أفران.. ودقيق.. وكدم

> سعيد عولقي:

> يبدو أنه المسائل عادها إلا تتعقد.. فكلما اتساكينا أو اتساكى لنا أنه في حلول تجي وغيرها في الطريق يتضح لنا أننا نحلم أو نبول في نيس أو ننفخ في قربة مخرومة.. فعادنا إلا نصيح ونليح من غلاء الأسعار ما ندري إلا بالمفاجأة الجديدة التي أجت لنا من الخارج وهي الارتفاع الكبير في أسعار الدقيق.. وهذه المرة نعلم أن الحكومة ما تكذبش علينا ولا تتجمل لأننا سمعنا من كل مكان عن الأزمة العالمية في انتاج الحبوب.. ولأننا دولة تعيش على فيض الكريم ويا فاعل الخير والثواب عند الله ما يضيع هذه دولتنا شحاتة بنت شحاتة وما تقدر تتحمل كل هذي اللطمات من كل مكان.. ومن لطمك عماك، لا عندنا انتاج ينفع من الحبوب ولا معانا ناس فيهم خير يقدروا على الطحين وفين العشاء يا جارية قالت كلّف يا سيدي وأني با أطبخ.. ونحنا أصحاب «الجسة» سمعنا عن تريق عمدتها حسن فرور أنه بعض الأفرام (الأفرام يعني الأفران وهي جمع فرن طبعاً) قد أغلقت أبوابها وأقلعت عن انتاج الروتي أبو صندوق واللي ما ينتجش روتي أبو صندوق يفكر في انتاج روتي أبو كبت.. وهناك قول ورد على لسان الأخ يوسف مرفدي (نعرفه باسم يوسف «ون» يعني يوسف واحد تمييزاً له عن يوسف «تو» يعني يوسف اثنين وهو يوسف محمود المتحدر من أصول صومالية من قبيلة «هبر أول» في بر الصومال.. ولكنه عدني المولد والعذاب الإنساني).. المهم انه القول الوارد الذي أشرنا إليه يقول ان أفكار بعض أصحاب الأفرام تتجه إلى خبز الكدم وهو غذاء معروف ومشهور منذ عصور الأئمة وما قبلهم والغذاء المتوفر في ثلاث حبات كدم يكفي لإشباع أكبر أكّال طوال اليوم.. وقد ورد في كتاب (فوائد أكل الكدم منذ ما قبل القدم) لمؤلفه الشيخ العلامة عزالدين مجدالدين بن شرفنطح: «إن أكل تسعين كدمة- يعني حبة- ثلاث كدمات يومياً لمدة شهر هي كورس كامل يقوي البدن ويحمي الإنسان الذي نحبه ونحترمه من الأمراض ويشده بقوة إلى قبيلته ويجعل منه محارباً زاجياً في خدمة مولانا الإمام حفظه الله ورعاه». ومن هنا كان من حكمة الإمام ان جعل مشاهرة العسكري تسعين كدمة في الشهر أثناء اشتغاله بالخدمة العكفية.. أما بعد إحالته إلى التقاعد فإن عدد حبات الكدم ينقص إلى أربعين كدمة لأن العكفي يتقاعد أيضاً بعد بلوغه أحد الأجلين.

قال حسين النعج وهو تاجر فواكه وصاحب مزارع في لحج ومعه بابور بيجوت مافيش أكثر من سلل- أو سلات- البلاستيكوز، يعني كانت بلاستيك ومن كثر الاستعمال تحولت إلى ما يعرف علمياً باسم البلاستيكوز، مافيش أكثر من هذه السلل أو السلات الفارغة فوق السقف حق البيجوت.. أما السلات المليانة فيخليها داخل البيجوت.. ليش هكذا يا نعج؟ سألناه فأجاب: «منشان العين».. كيف يعني؟ عدنا نسأله.. فقال مخاطباً حسن فرور وكأنه يسخر منا: «هيا فهّمه يا حسن فرور!» فاتجهت أنظارنا إلى حسن فرور ونحن نافسين الأحباس.. آسف قصدي حابسين الأنفاس الله يخزي الشيطان.. ها حسن أيش خبر؟ سألني: «على أيش كانت الهدرة دلحين؟» قلت: «على أزمة الدقيق» قال: «لا.. لا.. من بعد الدقيق والأفرام؟» قلت له: «على خبز الكدم» قال الفرور: «أيوه.. الكدم.. هيا تصدق بالله انه أحمد العراشي- وانداهو جنبك حتى اسأله- مرة جاب لي كدم.. وأنا يا ابوالرجال دقيت حبة كدم على شاهي من عند مبارك هذا ابننا اللي في البوفيه حق ريم.. بس مله وأنا دقيت الحبة الكدم..» قلنا كلنا بصوت واحد:«هاه..» كرر حسن فرور قوله: «بس مله قولوا وأنا دقيت الحبة الكدم..» مرة ثانية قلنا:«هاه؟» لصى ابن الفرور حبة سيجارة وجر نخس طويل ثم قال: «تصدقوا بالله انه ما دخل لقفي أي أكل بعد الحبة الكدم إلا بعد أربعة وعشرين ساعة؟» كيف يعني وليش؟ كنا نتساءل.. قال حسن: «صنجتنا ذيك الحبة ولا عاد قدرت آكل بعده شيء.. يعني جلست شبعان أربعة وعشرين ساعة على قولة الفنان أبوبكر سالم بن شامخ».. قلت له: «مش اسمه كذا.. اسمه أبوبكر سالم بن سكاريب!» قال:« المهم سكاريب والا دساميس.. أقول لكم هذا الكدم مجرب واسألونا أنا». قلنا: «بس أنت ما جاوبتش على السؤال المطروح عن حسين النعج والسلل حق الفواكه اللي تحت واللي فوق..؟» قال حسن فرور: «أبه مالك منه هذا موسوس وشكاك وكله خوف لاعاد أحد يمرعه». انتهى الكلام بعد قليل من الأخذ والرد الفروري النعجي واختتم بتبويش الريوس.

وفي الختام أهدي تحياتي إلى دولة الأخ الأستاذ علي محمد مجور، رئيس مجلس الوزراء.. وأرجو أن يسمح لي بأن ألفت نظره إلى أهمية الكدم والقوة الكامنة فيه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى