سيبقى أبداً حنيني إليك

> ريم عبدالغني:

>
أقلب البطاقات البريدية القديمة وأوراقه التي احتفظت بها بين أغلى ما لدي ..أتأمل بحنان .. خطه الجميل .. الذي طالما سحرني.. تتدفق من انحناءات أحرفه عشرات الذكريات.. فتطل صور الزمن الجميل من بين طيات الأوراق المصفرة ..

يجتاحني حنين وحزن ..

منذ أن رحل .. وأنا أخبئه في مكان ما داخلي .. أحاول ألا أخرجه أبدا ... كي لا أراه طيفاً يبدد وهمي بأنه مازال موجوداً .. وأنه سيكون هناك .. حين أقتحم غرفته ضاحكة .. أداعبه بشقاوة طالما أحبها .. أخبره عن أشياء كثيرة.. يصغي بصبر وحنان لثرثرتي .. يختلق سؤالاً هنا وتعليقاً هناك، ليوهمني أنها تهمه .. شؤوني الصغيرة ..

منذ غاب .. وأنا أبحث عن حل لغصة تسكنني.. ويزداد يقيني أنها سترافقني حتى آخر العمر ..

لم أقبل أبداً .. الفكرة المرعبة لانسلاخه عن حياتي في لحظة .. لحظة واحدة ..يقف فيها القلب الذي احتوانا جميعاً .. ويوارى في التراب .. بدلاً من سريره .. ملجئي في ليالي الشتاء العاصفة .. حين كان يخيفني صوت الرعد -أو أتظاهر بذلك - ليحتويني في حضنه الدافئ..

سبع سنين عجاف مرت منذ ذلك اليوم الذي غير حياتي، تلك الليلة الحزينة التي لا أنساها من أواخر رمضان.

ولأنني كنت أثيرة لديه.. و كان صديقي، فقد كان مألوفاً أن أمرض كلما سافر وأن أشفى حالما يعود، و.. مرضت بعد رحيله .. لعدة أشهر انتظرت في اللاوعي عودته، حتى أنقذتني نظرات الخوف والحزن في عيون من أحبهم، وإذ قررت أن أشفى ..فإنني لم اقتنع أبدا أنه لن يعود ..

وكم من مرة بعدها عاد ..وعانقته وبكيت على صدره .. في أحلامي.

وكم مرة رفعت فيها سماعة الهاتف وهممت بطلبه .. وكم مرة فكرت فيما سأهديه في عودتي من أسفاري الكثيرة التي لم تفلح في إبعاده عن روحي شبراً واحداً.

قليلة هي المرات التي جرؤت فيها على زيارة قبره .. في داخلي قناعة راسخة أنه ليس هناك، بل هو هنا معي على الدوام .. أقسم انه معي .. حتى حين لا أفكر بذلك.

أبي .. رحيلك زادك اقتراباً .. وكلما مر يوم تضاعف حنيني إليك وكبرت حاجتي لك ..

أفتقدك حقاً.. وأشعر أنك تتأمل ما أخطه الآن، وترمقني بفيض حنان .. بفخر فنان أمام لوحته المفضلة.

ستبقى أبداً في أعماقي.. جرحاً سرياً ....

و سيبقى أبداً حنيني إليك..

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى