التطير بالانفصال

> محمد عبدالله الموس:

> (الوحدة قيمة من القيم السامية التي دعت الأديان إلى التمسك بها لأن فيها العزة والكرامة.. إلخ

وكلمات هذه الأسطر ليست مدحاً للوحدة أو قدحاً في الانفصال بقدر ما هي تذكير لمن يريدون أن يعيدوا عجلة التاريخ إلى الخلف وإلى زمن الانقسام والتشظي والضعف ولا يفرقون بين المبدأ (الوحدة) وتطبيقه على أرض الواقع، فبعض الناس، حتى اللحظة، مازالوا يتطيرون بالوحدة وكأنها السبب في كل مصائب البلاد والعباد وخاصة في شرق البلاد وجنوبها).. يقصد الجنوب.

هذا ماذهب إليه الأخ علي الذرحاني في موضوعه (لماذا التطير بالوحدة؟) «الأيام» العدد (5152) الصادر في 2007/7/23م

ويرى أن الحل يأتي (بالحوار العقلاني والإرادة السياسية من قبل النظام الحاكم).

واقع الحال أن الوحدة أصبحت في الغالب شعاراً يحمله المتكسبون منها والمدافعون عن مصالحهم كما أننا لم نسمع طرحاً انفصالياً صريحاً من أي من المتضررين من سياسات ما بعد 7/7، أما الحوار العقلاني والإرادة السياسية فهما ما يدعو إليهما الجميع منذ سنوات طويلة بحيث تطرح قضايا المجتمع على الطاولة دون تمييز أو تخوين.

الوحدة قضية إيمانية، نتفق على ذلك، لكن ما يصيب الناس في ظلها ليس قدراً، فنحن نؤمن بالله وما يصيبنا منه قدر لا اعتراض عليه، هذا جانب ومن الجانب الآخر فإن مطالب أبناء المحافظات الجنوبية تتمثل في معظمها في التساوي في المواطنة وفي الحق والواجب واحترام مكونات دولة الوحدة وسيادة القانون والإدارة المحلية كاملة الصلاحيات ورفع الضرر الذي أصاب الناس في هذه المحافظات والنظر إلى الوحدة بوصفها تكاملاً وتساوياً وليس إلغاء طرف لمصلحة آخر، فليس من الحق أن يخسر ابن الجنوب ما كان يتمتع به في دولته السابقة بما فيها الحقوق المكتسبة في حين يحتفظ ابن الشمال بكل حقوقه بما فيها (كدم) الإعاشة التي كان يحصل عليها أيام الإمام، ثم يأتي من يتشدق بالتهم الجاهزة في وجه من يرفض ذلك، على أن كل هذه المعضلات يمكن معالجتها في إطار دولة الوحدة دون شطحات أو شطحات مضادة إذا كنا نريد لهذه الوحدة الثبات والاستمرار.

الذهاب بهذه المطالب بعيداً هو فعلاً ما يهدد الوحدة فليس من المنطق اعتبار المطالب المشروعة ضرباً من الانفصال إلا إذا كانت هناك نية للانقضاض على دعاة الإصلاح والمساواة ولم يعد ينقص دعاة هذا الانقضاض إلا المبرر (المكارثي) الجديد (الانفصالية).

قال الأستاذ عبد الرحمن الجفري رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) في سياق حديث له عن ضرورة الإصلاح (إن الأرض توحدت والنفوس تتشظى) وهذا الإصلاح الذي يعيد التوازن إلى حياتنا ويرفع الغبن، كلما تأخر أو جرى الالتفاف عليه ارتفعت كلفة تحقيقه.

إن الحجج والحجج المضادة لم تعد هي القضية، فالمعاناة أوصلت أنفس الناس إلى الحلقوم وقد تخرج معها ردود الفعل عن السيطرة فهناك اختلال في كل شؤون حياتنا تقريباً، ولم يعد القانون يخيف أحداً في ظل وجود (قانون القوة) الذي يفرض نفسه حتى على مؤسسات حكومية وأصبحت هذه المؤسسات تتعامل لدى معالجة قضايا الناس من منطلق ثقل أطراف الضعف والقوة بدلاً من منطلق الحق، وأصبح الناس في الجنوب يعانون أكثر نظراً لتعودهم على حسم أمورهم في إطار القانون والمؤسسات القانونية التي لا يريد البعض لها أن تتمتع بالسيادة والاستقلالية، هذا ناهيك عن التسريح بالجملة وغياب فرص العمل والاستعلاء عند النظر إلى شكاواهم وغير ذلك.

المسألة ياسادة ليست تنجيماً أو تطيراً أو فألاً حسناً بل التعامل مع الوحدة بوصفها وسيلة نحقق من خلالها وفي ظلها العزة والكرامة والاحترام للناس فلا عزة لقوم في مواجهة الغير إذا كانوا يفتقدون العزة والكرامة في أوطانهم أو لا يحصلون على ضرورات حياتهم، وحين يتحقق ذلك لسنا عندها بحاجة إلى التطير بالوحدة أو الرعب من الانفصال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى