أهم أسباب تقويض وانهيار النظم السياسية غير الديمقراطية

> حسن بن حسينون:

> «الديمقراطية هي مجموعة قواعد لممارسة العمل السياسي يلزم بها جميع أطراف العمل السياسي، وأهم هذه القواعد: الالتزام بالعمل السلمي والتقيد بالأحكام القانونية التي أقرها المجتمع. وهذا يستوجب أن تتم الممارسة السياسية بعيداً عن الغش والتزوير والابتزاز وغيرها من الوسائل غير المشروعة في سبيل الحصول على السلطة أو ممارستها».

أهم تلك الأسباب بداية تكمن في طبيعة وجوهر الأنظمة السياسية مثل النظام الاستبدادي، نظام الحزب الواحد الذي يتم فيه حظر نشاط أي حزب آخر، النظام الجماهيري، الأنظمة الدكتاتورية التي يتمتع فيها الحاكم بسلطات واسعة ولا يحاسب على ما يرتكبه من أخطاء أو تجاوزات، وجميعها أنظمة استبدادية دون تفويض شعبي، التوليتارية التي تمارس السيطرة الكلية والشاملة على المجتمع والدولة (النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا) والنظام الطائفي...إلخ.

أهم أهداف هذه الأنظمة السيطرة المطلقة على المؤسسات العسكرية والأمنية وتطويرها، وعلى المال العام والإعلام بهدف تسخيرها واستخدامها في خدمة سياساتها وأهدافها البعيدة منها والقريبة، وتتحول الشعوب في العديد منها إلى رعايا وإلى عبيد وخدم، والأسياد يكونون على رأس الهرم والجميع يقدمون لهم الطاعة والولاء. والأكثرية من هذه النظم خاصة في الوطن العربي حتى الوقت الحاضر تجعل أوطانها وأراضيها سجوناً كبيرة للشعوب تمارس بحقها أبشع أنواع الانتهاكات المختلفة.

وقد أثبتت كل التجارب التاريخية حتى الوقت الحاضر بأن النظام الوحيد القادر على البقاء والاستمرار هو النظام الديمقراطي التعددي بمبادئه في: التعددية السياسية والحزبية، الانتخابات البرلمانية والمحلية والرئاسية، التداول السلمي للسلطة، الحريات العامة وحرية الصحافة والتعبير والرأي والرأي الآخر، احترام حقوق الإنسان وجميع المواثيق الدولية. وهي الديمقراطية التي تمثل كلاً لا يتجزأ في جميع تجارب الشعوب بداية بالديمقراطيات الأوروبية التي تلتقي جميعها في المبادئ والأهداف آنفة الذكر في كل مكان وزمان، وقد ترسخت مع الزمن كثقافة في الفكر وفي الممارسة عند الشعوب الديمقراطية، ثابتة لا تهزها الرياح والعواصف العاتية. فالديمقراطية والنظام الديمقراطي وحده دون غيره الذي يحقق العدل والمساواة والأمن والاستقرار والتطور الاقتصادي والاجتماعي في كافة المجالات.

ومن أفضليات الأخذ بالخيار الديمقراطي كنظام للحكم بعد قيام الوحدة بين النظامين في جنوب وشمال اليمن في مايو عام 1990م بالرغم من جميع المصاعب والظروف وطبيعة وجوهر النظامين وآثار ومضاعفات حكمهما خلال العقود الأربعة الماضية، أن الوحدة وخيارها الديمقراطي قد تحقق كما أراد لها رائدها الأول الفقيد عمر عبدالله الجاوي الذي قال يوماً: نعرف جميعنا أن هناك مشاكل وصعوبات يعاني منها اليمن والشعب اليمني لكننا سوف نتغلب عليها وننتصر عندما نقيم وندخل في الوحدة، نخطط ونعمل من داخلها في سبيل تحقيق الأهداف والغايات. وقد حصل ما حصل من تداعيات ومن خسائر مادية وبشرية والذي كان متوقعاً نتيجة سلبيات وتراكمات سنوات ما قبل الوحدة وما خلفته حرب صيف 1994م المدمرة.

ومع ذلك بقيت الوحدة وبقيت شعاراتها، كما انتصرت الديمقراطية وانتصرت مبادئها وشعاراتها وراياتها التي رفعها المنتصرون في تلك الحرب، ولولاها لدخل الجميع في عالم المجهول، عالم الكوارث والأزمات التي يدفع ثمنها غالياً اليمن واليمنيون.

في الانتخابات الرئاسية الماضية سبتمبر 2006م كنت من أشد المعارضين لترشح فيصل شملان للرئاسة وقد كتبت حول ذلك أكثر من مرة في الصحافة، ولا يعني ذلك تقصيراً في حق الوطني والمناضل المخضرم والصديق العزيز فيصل بن شملان، لكنني كنت على يقين أن المشاكل والصعوبات التي يعانيها اليمن واليمنيون وفي مقدمتها اخطبوط الفساد ورموزه المتنفذة جميعها وكل التصورات في معالجتها هي فوق طاقات بن شملان، ومن يقفون خلف ترشيحه لمنصب الرئاسة يدركون ذلك جيداً كما يدركون التداعيات والآثار التي سوف تنتج عن ذلك فيما لو انتصر مع العلم باستحالة ذلك، لكن مشكلتهم هي التعود وعادة خلق المشاكل والفتن التي يدفع ثمنها باهظاً غيرهم، ويخرجون منها هم كما تخرج الشعرة من العجين كمرض من أمراضهم المزمنة. وقد جاءت النتيجة كما توقعت «ومن شب على شيء شاب عليه».

كنت أراهن على فوز الرئيس علي عبدالله صالح للرئاسة وعلى برنامجه الانتخابي، كنت أراهن ومتأكداً أنه وحده من يستطيع خلال الفترة الرئاسية القادمة ومن لديه القدرات والإمكانيات للحفاظ على الوحدة وخيارها الديمقراطي في استئصال جميع أسباب وعوامل تقويض النظام الديمقراطي الوحدوي في اليمن، وقد بدأت مؤشرات ذلك في الخطوات والإجراءات الأخيرة ومنها ما يتعلق بتلبية مطالب الموظفين والعاملين في المؤسسات العسكرية والمدنية وعودتهم إلى مرافقهم السابقة ومنحهم جميع مستحقاتهم في المناصب والاستحقاقات المادية، وكذلك حل وترتيب أوضاع المتقاعدين المادية الخاصة بالرواتب، ومن بين أهم تلك الإجراءات تشكيل هيئة عليا لاستئصال ظاهرة الفساد والتي أعطيت لها كافة الصلاحيات في ذلك، وقد سبق ذلك العديد من الإجراءات والخطوات في كافة المجالات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية.

ومن بين تلك الإجراءات قرار العفو العام والتأكيد عليه بعد حرب صيف 94م والذي بموجبه عاد أغلب النازحين خارج الوطن.

ولا نزال ننتظر من فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مزيداً من الإجراءات والخطوات على طريق تنفيذ ما جاء في برنامجه الانتخابي وعلى طريق استتباب الأوضاع والمصالحة الوطنية الشاملة وصولاً إلى يمن متطور وآمن ومستقر، ولا شك أن من يعمل بصدق يكون الله في عونه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى