الأسعار نار وبقاء الأجور على حالها جريمة وعار

> محمد عبدالله باشراحيل :

> الهدف «تحسين المستوى المعيشي للمواطن» هو الذي يتصدر البرامج الاقتصادية لأي حكومة أو حزب سياسي في أية دولة، فإذا ما ارتفعت الأسعار وبقيت الأجور على حالها فإن المستوى المعيشي للموظفين ينخفض وترتفع نسبة شريحة الفقراء، ولهذه النتيجة تبعات سلبية كبيرة ومن هنا جاء مبدأ «ضرورة زيادة الأجور عند زيادة الأسعار». والملاحظ أن قانون التأمينات والمعاشات رقم (25) لسنة 1991م ربط بين زيادة الأسعار وزيادة المعاشات في البند (2) من المادة (77)، مع أنه لم يطبق على الواقع حتى الآن لعدم وجود آليات لتنفيذه، وهذه مشكلة، ولكن المشكلة الأكبر أن قانون الأجور والمرتبات رقم (43) لسنة 2005م لم يورد حتى ضمن أهدافه «تحسين المستوى المعيشي للموظفين» ولم يتضمن أي مادة تتعلق بزيادة الأجور عند زيادة الأسعار، بينما تضمنت مادته (31) «منح عضو مجلس النواب بعد انتهاء عضويته مرتب وبدلات وزير مدى الحياة». أليس هذا غريباً؟

ومن المفارقات الغريبة في اليمن أن قانوني الأجور وضريبة المبيعات صدرا معاً يوم 2005/7/18م ولم يتم تنفيذ قانون الأجور كاملاً وبصورة صحيحة بينما تم تنفيذ قانون ضريبة المبيعات بدءاً من يوم صدوره، وكان أحد الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار عبر السنتين الماضيتين، الأمر الذي يؤكد أننا أمام سلطة همها الأساسي جباية الضرائب من المواطن لا تحسين مستواه المعيشي، والملاحظ أن الأسعار في ازدياد مستمر عاماً بعد عام مع بقاء الأجور على حالها حتى عام 2005م، فلقد زادت أسعار المواد الغذائية أكثر من ?20 عام 2004م، حسب الإحصاءات الرسمية، وكون قانون الأجور صدر قبل سنتين فقد قمنا بجمع أسعار بعض السلع في نهاية يونيو الماضي من أسواق عدن لمقارنتها مع أسعارها لعام 2005م المنشورة رسمياً، وكانت نسبة زيادة الأسعار خلال السنتين الماضيتين كالتالي: الرز البسمتي ?36، لحم ماعز بلدي ?32، حليب نيدو ?30، سمك ديرك ?40، سكر ?43، دقيق أبيض ?23، موز محلي ?20.

وفي تقديرنا أن الأسعار بوجه عام قد زادت بنسبة تقارب ?35 خلال العامين الماضيين، وهذا يعني أن القوة الشرائية للحد الأدنى للأجور (20000 ريال) المقر عام 2005م، قد انخفضت هذا العام إلى 14815 ريالاً، وإذا استمرت الأسعار في الارتفاع للسنتين القادمتين فسينخفض الحد الأدنى للأجور كقوة شرائية عام 2009م إلى 10970 ريالاً.

فماذا سيغطي هذا المبلغ الهزيل؟ وهذه النتيجة ستؤدي إلى انخفاض المستوى المعيشي بوجه عام لمن أجورهم أو معاشاتهم في هذه الحدود بوجه خاص، وإلى توسيع شريحة الفقراء، وسيكون أكبر المتضررين الفقراء من أبناء المحافظات الجنوبية باعتبار أن معظمهم يعتمدون على المرتبات وليس لديهم دخول أخرى وكونهم يمثلون الغالبية من مجموع المتقاعدين والمسرحين. وهذا ظلم.

غريبة هذه اليمن مليئة بالمتناقضات والوعود الحكومية الكاذبة، ومنها انخفاض الأسعار، وفيها فقر مدقع وغنى فاحش بين المسؤولين، وقد قيل إن مسؤولاً يمنياً طلب من مليونير ألماني أن يستثمر في اليمن فأجابه مستغرباً «لماذا لا تبدأ أنت باستثمار أموالك الهائلة المودعة في ألمانيا في بلدك ثم سنأتي بعدك نحن الألمان وغيرنا من المستثمرين الأجانب».

والخلاصة أن افتقاد الدولة برنامجاً سياسياً واقتصادياً متكاملاً أظهر عجزها عن حل المشكلات الأساسية التي تواجهها البلاد، والمسؤولون والمتنفذون الكبار مشغولون بدرجة رئيسة بحصصهم في أراضي وثروات المحافظات الجنوبية.

أما قضايا الناس وحقوقهم فتأتي في أواخر سلم أولوياتهم، وما ارتفاع الأسعار وبقاء الأجور على حالها إلا واحدة من مجموعة حقوق نطالب بها، وسنظل نطالب بها فما ضاع حق وراءه مطالب أو كما قال الشاعر الشعبي عوض سالم بن فاتح:

مهما تطول المرحلة عاد الدوائر باتدور

والحق با يرجع لأهله من غراغير الطيور

* كبير خبراء سابق بالأمم المتحدة

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى