الجنوب.. في العلاقة الجدلية بين الطبيب والمريض

> علي هيثم الغريب:

> إن إعادة الأملاك والحقوق لأصحابها من أبناء الجنوب هي تجسيد جديد للوحدة والديمقراطية.. بل وتعطي المجتمع في الشمال والجنوب هدفاً يليق برسالته التاريخية. ويدرك اليمينون أن معالجة القضية الجنوبية يتوقف عليها مستقبل الوحدة ومصير الديمقرطية وكل الحضارة الوحدوية العربية.. وهذا ما يحدد المسؤولية التي ألقيت اليوم على كاهلكم وكاهل الناس الخيرين في الجنوب. ويكمن مغزى هذه المرحلة من تاريخ الوحدة في الكشف الكامل عن الفضائح التي ارتكبت في الجنوب من ناحية، والكشف كذلك عن الإمكانيات الخلاقة لنظامنا السياسي في معالجة الجراح من ناحية أخرى.

لقد تقدمنا في الأيام الأخيرة باقتراحات صادقة حول القضية الجنوبية ومنها أن يصدر فخامة الأخ الرئيس مرسوماً رئاسياً يؤكد فيه أن ما تم بعد حرب 94م من سلب ونهب وتغييب للحقوق يعتبر باطلاً.. ورحب بهذا المقترح معظم أعضاء اللجان التي زارت عدن وكذلك الأوساط السياسية والاجتماعية الواسعة. غير أن أعضاء اللجان أنفسهم في حيرة وارتباك كما كان قبل «انتفاضة المتقاعدين». وتنهال على المتقاعدين مختلف المزاعم والحلول والمخاوف.. إن الحكومة تربك نفسها مجدداً باشتباهات وتساؤلات.والمتقاعدون العسكريون والأمنيون والمدنيون يتوجسون مما تبيته لهم الحكومة، ولماذا تتخذ مثل هذه القرارات المتسارعة على مستوى الوطن كله ولم ينفذ منها شيء غير الزيادة المعتمدة قانوناً؟.. والشارع يقول ألا تختفي وراء كل ذلك الحيل والخداع الذي من شأنه تنويم البعض وشق الصفوف الجياع من المتقاعدين وإلقاء الحقوق تحت أقدامها؟ إن قراءة كل ذلك تثير الشعور بالمرارة والضحك.ونود أن نتساءل مجدداً:

ما الذي تخشون منه أيها الإخوة؟ هل من الصعب لهذه الدرجة تقييم ما يحدث في الجنوب؟ وهل من المستحيل أن تفهموا الصلة الموضوعية بين هذه الظواهر والنضال السلمي والقانوني من قبل أصحاب الحق؟ نحن لسنا ضد أن تكون مبادراتنا ومطالبنا ومقترحاتنا موضوعاً للمناقشة الجدية مع الجهات المسؤولة. وهذا أمر نعتبره (انطلاقاً من ثقافتنا) طبيعياً، ولكن المهم أن يكون هدف تلك المناقشة البحث عن حلول شريفة مقبولة، لا البحث عن سبل لاستخدام القمع من جديد.. إن هناك من يريد تضليل الناس لا فيما يخص مطالب المتقاعدين قسراً وحدها، بل كذلك فيما يخص الحقوق الأخرى المطروحة أمام أعضاء اللجنة. ولا تزال أقلام الدعاية تصطف في صنعاء وتصعد أمواج الفتنة حول ما يجري في الجنوب.. زاعمة أن هؤلاء تابعون للخارج، وأنهم انفصاليون، و مثيرو شغب، وسيأتي الكثير من هذه النعوت في الأيام المقبلة.. والمراد من هؤلاء القول: انظروا الحكومة تبحث عن مخارج في مجال حقوق المتقاعدين بينما لا يزال أبناء الجنوب يصرون عن وسائل أخرى؟ ولكن ما هو الواقع في الحقيقة؟ إن أبناء الجنوب يعارضون التلاعب بمطالبهم واستخدام القوة العسكرية ضدهم. أما الحكومة فليست فقط مشغولة بقرارتها التي لم ينفذ منها شيء، بل تريد أن تعجل في إسكات صوت الحق، وعلاوة على ذلك أليست إعادة الأرض والحقوق لأصحابها التي ندعو إليها منذ 13عاماً أفضل وأمتن طريق لدعم الوحدة؟!

إن المفهوم عن «الوحدة المعمدة بالدم» بحد ذاته يغدو مفهوماً فات وقته.. ويجب التحدث عن شيء آخر هو تفادي زرع «ثقافة شطرية».. ولا يجوز التسليم بالمليارات من النفقلت العسكرية والأمنية والاصطدامات المتعاقبة والضحايا البشرية كل يوم تقريباً، والتوتر السياسي والنفسي وحالة التوجس وعدم الثقة.. فهذا كله يعرقل التطور الاقتصادي ويهبط مستوى المعيشة وتتراكم بسببه قضايا اجتماعية كبيرة، وهي التي يقال عنها قنابل موقوتة.. وعلى ذلك الوزير الذي أصر على ضرب اعتصام 2 أغسطس بالقوة رغم رفض نائب الرئيس والأستاذ عبدالقادر هلال ومحافظ عدن ومدير أمنها، أن يعرف أن الأمل في استخدام القوة المسلحة لمواجهة شعب بأكمله قد خاب في العالم كله. ويبدو أن البراهين على ذلك كافية تماماً.. والقوائم السوداء في الأمم المتحدة تتحدث عن ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى