المنتدى القضائي المطلب الملح لمنتسبي السلطة القضائية

> نورا ضيف الله قعطبي:

> كان لنا نحن المنتسبين للسلطة القضائية.. منتدانا القضائي الذي جاء في خضم الفرح الوحدوي وتكون عقب قيام الوحدة المباركة، يومها في 5 محرم 1413هـ الموافق 1991/7/17م استهلت أعمال المؤتمر التاسيسي الأول للمنتدى القضائي في صنعاء، ليجمع ولأول مرة أعضاء السلطة القضائية من مختلف محافظات الجمهورية تحت راية المؤتمر.. انتخب المؤتمر التأسيسي قيادة المنتدى من 11 عضواً وتم إقرار النظام الأساسي الذي يتكون من 23 مادة وقد كان من أهدافه:

- توثيق عرى المحبة والإخاء وتعزيز روح التعاون والتضامن بين رجال السلطة القضائية وتيسير سبل اجتماعاتهم وتعاونهم وتقديم الخدمات لهم.

- ترسيخ مبدأ استقلال القضاء.

- نشر الثقافة القضائية وتوظيف الخبرات العملية للارتقاء بمستوى العمل القضائي.

- تنشيط الأبحاث الشرعية والقانونية والحفاظ على الشريعة الإسلامية وتطوير تقنيتها ومتابعة تطورات التشريع والقضاء.

- رعاية مصالح الأعضاء وحقوقهم والتحدث باسمهم.

- اقتراح مشروعات القوانين وتعديلاتها وتقديم المشورة فيها.

يومها جمعنا المنتدى وكان عرساً وحدوياً حقيقياً بكل المقاييس اجتمعنا فيه من شتى أنحاء الجمهورية لنخوض جميعاً تجربة إنشاء الكيان الخاص بنا كمنتسبين للسلطة القضائية، يومها ضجت بنا ردهات وقاعات الفنادق في العاصمة صنعاء، بينما كان الأخوة الأفاضل من قضاة المحاكم والنيابات العامة في اللجنة التحضيرية والإشرافية يشرفون على كل صغيرة وكبيرة لإتمام عملية إنزالنا كضيوف في ساعات ما قبل البدء بجلسات المؤتمر التأسيسي الأول للمنتدى القضائي.

الساعات الأولى ليوم المؤتمر الأول للمنتدى شهدت توافد القضاة والقاضيات، قضاة الحكم وقضاة الادعاء، في حفل بهيج كرست فيه اللجنة التحضيرية جل وقتها وطاقاتها للتفرغ لإتمام انعقاد المؤتمر في يومه وساعته المقرة سلفاً، وكان لافتاً الحضور المتميز للمرأة القاضية في المحاكم والنيابات، حسبت اللجنة التحضيرية والإشرافية حساب كل شيء وأوجدت كل مستلزمات المؤتمر ولكنها لم تحسب قط أن القاعة أو الساحة ستغلي كالمرجل عقب ثوان من بدء أعمال المؤتمر.. لكن ذلك حدث إذ إن البعض كانت لديه قناعاته الخاصة بأن المرأة لا تصلح للقضاء وبالتالي لا يحق لها التواجد في هكذا محافل.. وما أن وقع نظرهم على المقاعد التي شغلتها القاضيات حتى حصل الهرج والمرج وتحولت القاعة إلى منبر ساخن حيث شحذ المناوئون لعمل المرأة في سلك القضاء (التقدير لشخوصهم أينما كانوا الآن) كل أسلحتهم وأعدوا لذلك ما استطاعوا من سبل وتفننوا في إبراز مواقفهم المعارضة، وهم في خضم تلك المعركة لم يألوا بأساً في الاستشهاد بسور من آيات الله المحكمات وأحاديث المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وشنفوا مسامعنا بالقصائد جديدها وقديمها والزوامل الشعرية والأهازيج الشعبية ومفردات الويل والثبور وزلزلت القاعة زلزالها.. وظلت الميكروفونات هي الأداة الفاعلة لإيصال الصوت إلى أبعد مدى وظلت مختطفة لأكثر من ساعة ليوكدوا أن المرأة لا تصلح للقضاء وليس محلها المؤسسة القضائية على الرغم من أن وجود المرأة في السلك القضائي كان مبعثه الاستحقاقات الدستورية والقانونية لدولة الوحدة التي أكد عليها فخامة الأخ رئيس الجمهورية حفظه الله في أول اجتماع للسلطة القضائية في محكمة استئناف م/عدن بعد أن وضعت الحرب أوزارها وصمتت دانات المدافع.. يومها قال الرئيس كلمته الرائعة وتوجيهه الصريح بأن وضع المرأة في إطار السلطة القضائية لن يمس وهو محكوم بالاستحقاقات الدستورية والقانونية لدولة الوحدة وهو الموقف الذي كان عليه الأخ رئيس الجمهورية منذ الساعات الأولى لعمر الوحدة المباركة وحتى الساعة.

ما حدث في الساعات الأولى لعمر المنتدى القضائي ومؤتمره الأول كان حدثاً مشهوداً ومؤثراً لم يترك لنا يومها خياراً للرد على تلك المواقف لأن اللجنة الإشرافية من القضاة الأفاضل تكفلت بالرد والتنويه في مستهل الجلسة الأولى بأن وضع المرأة القاضية محكوم بالاستحقاقات الدستورية والقانونية لدولة الوحدة وللمرأة اليمنية عموما كشريك أساسي في العملية التنموية والنهضوية لليمن الواحد وبالتالي فإنه لا مجال للخوض في مسألة كهذه ولا بالمقدور العودة إلى الوراء لأن عجلة التاريخ ونمط التطور يقودان دائماً إلى الأمام لا إلى الخلف، وبهذا حسم أول معترك حقيقي لوجود المرأة القاضية في السلك القضائي والمحافل المرتبط بها ذلك الوجود، بعدها استمرت أعمال المنتدى القضائي وفعالياته حتى انعقاد المؤتمر العام الثاني للمنتدى الذي انعقد خلال الفترة من 6-8 ربيع الثاني 1417هـ الموافق 1996/8/22-20م وقد اتسمت أعمال المنتدى بالفاعلية والترجمة الحقيقية للأهداف التي بموجبها أنشئ المنتدى وكان المنتدى حينها بحق صمام أمان لحقوق منتسبي السلطة القضائية ومترجماً أصيلاً لحقوقهم ومصالحهم وقد استطاع المنتدى النهوض بواجباته وأهدافه ومن ذلك:

-1عمل على تحسين المستوى المعيشي لأعضاء السلطة القضائية من خلال المطالبة بالبدلات المستحقة لهم ومنها بدل السكن وبدل الانتقال وغيرها من البدلات والحقوق الأخرى.

-2 تبني مشروع تعديل قانون السلطة القضائية.

-3 شارك في عدد من المؤتمرات والندوات الثقافية حول الإصلاح القضائي على مستوى الداخل والخارج.

-4 ساهم المنتدى في تقديم العلاج لكثير من أعضاء السلطة القضائية.

-5 أسهم المنتدى في إعداد بعض مشروعات القوانين القضائية.

-6 عمل على إبراز معاناة القضاة والصعوبات التي تعيق عملهم وتبنى وضع الحلول المناسبة لها وأسهم في العديد من الأنشطة الهادفة إلى تحسين الأداء والارتقاء بالعمل القضائي إلى مستوى افضل.

ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان إذ وعقب المؤتمر الثاني لم تقم للمنتدى قائمة فقد اعتل جسد المنتدى ودخل في غيبوبة عميقة شخصت بأنها موت (إكلينيكي - سريري) وعلى الرغم من إمداد جسد المنتدى بالأمصال المغذية (الأقساط الشهرية بواقع 100 ريال من كل منتسب للسلطة القضائية في المحاكم والنيابات في عموم الـ 22 محافظة) إلا أن ذلك لم يقدم ولم يسارع في شفائه ولم يعلن بعد عن النهاية الحتمية لهذا الاعتلال وعلى ما يبدو أن هناك خشية من إعلان النهاية ويبدو أن البعض يفضل أن يظل هذا الجسد مسجى إلى ما لا نهاية على الرغم من أن كرامة الميت دفنه.

المنتدى القضائي.. هذا الكيان الوحدوي الذي جمعنا في حفل وحدوي كنا جميعاً شهود تأسيسه وشهود إقرار نظامه الأساسي والذي ارتضينا من خلاله أن يكون راعياً لمصالحنا وحقوقنا والتحدث باسمنا، هذا الكيان نحن اليوم في أمس الحاجة إليه ككيان خاص بنا نحن أعضاء السلطة القضائية في عموم الجمهورية ونحن بحاجة إلى هذا الكيان الذي كان والذي يجب أن يكون ليظل خير داعم وحام لحقوق ومصالح أعضاء السلطة القضائية.. ما أحوجنا اليوم إلى منتدى قضائي يجمعنا وينهض بمسئولياته تجاهنا من خلال تعزيز وترسيخ مبدأ الاستقلال للقضاء والقضاة والحفاظ على المكتسبات التي تحققت للسلطة القضائية بمعزل عن مشاركته الفاعلة اليوم والعمل على تعزيز تلك المكتسبات من خلال بحث آليات جديدة وأنماط أكثر فاعلية.. والعمل على حماية الحقوق الخاصة بأعضاء السلطة القضائية ورعاية مصالحهم وتقديم الخدمات ومعالجة قضاياهم وما أكثرها.. الخ. نحن بحاجة اليوم للمنتدى القضائي أكثر من أي وقت مضى.. لأن ثمة حراكاً غير عادي في الساحة القضائية وثمة إنجازات كبيرة محققة في إطار المؤسسة القضائية تتطلب وجود المنتدى.. اليوم تشهد العدالة والقائمون عليها إصلاحات حقيقية وتصحيح مسار ونهوضاً بأوضاع السلطة القضائية وتعزيزاً لاستقلالها المالي والإداري والقضائي.. اليوم تتسارع الخطى ولا نلتقط أنفاسنا جراء هذا الزخم وهذه الطفرة النوعية في ترسيخ مداميك العدالة وقيم الحق، وهذا الإعجاز في الكم الهائل من الأعمال لصالح العدالة والمشتغلين في قطاع العدالة يتطلب بالضرورة أن يكون ثمة كيان لمنتسبي السلطة القضائية خاص بهم وراع حقيقي لحقوقهم وقضاياهم.. والمشهد اليوم في إطار السلطة القضائية مدعاة للفخر والإعجاب لكل ما هو مكرس لخدمة النهوض بالمؤسسة القضائية وتفعيل أجندة الإصلاح القضائي فيها وتثبيت استقلال السلطة القضائية ومعالجة قضايا المنتسبين إليها، لكن ذلك سيكون له أثره البالغ فيما إذا تم في ظل الكيان الخاص بنا نحن المنتسبين وهو وجود المنتدى القضائي.

اليوم نحن بحاجة ماسة وملحة لعقد اجتماع انتخابي ودعوة الجمعية العمومية لانتخاب كيان آخر فاعل وقادر على حماية الأهداف التي بموجبها أسس المنتدى.. آن الأوان لانتشال أوضاعنا وحماية حقوقنا ومراعاة مصالحنا.. لأن ذلك حق مكفول قانوناً.. من حقنا الدعوة لعقد اجتماع انتخابي للتعبير عن مصالحنا والذود عنها ومن حقنا حماية حقوقنا نحن القضاة أعضاء السلطة القضائية وإذا لا سمح الله عجزنا عن حماية الحقوق والمكتسبات الخاصة بنا فإن ذلك سيكون له تأثيره المباشر وسيمتد حتماً إلى عدم قدرتنا على حماية الحقوق الخاصة بالآخرين.. ففاقد الشيء لا يعطيه ومن يهن يسهل الهوان عليه، والله من وراء القصد.

رئيس نيابة إستئناف الأموال العامةم/عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى