في المكلا.. أيام الرطب والرز الوقلة!

> علي سالم اليزيدي:

> أيام الرطب تغمر الأسواق، أو كما يقول الحضارم «عشاء المساكين» كل أنواع التمر الطازج (الخريف) تتكدس هنا وهناك في أسواق الشرج أو الديس أو المكلا وكذا الغيل وبروم وسيئون، ومن تمر حجر المشهور إلى الدوعني وكذا حلاوة ورطوبة التذوق لتمور الغياظ والبادية، هذا موسم الخضار والخريف الرائع، وفي كل خريف تزهو المكلا بهذا العطاء الوفير، الباعة يصرخون أمام بساط التمر منذ الصباح الباكر إلى وقت متأخر من المساء، كل بائع ينادي «من أمه تعال تذوق يا بلاشاه.. وعشاك يا المسكين» وفي سوق آخر ينادي المنادي «الغرفة بخمسين ريال» ويقصد ما تأخذه يداك من التمر وكم ما بدك مثلما يقول إخوتنا السوريون، وكل هذه الأجواء هي أجواء بهجة عارمة تتجول في الأسواق والشوارع والمنازل، وأعاد الله علينا كل عادة إن شاء الله.

وفي موسم التمر تتكاثر أيضا فواكه مرافقة قادمة من الخربة والغياظ وبويش والعيص وغيظة البهيش، أنواع محببة عند أهل المكلا منها البيدان الراوي والمانجو والزيتون والباباي، وقال لنا أهلنا إن التمر كانوا أيام زمان يوزعونه بلا فلوس وهذا قبل الشلنات والريالات الجديدة، ويرافق التمر والخريف أنواع من الأسماك يسمونها «خصار الخريف» لأن البحر يشهد رياح الشمال ويصاب بالهيجان ويندر صيد السمك في ظل الخطورة هذه، إلا أنه اليوم يشهد (الهوش) والرعونة في الاصطياد من السفن بتاع (الأفندية الجدد) وهات يا تدمير وسحق للمصائد والمراعي البحرية، البحر ما عاد لنا، وصار موزعا ما بين الكبار (التجار والفجار)، وتظهر في موسم الخريف أسماك الحصيحصة وبانهار والخواضر والمري والزرية، وهي لذيذة ومعها نطبخ الرز الوقلة الذي يقال إنه في حي الحارة وحدها يمكن للمرء استنشاق رائحة الوقلة من كل البيوت، بس كان زمان، زمان..!

ونحن سكان المكلا الذين نعيش على البحر، ويعتبر كل واحد منا دون مبالغة ملماً بعلم البحار والتحولات التي تطرأ عليه، وتنتشر فينا هواية الاصطياد من السواحل القريبة للمكلا ورأس بروم وخلف، التي لم يعد لنا بها مكان للاصطياد والهدوء ومشاهدة القمر الصاعد مساء، ويذهب الهواة من أهل المكلا إلى ظلومة والدحس وبئر علي، ويعودون بالصيد الوفير والمرح والفرح، وفي الخريف ينعدم أحيانا السمك ويتداولون في المكلا المثل القائل «يا حدر ما انت خصار إلا للعوزة» والحدر سمك قبيح المنظر صعب المذاق، ولا يؤكل من سكان المكلا كثيرا، وهم لا يتقبلونه لقبحه، ولكن للعوزة أو كما قال المثل العربي «ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى لئيما ما من صداقته بد» ومع هذا إنها أيام الرطب والحطب والرز الوقلة، وقال المحضار «عود الله كل عادة» علينا جميعاً.. قولوا آمين.. والسلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى