للحفاظ على مصنع الغزل والنسيج

> د. هشام محسن السقاف:

> يبقى من جملة ما بناه المواطنون الفقراء بجهدهم وكدهم وعرقهم في السبعينات الماضية.. مصنع الغزل والنسيج بمنصورة عدن، كأحد أبرز منجزات القطاع العام وثمرة من ثمار التعاون بين بلادنا وجمهورية الصين الشعبية، ومع أن حرب 1994م الظالمة لم تبق ولم تذر من مشاريع القطاع العام بحجة الخصخصة التي كان من أبرز ملامحها السيئة في ظل الإدارة الأسوأ، رمي آلاف العمال والموظفين والكوادر المؤهلة إلى قارعة الطريق، وتوريث جهات لم ينزل الله بها من سلطان - على رأسها المؤسسة الاقتصادية العسكرية- كل البنى التحتية للقطاع العام في الجنوب، ماعدا القليل الأقل الذي استطاع إداريوه وعماله الاستماتة من أجله ومقاومة ثقب الأوزون الذي يريد أن يبتلع كل شيء في غمضة عين، ومن هذا القليل مؤسسة الأثاث المدرسي بمدينة القلوعة، ومصنع الغزل والنسيج في المنصورة الذي يصارع الأمواج العاتية من أجل تأمين حياة أكثر من 600 عامل فيه يغيثون أكثر من 3600 فرد إذا افترضنا أن عدد الأسرة الواحدة ستة أفراد. ومع أن دعماً حكومياً سخياً قد حظي به المصنع المماثل في صنعاء فإن مصنع عدن مازال في انتظار أن تنظر إليه صنعاء بعيون الرحمة، ويسعى مديره العام الأخ العزيز علي السيد في كل اتجاه لتأمين الخطوط الإنتاجية وتطويرها والحفاظ على هذا المكسب الوطني في ظل محاولات لا تنتهي من أجل الاستحواذ عليه ورمي عماله إلى الشارع وتحويله إلى صفقة تجارية رابحة ربحاً سريعاً بالاستفادة غير المشروعة من الأرض التي يقوم عليها هذا المصنع وموقعه الممتاز.

وقد استوقفني قبل أشهر ما رفعه الأخ علي السيد عبر «الأيام» من مناشدة لفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح شارحاً فيها الظروف التي مرّ بها المصنع والتطوير الذي شهده مؤخراً في ظل قيادته الجديدة، والمتطلبات الحكومية اللازمة لجعل هذا المصنع يحتل مكانته اللائقة في أجندة الاقتصاد الوطني، وعدم التفريط بمثل هذه الصروح الاقتصادية التي بإمكانها أن تسد حاجات ملحة في السوق الوطني بل والخروج إلى سوق المنافسة في الدول المجاورة. وأعتقد جازماً أن الصين تدرك القيمة الاقتصادية لهذا المصنع ناهيك عن التاريخية المرتبطة بعمق العلاقات بين البلدين منذ نصف قرن تقريباً، فلن تتأخر في تقديم يد العون لتحديث هذا المصنع وتطويره. بل وهناك أكثر من سبيل أمام الأخوة في قيادة المصنع وبتعاون أخوانهم في قيادة السلطة المحلية بالمحافظة لتطوير المصنع وتحديثه وفتح خطوط إنتاجية جديدة بتقنية حديثة. المهم في الأمر أن لا نسمح جميعاً لأي كان الاستحواذ على هذا المصنع الكبير، ومساعدة إدارته وعماله على تطويره، فهو ليس مكسباً لمن يعملون فيه فقط وإنما هو مكسب للوطن كله لا يجوز إطلاقاً أن يكون عرضة للنهب كما حدث لغير مصنع ومعمل في عدن. ولتكن تجربة المؤسسة العامة للأثات المدرسي أنموذجاً لما تستطيع الإرادة الكفؤة من الكوادر اليمنية من إدارة وعمال أن تحدثه في سوق العمل. فهذه المؤسسة قد اجتازت عراقيل جمة جلها مصطنع، لتتمكن من تحديث خطوط إنتاجها وتصرف من عرق العمال وكدهم على جميع من في المؤسسة بل ويذهب جزء من أرباحها للمركز. ولذلك نرى أن الحفاظ على مصنع الغزل والنسيج يخرج من كونه مهام تختص بها إدارته وعماله إلى ما للرأي العام والمواطنين جميعاً في كل الوطن من مسؤولية في ذلك حتى يستقيم المصنع على رجليه ونبعد عنه المتنفذين الذين يسيل لعابهم كلما شاهدوه مرتبعاً على أرضه وفي موقعه الممتاز وسط المدينة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى