تنخيص الماء وتزريط الحمير

> سعيد عولقي:

> على الطريق الذي يتدلى من الخساف نزولاً ويمر مخترقاً وسط كريتر عدن- وهو الطريق الذي عرف باسم طريق غاندي لأن المهاتما غاندي في زيارة من زياراته لعدن سار على قدميه على هذا الطريق من أسفل كريتر إلى أعلاها حيث منتهى الطريق إلى معبد هندوسي يقدسه الهندوس ويريد المهاتما أن يزوره- على هذا الطريق ليلياً ومنذ بداية هذا الشهر الذي نحن فيه وقبل انتصاف كل ليلة يتدفق مجرى مائي يغطي الشارع- أو بالأصح يغطي الطريق- ويمضي منقسماً على جانبي الطريق كما تشاء له المنحنيات ويتفرع إلى شوارع جانبية في نزوله ليلتقي في شارع أبان بفروعه من جديد والتي تكون قد عبرت من الميدان ونواحيه وشوارعه الخلفية.. المنبع واحد والوقت تقريباً واحد وكذا سرعة التدفق والأهم من هذا كله هو أن هذا الماء المهدور ليلاً ماء صاف نقي زلال صالح للشرب مثله مثل ماء الحنفيات التي نشرب منها.. ليش؟ لأنه المصدر حق هذا وحق ذاك مصدر واحد.

طبعا كان لازم حد يسأل ويتحرك ويعرف ليش هذا السرف بالماء والتبديد اليومي له في نفس الأماكن والوقت وما هي المبررات وإلى متى بايستمر هذا الطعفار اليومي للماء العذب النقي على قولة صالح الفقي خاصة وأننا في بلاد تفتقر إلى الماء وتشكو من التصحر وتكاثر وتكالب لصوص الماء على منابعه وكما نقوم بحمله إعلام تقول بأن «الماء درة ثمينة.. فحافظ عليها» و«الماء هو حياتك.. حافظ على حياتك» وإلى آخره من هذه البوسترات واللافتات الإعلانية وغيره، فكيف نقول قول ونشوف ممارسة معاكسة له.. نجلس بانموت من العطش والغب والماء ينساب أمام عيوننا زلالاً على الرصدة كل يوم بالليل؟

نحنا أصحاب «الجسة» قلنا لا والله ما كانت ولا سبرت لابد من تقصي الأمر بهذ الشأن لأن صبرنا قريب شهر كفاية وكفاية قد نحنا صابرين على الحما وأهواله اللي ما شفنا أبشع منها هذا الشهر.. نحن اللي نعرفه عن الحما أنه إذا زر كثير وزيد بالزرور يزرط الحمير وهذا شيء معروف وما فيش حوله خلاف.. لكنه هذه المرة.. ما اكتفاش بهذا.. في حمير كثيرة ماتت وشبعت موت من هذا الحما الذي يعتبر وصلة صغيرة أو سمبل أو نامونة من جهنم الحمراء. قمنا نحن أصحاب «الجسة» بعقد لقاء عاجل لتدارس الوضع ومساعدة السلطة المحلية بما يمكن من أفكار أو تفاسير.. ترأس اللقاء الأخ المحترم حسن فرور عميد الجسة واقتصر على ثلاثة آخرين منهم أنا ويوسف محمود والمشاطل هوجله.. وفي عضو احتياطي لا يتكلم ولا يصوت ولا يرشح ولا يترشح.

افتتح الأخ حسن اللقاء بالديباجة المعروفة والترحيب بالعضو الساكت ودار كلام كثير ما بين أخذ ورد أغلبه حسب ظني كلام ماشي عليه عمد يعني فارغ.. المهم تم تكليف الأخ حسن فرور وله أن يستعين بمن يريد بالنظر في مسألة الماء السايب هذا اللي كل ليلة يتطعفر ويسيح على طريق المهاتما غاندي.. وقد قام الأخ الفرور بمهمته خير قيام حيث وافانا في اليوم التالي بتقرير وافي وصافي وخالي من البرعم وكان عاده بانقابل الأخ المدير العام لهيئة مياه عدن أو الأخ حسن سعيد نائبه لكن الوقت كان كثير ضيق والمي يا ناس الله كل يوم يتطعفر في أنصاص الليالي.. فحوى ما ورد في التقرير الفني المفند الذي أعده الأخ حسن فرور نتيجة لزيارته لتقصي الحقائق حول طعفار المي في طريق غاندي هي أنه البريشر (كلمة إنجليزية معناها الضغط) حق المي يزيد ليلياً مع أنصاص الليالي ولو زاد كثير فإن زيادته وقوة هذه الزيادة في الضغط اللي هو يعني البريشر يمكن يا معني تؤدي إلى تقريح البايبات حق المي واللي قد لها سنين ومنين وهي على حاله.. بالية ما اتبدلتش من سنة نوح عليه السلام، فعلشان ما تتقارحش البيبات حق «المنتقة» تجي كل ليلة جماعة من المهندسين ناس يقولوا انهم من المياه وناس يقولوا انهم من زوار الفضاء الخارجي.. المهم كل واحد يهدر على كبر حلقه.. هذونا المهندسين قال حسن: يفسّوا النخس حق الماكينة حق توزيع المي.. ومع هذه التفسية أو التنخيص يخرج هذا المي اللي تشوفوه يتطعفر كل ليلة في الرصدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى