محمد قائد سيف مبكراً بشهية واحدة .. هي الوطن!

> د. هشام محسن السقاف:

> كطائر الفلمانجو يحط الرحال، والشراع التي أقلعت كثيرا في تفاصيل الوطن، الأرض والإنسان، يحط بسكينة وباطمئنان نادر في عدن، المدينة البركانية التي تختزل الوطن وتصنعه في كل تفاصيلها المحايدة الجبل والبحر. وبشهية طافحة لنترات التراب تتمازج جيناته بالأرض هذه المرة وكأنه على موعد مع التوحد الحقيقي والثورة الحقيقية، واستشراف أفق الوطن من بين ذراته.

كان الريفي الصغير يخرج من خصيلة جبال القبيطة دائراً في فلك أكبر وباحثاً عن لغز معقد في مدينة فتحت لنهارات الشموس نوافذها باكراً. لم يكن الإمام والنصارى والحركة الوطنية والصحافة والنقابات والأحزاب والمرأة في عدن إلا مرآته التي تعكس شغفه بالثورة والانعتاق، فيشرع للرياح القادمة شراعه لأول مرة، وتصقله المدينة التي أحب، ويجد نفسه في الحالمة تعز يصنع مع آخرين شهية الحلم المرتقب، يوم أن دوت طلقات المدفعية في قصر الإمام لتصحو الناعسة وترقب في وجل صنيعة الثوار دون أن تفهم كثيراً ما يجري.

وكان محمد قائد قد جرب لحلمه أن يتحقق دون خوف محاولاً إلى حد الصعود إلى حبل المشنقة. وحين امتلأت ساحة الميدان برؤوس الثلايا والغول والسياغي ومعصار وغيرهم، كانت جبال القبيطة تفتح له طريق العبور مجدداً إلى مدينته التي أحب ..عدن، ليبدأ من دواخل المدينة المشرقة دائماً تفاصيل ملحمة أخرى تقترب من الحلم رويداً رويداً، وكان دائماً العبور إلى باب صنعاء المغلق بالإمامة والتخلف يمر من أرتال النور المتحرك في عدن ومنها.

هذه المرة كان الجيش يصنع لحظة مثلى، تدوي الانفجارات في أذن المدينة المتخمة بالعزلة والجهل، ودون تردد كان محمد قائد سيف في قلب الحدث يصنعه مع زملاء له بكلتا يديه، وعندما تعبر كل القوى والتيارات إلى دواخل الثورة ينتقي محمد قائد سيف الوطن في الثورة والثورة في الوطن، ويصبح زاهد الثورة وصوفيها الذي تحركه نوازع التغيير ومبادئ الثورة المثلى للانخراط في تفاصيل الوطن واحتياجاته من الثورة لا احتياج رجال الثورة من الوطن. ويبقى بهامته المرتفعة وجه الثورة الذي لم يتشوه. وحين يخرج إلى لحظاته التأميلية في الثورة الجمهورية من خارج بؤرة الحدث، يخرج بنصاعة الوجه ذاته الذي حمله صغيراً من جبال القبيطة إلى عدنه، ولتكون هذه المدينة التي أحب شاهده الأخير على توحده في الوطن من بين ذرات ترابها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى