كل شيء تمام!!

> عبدالله ناجي علي:

> تكمن المشكلة الجوهرية في البلدان المتخلفة، وبلادنا واحدة منها، في أن غالبية من يصلون إلى دوائر صناعة القرار دائما ما يكونون من أنصاف المتعلمين ومن يتحلون بمواصفات النفاق والتلون السريع، ومدمني التصفيق وهز الرؤوس.. والأهم من هذا كله نراهم دائما وهم يرددون أمام الحاكم شعار «كل شيء تمام»!! وهذا ما يعطي للحاكم انطباعا بأن الأمور تسير على ما يرام وأنه لا توجد هناك أي سلبيات أو إخفاقات، بينما الواجب الوطني والديني يحتم على كل وطني شريف أن يضع الحاكم أمام الحقائق، مهما كانت مرة، وأن يقول له كلمة الحق مهما كان الثمن.

والغريب في الأمر أن غالبية المسؤولين في بلادنا يرتاحون للصنف الأول، أي جماعة (كل شيء تمام) بمعنى أن هذه الجماعة عندما تستمع لحديث أي مسؤول أعلى منها مرتبة تردد بعده مباشرة «كل شيء تمام»، وكأن ما قاله هذا المسؤول أو ذاك لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه! بينما المسؤولون دائما ما يكونون بحاجة ماسة إلى من يضعهم أمام الأخطاء والسلبيات، لأن مشاغلهم كثيرة ويصعب عليهم معرفة كل تفاصيل العمل الذي يؤدونه.

والنقد البناء للأخطاء، وهي كثيرة في واقعنا والحمد لله، يجب أن يحتل أولوية لدى عامة الشرفاء في هذا الوطن.

والمطلوب من الجميع فضح وتعرية جماعة (كل شيء تمام) لأن غالبيتهم غارقون في مستنقع الفساد، فالنقد البناء للأخطاء بهدف تصحيحها هو سبيلنا للنهوض بوطننا نحو التقدم، وليس بهدف التشهير مثلما يفهم من قبل بعض المسؤولين المصابين بالأمية الفكرية.. ولعلنا نتذكر دائما أهمية النقد البناء في تاريخنا الإسلامي حين وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخاطب الناس ويستجرئهم على نقده وتقويمه فقال:

«أيها الناس من رأى منكم فيّ اعوجاجا فليقومني. فقال له أحد الرعية: لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بحد السيف. فقال عمر: الحمد لله الذي جعل من المسلمين من يقوم اعوجاج عمر بحد السيف».

كم نحن اليوم بأمس الحاجة إلى البناء والاستماع إلى من يطرحون حلولا ناجعة، خاصة تلك الحلول التي تأتي من قبل النخبة داخل المجتمع، كل في مجال اختصاصه، فالنهضة الحضارية لشعوب المعمورة بدأت نقطة انطلاقها من رؤى النخبة الصالحة- أي الكفاءات العلمية - وليس من تهريج جماعة (كل شيء تمام) ولا من تراث مصلحة شئون القبائل.. فلدينا والحمد لله كم هائل من الكفاءات العلمية ومن العناصر الوطنية الشريفة، والمطلوب فقط إيصالهم إلى مواقع صناعة القرار لتكون لهم اليد الطولى في إدارة التنمية نحو الأفضل، وليس وضعهم في زاوية المهمشين مثلما هو حاصل الآن.

ومن المؤسف أن الغالبية من جماعة (كل شيء تمام) الذين نسمعهم اليوم هم أنفسهم الذين نافقوا الزعماء السابقين في الشطرين، وهم اليوم من يرددون الأسطوانة المشروخة نفسها أمام الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بشعارهم المعروف (كل شيء تمام)، ومؤكد أنهم سيكررون ذلك لمن سيأتي بعده.. فهل آن الآوان لتخليص الوطن من هؤلاء المنافقين لما لهم من دور سلبي وتدميري تجاه الوطن؟ ونحب أن نذكرهم أن ربنا توعد المنافقين بأنهم في الدرك الأسفل من النار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى