أقصوصة .. العم شعفل

> «الأيام» عبدالله قيسان:

> كان الوقت ليلاً الثامنة مساءً تقريباً، كانت العيادة مكتظة بالمرضى الذين ينتظرون دورهم في الدخول لمقابلة الطبيب، فإذا برجل عجوز يهم بدخول العيادة بمساعدة فتى.. على الباب المؤدي إلى الطبيب كان رجل أسمر، بعمامة داكنة، ينظم الدخول. وعند دخول الرجل العجوز، سأله عن اسمه، ولكن الرجل العجوز كان يصرخ من الألم، واشتداد المرض: آه قايد! وينك.. أمسكني (يقترب الفتى منه أكثر ليساعده على الدخول).

بصعوبة دخل، ورمى بنفسه على الأرض وهو يصرخ متألماً:

- آه.. (قايد).

- أنا جنبك يا جد شعفل.

- وينك يا (قايد) .. التربية.

نظر بعضنا إلى بعض وكنا جالسين في العيادة ننتظر دورنا في الدخول، وجميعنا نعمل في التربية.. استغربنا، وظننا لأول وهلة أن الرجل العجوز يقصدنا، فعاد يتألم:

-آه (قايد).. التربية والتعليم.

ازداد استغرابنا وهذه المرة أيقن الأستاذ أحمد أن الرجل العجوز يقصدنا لأننا - الثلاثة- نعمل في التربية، وأخذنا نتساءل ما الذي خطر ببال الرجل العجوز، حتى يتعمدنا دون سابق معرفة.. وبعد لحظة صالح الرجل الذي ينظم الدخول:

- اسمك يا عاقل.

فأجاب الفتى الذي يرافقه:

- شعفل عمر..

وعندما رآنا الفتى مستغربين لكلام جده حاول توضيح الأمر:

- جدي دائماً عندما يمرض يخطرش ويجيب أي كلام. ما يقصدش حد.

ولكن الرجل العجوز ظل يكرر وهو يتألم من شدة المرض:

-آه رأسي.. الحقني يا (قايد).. التربية.

- مالها التربية يا عم شعفل (سأله الأستاذ أحمد لعله يصل إلى أغوار الرجل).

ضحك الحاضرون جميعاً وتناسوا دورهم في الدخول، وسمحوا له أن يقابل الطبيب قبلهم، ثم قال أحدنا:

- البعض عندما يصاب بالملاريا تحصّله يقول أي كلام.

- لكن ليه التربية بالذات؟

- زي ما يقولوا خذ الحكمة من أفواه المجانين.

بعد قليل خرج العم شعفل ومعه أوراق الفحص، يمشي بمساعدة الفتى بتثاقل شديد، والعمامة تكاد تقع من على رأسه، ووجهه محمر من شدة الملاريا، فسألناه:

- وين جات التربية يا عم شعفل.

فرد الرجل العجوز السؤال إلينا:

- أيش من تربية يا ابني؟ (وخرج من العيادة قاصداً الصيدلية).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى