طلبتنا يعانون من التمايز والفساد والحرارة

> محمد عبدالله باشراحيل:

> يكد الواحد منا ويتعب من أجل إسعاد أفراد أسرته بوجه عام ومن أجل أبنائه فلذات كبده بوجه خاص، كما يبذل أبناؤنا الطلبة جل جهدهم ويسهرون الليالي بغية الحصول على مستوى دراسي أفضل في مختلف المراحل الدراسية، وتحقيق معدلات عالية وخاصة في امتحانات الثانوية العامة، باعتبار نتائجها ومعدلاتها هي المعيار الأساسي لبلوغ التخصصات والمجالات التي رسموها لأنفسهم، ولكن الظروف المحيطة بطلبتنا وخاصة في المحافظات الجنوبية مليئة بالمنغصات التي تؤثر عليهم سلباً، فتصيب بعضهم بالإحباط من جهة، وتعتبر بالنسبة للبعض الآخر بمثابة عوائق تقف أمام طموحاتهم المشروعة من جهة ثانية، فمن هؤلاء الطلبة من يصل إلى درجة اليأس ويستسلم للفشل سائلاً نفسه «لم التعب والدراسة وسهر الليالي مع أن النتيجة معروفة لي مسبقاً بانضمامي مؤخراً إلى جيش العاطلين ومعكسر البطالة فأنا لست ابن القبيلة؟ِ» ومنهم بالرغم من تحقيقه وإنجازه معدلات عالية جداً في امتحانات الثانوية العامة تؤهله للحصول على منحة دراسية خارجية، إلا أنه يحرم منها لتؤخذ منه ظلماً وتمنح لمن لا حق له فيها من أبناء المسؤولين والمتنفذين، كما أن أبناءنا الطلبة إضافة إلى ذلك يرون بأم أعينهم مشاهدات وممارسات عجيبة من حولهم تؤثر عليهم سلباً وتزيدهم خوفاً على مستقبلهم وتهز ثقتهم في مصداقية الدولة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ملاحظتهم وعوداً بتنفيذ برامج انتخابية ممثلة في مشاريع تنموية لمناطقهم أثبتت الأيام أن معظمها أكاذيب ومزاعم واهية كان الغرض منها الحصول على أصوات الناخبين فقط، وكذا صدور قانون محاربة الفساد منذ أكثر من عام، في حين لم يقدم للمحاكمة حتى الآن أي فاسد مع أن الساحة مليئة بهم، كما أن طلبتنا في المحافظات الجنوبية كبشر يحسون أيضاً ما يصيب أقاربهم وجيرانهم وأصدقاءهم من تعسف وظلم في عدم تشغيلهم في محافظتهم وإعطاء الفرص لغيرهم من خارجها أو إحالتهم إلى التقاعد قسراً والكيل بمكيالين، إضافة إلى إدراكهم لقضايا الأراضي المستولى عليها أو الموزعة للمتنفذين وحرمان المستحقين من أبناء مناطقهم منها، كما أنهم يعون جيداً أن أبطال الحروب لا تعطى لهم بيوت الناس وأراضيهم لتباع وتملأ جيوبهم بل يمنحون أوسمة ونياشين توضع على صدورهم، كل هذه الأمور وغيرها يدركها ويعيها طلبتنا وتؤثر سلباً على تحصيلهم العلمي ونفسياً، لكن ما زاد معاناتهم سوءاً هذا العام الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة أثناء فترة الامتحانات وبصورة غير مسبوقة في مثل هذا الوقت، وقد زاد الطين بلة انقطاع الكهرباء شبه اليومي وأثناء وقت الامتحانات أيضاً، الأمر الذي سيؤثر سلباً على نتائج طلبتنا بشكل كبير هذا العام، وكان يفترض أن تحل هذه المشكلة قبل سنوات عديدة حسب الوعود المتكررة، وتعتبر الكهرباء في المحافظات الجنوبية من القضايا الملحة جداً ولا تقبل المماطلة أو التأجيل والتي يمكن تمويلها من ثرواتها الزاخرة ولسان حال الناس فيها يقول «لسنا مستعدين لا نحن ولا أبناءنا الانتظار حتى إنتاج الكهرباء بالطاقة النووية»، وفي هذا الصدد وكون الفترة مايو- يوليو من كل عام هي الأشد حرارة والأكثر رطوبة في مناطقنا كما هو مرصود رسمياً فإننا نقترح بداية العام الدراسي في منتصف أغسطس وانتهاءه في أوائل مايو، ونعتقد جازمين أن هذا التغيير ستكون له آثار إيجابية وكبيرة على طلبتنا، وسيساعد في تقريب مفهوم المساواة وتكافؤ الفرص مع تكافؤ الظروف المناخية نسبياً.

والخلاصة أن طلبتنا لا يعانون من الحرارة وانقطاع الكهرباء خلال فترة الامتحانات فحسب، بل إن الفساد وسياسات التمايز والتهميش جعلتهم يحبطون ويشعرون وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية في وطنهم، وهذا أمر مرفوض وسنقاومه ونستغرب لما يجري في البلاد فقد أصبح المرتشي هو الشاطر والمواطن هو الغريب والمعروف هو النكرة، أو كما قال شاعرنا المحضار «كذا تلقين ياالدّنيا تردين الوفي عيّاب والعايب وفي/ ويبقى المعرفي منكور في عينيك والمنكور يبقى معرفي/ متى باتنصفي/ عليّه طالت المدة وهلّ الشهر وتناصف/ إذا برقت من القبلة ترفّع فوق يا طارف» والله وحده هو المنصف وما ضاع حق وراءه مطالب، والحساب يوم الحساب وهو آت لا ريب فيه.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى