الخميس الدامي

> د. هشام محسن السقاف:

> مؤسف حتى صميم الحزن أن تعسكر المدينة الوادعة عدن عنوان المجتمع المدني في الوطن قبل أن تتأسس الحواضر والمدن في جزيرة العرب ككل، وأن يجابه الاعتصام السلمي في 2 أغسطس بكل هذه القوة المفرطة بينما كل المشاركين لا يحملون في صدورهم أو على رؤوسهم إلا مطالبهم العادلة التي يحملونها منذ 14 عاما مجردين من أي سلاح إلا سلاح الحق الشرعي في الاعتصام والتعبير عن الرأي المنصوص عليه في القانون اليمني والدولي. وكم كانت سمعة اليمن في العالم ستتحسن إذا سمح لهؤلاء المواطنين أن يعتصموا ويعبروا عن حقهم المشروع لمدة ساعتين في ساحة الحرية ثم ينفضوا بدلاً من تغليب القوة، وإرهاب ليل ونهار المدينة بكل ذلك الحشد الأمني والعسكري، وبمصاب أليم ضحاياه مارسوا حقاً ولم يخرجوا شاهرين سلاحاً في وجه الدولة، مما يعمق الإحساس بالغبن واتساع الهوة وعدم الثقة بين الدولة والمواطنين، وقد أصاب الأخ رئيس تحرير «الأيام» الأستاذ هشام باشراحيل في «كلمة اليوم» حين قال: (إن مثل هذا الأسلوب في الحل يأتي بنتائج عكسية تماماً خاصة عندما يتجه المواطنون إلى الأساليب الحضارية السلمية التي كفلها الدستور والقوانين النافذة للمطالبة بحقوقهم بعيداً عن استعمال العنف والقوة التي ينبغي لأجهزة الدولة مثل قوى الأمن والجيش عدم استعمالها في هكذا حالة) «الأيام» السبت 4 أغسطس 2007م العدد 5162.

واليوم يتجه ممثلون عن جمعيات المتقاعدين العسكريين لمقابلة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح حسب قناة الجزيرة 2007/8/5م، و هو تطور إيجابي للنظر في حقوق هؤلاء دون إغفال كل الملفات الساخنة التي تعكس الحالة الاجتماعية للمواطنين في المحافظات الجنوبية، الأمر الذي بإمكان اللجنة الرئاسية عكسه بأمانة بعد أن تسنى لها الاستماع إلى آراء كثير من الشرائح الاجتماعية وممثلي المجتمع المدني الحقيقيين والشخصيات المستقلة صاحبة الرأي النزيه الذي لا يغمض عينيه عن آلام الناس ويتجاهلها، وتشكيل شراكة وطنية عند صياغة القرارات -الرئاسية كما نأمل- لعلاج هذه الأوجاع والأمراض التي تسيء للتوجه المستقبلي لوطننا وتعود بنا إلى أطوار الفوضى والأزمات المتلاحقة.

إن كفالة الحقوق القانونية يوجب أن تضطلع الدولة بحمايتها، وليس بقمعها، وإن انعدام الثقة قد تجذر في حياة الناس بسبب من الروتين والتعقيد والكيل بمكيالين الذي يمارس جهاراً نهاراً طوال السنوات الماضية من قبل الجهات المعنية في الدولة، وهو ما انعكس في لغة التخاطب والتحاور بين اللجنة الرئاسية وقيادات جمعيات المتقاعدين، بالرغم مما لمسناه من جهد وسعة صدر وصدق واتزان في التعامل من الأخ عبدالقادر علي هلال وزير الإدارة المحلية عضو اللجنة. وعليه فإن باب الثقة سينفتح إذا أحس المعنيون ممن مسهم الأذى والتطفيش والضر بنتائج ميدانية ملموسة من أعلى مرجعية في بلادنا فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، مع ما يترتب حالياً وكأمر ملح من معالجة المصابين في أحداث الخميس الدامي على نفقة الدولة في الداخل أو الخارج، وإطلاق سراح المعتقلين على ذمة الحدث، ورفع المظاهر العسكرية وتطبيع الحياة المدنية حتى تعود الطمأنينة للمواطنين.

نعود ونؤكد أن جوهر القضية- ليتسنى النظر في حلها جذريا دون القفز عليها أو تغطيتها ببعض الحلول المجزوءة- يشمل (والكلام هنا من كلمة الباشراحيل الجريئة يوم السبت الماضي)، إلى جانب قضايا المتقاعدين الأمنيين والعسكريين والمدنيين، قضايا أخرى لاتقل أهمية عن موضوع المتقاعدين مثل قضايا الأرض الزراعية والمساكن في عدن ولحج وأبين وبقية المحافظات، ولا نقصد بالمساكن تلك التي وقعت تحت طائلة قانون التأميم بل المقصود الأراضي والمساكن التي استولى عليها البعض وهي من أملاك مواطنين بسطاء ضعفاء، وكذلك قضية الوظيفة العامة التي يحرم منها ابن المحافظة في محافظته، وقضية مطار عدن وما يعانيه والمنطقة الحرة.. إلخ، بل لعلني أضيف إلى ذلك قضية الحكم المحلي الواسع الصلاحيات الذي سيكون مدخلاً حقيقياً للوحدات الإدارية أن تراجع شؤونها وتتخذ القرارات المناسبة لصالح مواطنيها وتغدو شريكاً حققياً في إدارة الدولة بالحكم الرشيد عن طريق ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى