فراعنة وأغاوات الوطن!

> سعيد عولقي:

> كيف يمكن أن تقدر الدولة إثبات نفسها بقيادة المجتمع بالصورة اللائقة باسمها ورسمها وبالشكل اللي يفترض أن تكون عليه كما هي عليه الدول الفاعلة اللي يرى الناس ويريدون - على الأقل في الحد الأدنى من دور الدول في القيادة الحازمة والعادلة - وهي في كل يوم ترى خبيقة من فعل فلان أو شبيقة ارتكبها علان ولا تحرك ساكناً وبذلك تخلي الميدان لفرعنة فراعنة صغار يعبثون بأي شيء مستندين إلى حماية الدولة حتى أن الناس يصدقون اليوم بأن ما يفعله هؤلاء إنما هو من تدبير الدولة ينفذونه بإرادتها ومباركتها .. و.. وربما دعمها؟!

أشتي أقول إنه البواطل هذي اللي يرتكبها صغار الفراعنة والأغاوات والافنديمات تحسب على الدولة - وهي يجب أن تحسب عليها بطبيعة الحال - لأن الدولة لا تحرك ساكناً -إلا فيما ندر- لإيقاف البواطل وإحقاق الحق.. ولا تعمل على تشغيل الجهاز العملاق جداً جداً الذي يتعبها في تطبيق القانون وتثبيت دعائم الاستقرار .. فنرى المتنفذين ممن أشرنا إليهم بالفراعنة الصغار والأغاوات والافنديمات وهم جزء قوي وقد يكون الأقوى في جسم الدولة يمارسون رياضة الطغيان بالخروج على القوانين مادامت الدولة الموجودة المتوفرة لدينا تلعب لعبة ماعليش خلي العيال يلعبوا لهم مادام معانا رعية من كباش الله في برسيمه.

ومادمنا في حال مثل هذا فلا يجب أن تستغرب عندما تسمع أو تعلم أو تمر أو تقع في حالة خروج على القانون لأن الدنيا مفلتة ومافيش حد قادر يضبط أحد وأنت ما تقدر توصل للرجل الأوحد الذي يستطيع أن يضع حداً للخروقات «لأننا في الوطن العربي نقع كثيراً - بل دائماً - في محظور اختزال الوطن في رجل .. واختزال الدولة في قرار يأمر به .. وننسى أحياناً أن الرجل يمكن أن يكون في وقت من الأوقات صورة إنسانية لوطن .. لكن الوطن لا يستطيع أن يتحول إلى صورة شخصية لرجل!».

منشان كذا استفحل أمر الأغاوات إياهم إلى أن أصبحت الدنيا مفلتة وكل واحد يسرح ويمرح في اقطاعيته ولا حد بيكلمه يعني ..هناك من يقتل ويهرب إلى بلد شيخه .. ومن يسرق وينهب ويجيب رجال الدولة يحرسوه وهو يسوي ما اشتهاه على قولة الأغنية .. وهناك من يحكم في المجالس ويحول المليارات إلى بنوك سويسرا لاند اللي ماهيش وحش كاليمن وكله يخرج من مال الشعب ولاحد بيكلمه يعني، وهناك قاض محترم يحكم بالقانون حكم مايعجبش الأغاوات فيتحول إلى متهم وترفع عليه قضية ويدان .. وناس تشتكي لناس .. وناس تبكي النصيب .. حد شاف لي محكوم عليه قضية كبيرة وبعدين يطلع الأخ من السجن زي الالماظ البرلنتي الحر ولا كأنه فعل شيء .. وبعدين واحد كان يكلم صاحبه على واحد ديوس كان في حضرموت.. سرق الذهب اللي في واحد من دكاكين الذهب هناك.. وحمل بابوره وخرج وقالت الأخبار بعدين إنه راح إلى عند قبيلته وباس يد شيخ القبيلة علشان يحميه من البوليس ..الشيخ أعطى للسارق البركة وحماه .. ليش؟ لأنه هذا الشيخ ولاحد بيكلمه يعني .. وقوات تنهب أراضي .. وضباط ينهبون مزارع وصف ضباط يمصون الماء من تحت الارض والماء ينقطع عن تموين أهل ذا الساكن لأنه يتحول إلى التعبئة في قوارير بلاستيكية ويضاف إلى كلمة الماء كلمة صحة .. وذا كله كذب يعني وخارج القانون، لكن مصاصي الماء والدماء من الناس اللي ماحدش يقدر يكلمهم يعني .. البلاد مفلتة وكل واحد ينتع من جنب لما شنتحوها كله شتر شتر ويا ابن الجنوب غني معي من باينصفك؟ نحنا هنا بصراحة مشغولين ندور على الصيد الثمد.. كل يوم نروح صيرة ونسأل في ثمد وإلا مافيش؟ وطبعاً نرجع خائبين لأن هناك عملاء يشتغلون مع دول أجنبية يبيعوا الصيد وعاده داخل البحر.. لكن في غيرنا ناس ثانيين يعبروا عن معارضتهم ورفضهم للدولة بكل ما فيها من خرمبطيات وحتى انهم يحاربوها بحمل السلاح ولكل شيخ طريقة ولكل آدمي أسلوبه ولما تكون البلاد مفلتة تلاقي الأغلبية من الناس ترعى مع الراعي وتأكل مع الذيب.

في حالة قلق في اليمن تخلي كثير من القوى ماترضاش باللي تشوفه .. وتتحفز في كل النواحي تفتش عن حلول وخيارات بديلة تلمح بمستقبل أفضل .. هذا القلق والبحث والتفتيش يعبر عن نفسه الآن بطرق بعضها مشروعة ومعقولة بل ومطلوبة لأنها تتحرك في إطار دستوري وقانوني .. وبعضها الآخر قد لا تكون مقبولة بل إنها مرفوضة لأن العنف لا يولد إلا عنفاًَ .. إلا أن الحقيقة الظاهرة والجلية هي أن اليمن مش راضية .. على الإطلاق .. ولو ظن القائمون على الأمر أن اليمن راضية مستسلمة باليأس والقعود لكانوا مخطئين .. وأملي أن يؤدي عدم الرضى إلى طاقة إيجابية تعيد إلينا الأمل في المستقبل .. ولا أعود فأختزل الوطن في صورة رجل هو رئيس الجمهورية .. ولكني لا أنسى أن الرجل يمكن في وقت من الأوقات أن يكون صورة إنسانية لوطن .. وهذا الوقت هو الآن!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى