مستشار حافة الهاوية

> محمد عبدالله الموس:

> في غير مناسبة سمعنا رئيس الدولة يوجه انتقادات حادة للممارسات التي تصيب دولة النظام والقانون وقيم العدل والمساواة في مقتل، وصلت هذه الانتقادات أقصاها حين أعلن أنه لن يترشح في رئاسية 2006م وقال العبارة الشهيرة (لن أكون مظلة للفاسدين).

قال عبدالرحمن الجفري (رئيس حزب رأي) في شخص الرئيس ما معناه (أن علي عبدالله صالح ليس ملاكاً ولا شيطاناً، إنه إنسان، فيه الخير وفيه الشر ونرى أنه الأفضل للرئاسة بين المرشحين).

وفي بلد مثل بلادنا بتنوعها الكبير من المناخ حتى العادات والتقاليد يتطلب الأمر مستشارين ومعاونين فنيين لدى الرئيس يستوعبون هذا التنوع بحيث يتكامل ليشكل الوطن الذي نحلم به.

بلادنا كانت قبل الوحدة تتكون من شمال وجنوب في صورة دولتين، وهذا التقسيم الذي ظل سنين طويلة خلق كثيراً من صور التباين وصل درجة الاختلاف الكامل في النظر إلى بعض الأمور والشؤون الحياتية لا ينكرها إلا مكابر.

ولتجاوز هذا الإرث كان ينبغي، وهو ممكن الآن، خلق حالة عصرية متحررة من تراكمات الحرب الباردة ننتقل معها من ذهنية التشطير (شمالي جنوبي) إلى حالة الوحدة في النفوس والوحدة مع أسلوب ونمط جديد موحد.

هناك خلل منع ما كان ينبغي أن يكون، وهناك من ركب الوحدة لتحقيق مكاسب خاصة وهناك من تعامل مع أبناء محافظات الجنوب بوصفهم طرفاً أضعف في الوحدة فجاءت مشورات إلغاء المؤسسات الاقتصادية في الجنوب وتحويل عمالتها إلى جموع زائدة عن الحاجة وشمل الأمر إحالات على المعاش قبل الأوان أدت في نتيجها إلى حالة الاحتقان التي تعامل معها الرئيس بإرسال اللجنة الوزارية التي بحثت كل صور المعاناة.

لا أذيع سر إذا قلت إن كثيراً من الناس في عدن ومحافظات الجنوب التي زارتها اللجنة قد اطمأنوا إلى التعاطي الجاد المسؤول من قبل وزير الحكم المحلي ومحاولة تلمسه أصل المشكلة من منطلق كونه رجل دولة يبحث عن الحل في وقت كان غيره يعمل على التوتير والمكابرة.

صور المعاناة التي أصابت الناس لم تتولد من ذاتها ولكنها مصنوعة بأيدي أفراد، وكشف صور الخلل التي صنعوها لجهات القرار تتحمل مسؤوليته الصحافة الحرة ولا ذنب لهذه الصحافة إن كان الضرر قد أصاب أجزاء بعينها من الوطن وخصوصاً في محافظات الجنوب، وإسكات أي صوت يعري هذا الخلل لا يخدم إلا أولئك الذين يصرون على انتهاك الخطوط الحمراء (الحرية، الديمقراطية، تساوي المواطنة، والحقوق العامة والخاصة) وهي الخطر الأكبر على الوحدة وعلى دولة القانون والمؤسسات.

لا نخفي خشيتنا من أن يشور (مستشارو حافة الهاوية) بالتعرض لصحيفة «الأيام»، الصوت القادم من الشواطئ الجنوبية للوطن ناقلاً هموم الناس في كل الوطن، كما تسرب مؤخراً، ولكننا ننادي الأخ الرئيس بالصوت العالي، أن شيئاً كهذا سيشكل انتكاسة كبرى لديمقراطيتنا الوليدة وذلك ما يوجب على كل عقلاء هذا الوطن الوقوف في وجه من (يدندن) بشيء كهذا.

نحن نطمئن إلى حصافة الأخ الرئيس لكن النصيحة واجبة حتى لو أغضبت البعض، فنحن شركاء في هذا الوطن رغماً عنهم ولا يملكون الحق المطلق في المشورة بالذهاب بنا إلى الهاوية أو زيادة الاحتقان احتقاناً.

ونذكرهم بقول الرئيس (معالجة عيوب الديمقراطية بمزيد من الديمقراطية) و(يجب أن نتحاور قبل إطلاق البندقية بدلاً من الحوار بعد ذلك).

وغنى عن القول أن المشورة بإسكات الأصوات ضرب من الحرب على الديمقراطية فما بالكم حين يكون المستهدف صحيفة «الأيام» أكبر الصحف الأهلية اليمنية على الاطلاق؟

إن إسكات طرق التعبير السلمية يطلق العنان لمن ترعبهم الصحافة الحرة ويرغم الناس على التعبير بوسائل أخرى يرفضها كل العقلاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى