن حقيقي وحرموا ابناءنا اجازة الصيف وتقديم الامتحانات الرسمية” .

في المقابل، وقف عاطف حرز الله (37 عاما) امام مقر الرئاسة الفلسطينية مبديا سروره “لاننا تخلصنا من الحرامية والخونة” .

واضاف “هذه خطوة في الاتجاة الصحيح وما يأخذه المواطنون من الاماكن التي سيطرت عليه عناصر حماس هو مغانم حرب وهذا مال حرام اصلا” .

لكن ابو سعيد (50 عاما) الموظف والذي يقيم قرب مقر الرئاسة اكد ان “ما حدث تدمير للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني” .

واضاف “ستقوم الآن دولة في قطاع غزة تحكمها حماس ودولة في الضفة الغربية تحكمها فتح، لكن العالم لن يتعاطى مع دولة غزة التي ستتحول سجنا فيه كارثة اقتصادية واجتماعية” .

وتم تفجير بعض المقار الامنية فيما جاب عناصر كتائب القسام ملثمين شوارع مدينة غزة وهم يطلقون النار في الهواء .

وقام مدنيون بنهب وتدمير بيوت مسؤولين في فتح مثل محمد دحلان ورشيد ابو شباك، وسمح عناصر القسام لعشرات المواطنين بدخول منطقة الشاليهات، وهي منتجع سياحي فـي محيـط مقر الرئاسـة، حـيث تم نهبها بالكامل .

وقال عضو بحركة فتح العلمانية “ما بناه (الرئيس الراحل ياسر) عرفات خلال العشرين عاما الماضية دمرته حماس في عام واحد .

انه شيء محزن تبدد حلمنا في التحرير الوطني واقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة .”

وقال ابو علي شاهين وهو من زعماء فتح ان اسرائيل كانت اكثر رحمة بالفلسطينيين من حماس .

وقال جمال نزال المتحدث باسم حركة فتح عن 14 يونيو وهو اليوم الذي اصبحت فيه غزة فعليا كيانا مستقلا تحت سيطرة حماس انه يوم أسود في تاريخ فلسطين وانتكاسة كبيرة للجماعات الاسلامية والاسلام السياسي في العالم بأسره .

اما بالنسبة لحماس التي اعلنت بابتهاج سيطرتها على قطاع غزة فلقد كان الامر كما ذكرت محطة تلفزيون الاقصى الفضائية بمثابة تطهير لغزة من جماعات خائنة .

وأظهرت لقطات تلفزيونية افرادا من قوات الامن التابعة لفتح واياديهم مرفوعة الى اعلى اثناء استسلامهم بينما اطلق مسلحون من حماس النار تحت اقدامهم .

وعرض مسلحو حماس العربات والاسلحة التي استولوا عليها من فتح فيما نهب مدنيون مراكز قوات الامن التي هيمنت عليها فتح وانتزعوا اطباق استقبال ارسال الاقمار الصناعية بل وحتى الابواب .

ووسط حالة الكآبة التي سادت حركة فتح كانت هناك محاسبة للنفس ايضا واعتراف بسوء التقدير من قبل قادتهم وهو ما ادى الى الهزيمة امام حماس .

ولم تكن هذه اول هزيمة لفتح بيد حماس ولكنها بالتأكيد الاكثر مهانة والأبعد مدى .

وكانت فتح التي سيطرت على منظمة التحرير الفلسطينية في المنفى منذ عام 1965 والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة قد انهزمت امام منافسيها الاسلاميين في الانتخابات التي جرت في يناير عام 2006 .

وترأست حماس حكومتين منذ فوزها في الانتخابات التشريعية بينما بدت فتح في اغلب الاحيان ممزقة بالانقسامات والفساد .

وبعد ان ظهر مدى الانتصار الذي حققته حماس اعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو من فتح أمس الأول الخميس حالة الطوارئ وفعل اخيرا ما كان يطالبه به الكثير من اتباعه وهو اقالة رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية .

ولكن مع تحدي هنية في غزة لاوامر الرئيس وتشديد حماس من قبضتها على غزة قال الكثير من مسؤولي فتح ان الخطوة التي اتخذها عبـاس جـاءت متـأخرة أكثر ممـا ينـبـغي .

وعبر كثير من مسؤولي فتح عن شعورهم بخيبة الامل وانحوا باللائمة على عباس لانه سمح لحماس بتهميشه وتهريب ما يكفي من الاسلحة والاموال الى قطاع غزة لشن انقلاب حسب وصف فتح .

وبعد ذلك كان هناك الواقع العسكري .

وكانت قوات الامن الفلسطينية المدعومة والمدربة من الغرب يقودها اما قادة ضعاف او كبار في السن او فاسدون .

ولم يحصل الكثير من افراد هذه القوات على رواتبهم منذ ان شكلت حماس حكومة في مارس 2006 .

وقال مسؤولو امن فلسطينيون ان الامر استغرق شهورا من المفاوضات الصعبة لاقناع اسرائيل بالسماح بدخول اسلحة وذخيرة الى قوات الامن الرسمية .

ورغم انهم اصبحوا في نهاية الامر افضل تسليحا الا انهم لم يتمكنوا من مضاهاة قوة حماس التي اشترت كثيرا من اسلحتها بتمويل من ايران وتبرعات من دول اسلامية غنية في العالم العربي .

وقال مسؤول كبير من فتح في غزة لرويترز “لم تكن حربا على قدم المساواة مع حماس .

انهم (حماس) لديهم اسلحة متقدمة وقيادة مركزية واموال ضخمة .”

وتساءل المسؤول قائلا “(اما نحن) فماذا لدينا . . انقسامات لم يحارب حماس سوى 20 في المئة من (قوات) فتح لقد اعترى قوات الامن الضعف بسبب اسرائيل والجوع وعدم حصول الاشخاص على رواتبهم منذ مارس 2006 وغياب القيادة” .

وقال مسؤولون من فتح ان قوات الامن الفلسطينية عانت من عواقب انتفاضة عام 2000 عندما دمرت اسرائيل بنيتهم التحتية واعتقلت قادة فتح .

وتراجعت ايضا مصداقية حركة فتح الممزقة في عيون المواطنين مع رفض قادة الحرس القديم التخلي عن السلطة واعطاء الجيل الاصغر سنا دورا في اتخاذ القرارات .

ودعا مسؤولو فتح عباس الى اقالة حكومة حماس للابقاء على حلمهم القومي في اقامة دولة وهي خطوة يعتقدون انها ليست على جدول اعمال حماس .

وعندما اتخذ عباس هذه الخطوة اخيرا أمس الأول الخميس بدت كأنما فات اوانها .

واجتمع عباس مع اعضاء من الحرس القديم والجديد بحركة فتح أمس الجمعة في مقر المقاطعة الذي تحدى منه الرئيس الراحل ياسر عرفات اسرائيل خلال حصار طويل للمجمع عام 2002 .

وكانت فتح متحدة ولها الهيمنة تحت قيادة عرفات في حين كانت حماس على الهامش .

وقال مسلح من فتح لرويترز “لا بد وان ابو عمار (عرفات) يتقلب في قبره .

انه لم يكن سيسمح بحدوث ذلك قط .” رويترز والوكالات

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى