كهرباء حدابة كرش ضحك على الذقون وظلام بلا حدود

> «الأيام» أنيس منصور:

>
ظلام دامس تتجرعه قرى ومناطق حدابة كرش بمديرية القبيطة لحج البالغ تعدد سكانها سبعة آلاف نسمة منذ أحد عشر عاماً، فقد عاش الساكنون سبعة أعوام في نعيم ونور أضاء كل بيت ثم توقفت الإنارة الكهربائية بموت سريري ليعاود الناس استخدام القماقم والفوانيس، لقد أضحى مشروع كهرباء حدابة لغزاً يستصعب جوابه يرسم لنا مشاهد وصوراً سريالية نتيجة للفساد الرسمي ونموذج بسيط لغياب المسؤولية والاهتمام في وطن ونظام يريد من المواطن دفع الضرائب والزكاة وسندات يطول سردها فيما ينام الشعب في الظلام ويعيش في الظلام. مناطق حدابة كرش بائسة حزينة محرومة مظلمة تحلم بالنور وتبكي على الأطلال وحتى لا نتهم بأننا نجافي الحقيقة ولا نستبشر بالطاقة النووية وننظر بنظارات سوداء نترككم مع حصيلة تحقيق ميداني يحكي قصة مأساة ونسمع الآهات التي تخرج كالصواعق من أفواه الغلابى الذين ضاقت نفوسهم بدخان عديم يتصاعد من الفوانيس صوب أفئدتهم مخلفاً أمراضاً وعاهات فإلى التفاصيل:

الكهرباء حوالينا ولا علينا

تحدث عضو المجلس المحلي علي حازم سعيد أن مشروع كهرباء حدابة «هو من منجزات النظام السابق بدأ تشغيلها عام 88م وظل الناس متنعمين بالكهرباء وكان المشروع يسير بانتظام وسلام حتى أتت حرب صيف 94م التي دمرت فيها أصول المشروع وسرقت الأسلاك كفيد بعد الحرب وبقى منها الأعمدة وبعض الأسلاك والآن قمنا بمتابعة قيادة المديرية بسرعة إعادة تأهيل الكهرباء ولكنهم يعدون بوعود من يوم إلى آخر».

كما كتب خالد محمد سريع قصاصة مذيلة بتوقيعه قائلاً:«ما زلنا في ظلام وظلمات منذ إحدى عشرة سنة وعود تخللها وعود كاذبة خصوصا في مواسم الانتخابات حيث تنزل لجان وهمية إلى القرى، ومهندسين وضعوا أن مهمتهم المسح لإعادة تشغيل الكهرباء وتأهيلها ونحن الآن في انتظار الانتخابات البرلمانية القادمة كي نستقبل لجان المسح الكهربائي التي تعودنا عليها حتى الخط العمومي فقد تم توصيله إلى الأطراف السابقة باستثناء مناطق حدابة بأساليب مناطقية يعني حوالينا لا علينا».

ظلام وضنك وهموم

العاقل رشيد سيف قلعان استهل حديثه قائلاً:«حياتنا مليئة بالعجائب نعيش ونستخدم القماقم البدائية القرعة والفوانيس والشمع ونفر قليل ميسورون يستخدمون مولدات كهربائية خاصة، نحن معزولون عن العالم لم نشاهد الأخبار ولا قنوات وفضائيات نتحسر ونندم عندما نرى جبال الكعبين وسهول الهجر قد وصلها التيار الكهربائي ونحن مع الفوانيس التي اعتدنا عليها لكنها حياة بالمناسبة».

الحجة عيشة محمد سلمان قالت بلهجة محلية كلاماً مطولاً شرحت فيه حياتها مع (المسرجة) وهي وعاء قديم يتم فيه إشعال النار كوسيلة للإضاءة، رفعت كفيها قائلة:«بحق هذا الشهر الكريم اللهم أعني على مشاهدة بيوتنا وقد عاد لها النور كما كان زمان» وأشارت الحجة عيشة أن حياة الأهالي ضنك وتعب وهموم ومشاكل وأكبر مصيبة لهذه المنغصات حرمان حدابة من الكهرباء مع سبق الإصرار ».

مواطنون يتساءلون إلى متى؟

عشرات المواطنين بعثوا في أحاديثهم لـ «الأيام» بتساءلات كثيرة بعضها مكررة فقد كتب جياب أحمد محمد حنش سطوراً عليها علامات السؤال قال فيها:«لا أدري لماذا الوحدة التي هي نعمة جاءت نحساً علينا نحن في حدابة وكرش على الرغم من التضحيات الكبيرة والشهداء الذين قدمناهم قرباناًً للوحدة فمثلاً الكهرباء قبل 94م كانت تعمل على قدم وساق وبعد الحرب لم نلمس سوى مزايدات كلامية فلماذا كل هذا الحرمان هل نحن من فئة الدرجة الثالثة أو سيتم إدراج مناطقتنا ضمن الكهرباء النووية لقد طفح الكيل وزاد الماء على الدقيق وصرنا لا نطيق الصبر على هذا التهميش المتعمد».

فيما ألقى الشيخ ياسين صالح علي استفسارات بشطط غاضباً: «ما هو ذنبنا حتى نحرم من التيار الكهربائي وهل جهات الاختصاص راضية عن الحرمان وهل عجزت الدولة بكل إيرادتها أن تعيد تشغيل كهرباء حدابة أو مدنا من الخطوط العمومية حول حدابة؟؟».

وقال أيضا عاطف محمد علي:«أين الكهرباء النووية أين المناقصات التي أعلنتها الصحف الرسمية العام الماضي بإعادة تأهيل وتشغيل الكهرباء أم أن الأمر فقط دغدغة عواطفنا بمسكنات؟!». ودعا جميل محمد سالم إلى إقامة النضال السلمي عن طريق الاعتصامات والمسيرات «حتى يصل النور الكهربائي ونذوق طعم الإنسانية والمساواة والحرية». ورفض عدد من ساكني قرى حبيل الاحناش والقاصبة الحديث لـ «الأيام» تحت ذريعة «أن حكومتنتا أذن من طين وأخرى من عجين ويافصيح لم تصيح وأن الكلام في الصحافة مجرد وجع قلب فكم وكم من المناشدات والعناوين العريضة في الصحف لم تحرك في جسد المسؤولون شعرة كأن الأمر لا يعنيهم وكأننا نخاطب دولة وسلطة في اسكندنافيا والصين الشعبية».

نبيل عبدالرب الحربي قال باستغراب: «يا أخي يتم التعامل مع أبناء حدبة كرش بمناطقية وتهميش في الوقت الذي تمر فيه كابلات وأسلاك الضغط العالي العمومي وسط قرى ومناطق كرش وهم محرومون منها هذه مصيبة ألسنا مواطنين يمنيين ثم نتفاجأ مرة أخرى بأعمال إيصال الكهرباء إلى جميع عزل القبيطة باستثناء كرش فقط إنها مفارقة عجيبة .

كيف يحدث ذلك في وطن الوحدة؟ إن هذه التصرفات تزرع الأحقاد وتنمي الضغائن بين أهالي المديرية إننا نشعر بالغربة والإهمال الرسمي المتعمد الذي ينظر لحالنا ويضحك على ذقوننا». عريف علي عبيد قال:«إنني عبر صحيفة «الأيام» أناشد رئيس الجمهورية ومحافظ المحافظة وجهات الاختصاص بسرعة وضع حلول عاجلة لمشروع كهرباء حدابة وربط مناطقنا بالخط العام لأن المشاريع الأهلية دائما ما تتوقف وتتعثر في ظل ارتفاع سعر الديزل والوضع المتردي».

وأخيراً يا سامعين الصوت

هكذا هي الحياة في حدابة كما وصفها أبناؤها حيث كلماتهم مدوية مقززة كأنها مدافع هاون ولم نستطع أن نصف مهزلة مشروع كهرباء حدابة وصفاً دقيقاً ولم نستطع أيضا أن نشاهد مناظر هي أشد أسى وقبحاً لعجائز وشباب يحلمون بضوء كهربائي كمنجز وحدوي يخفف عنهم وطأة الظلام الدامس وظلم ذوي السلطات ففي حدابة لا يوجد شيء يدل على وجود حكومة، مدرسة قديمة وأعمدة كهرباء قديمة، استخدمنا مناظير وعيوناً دقيقة لكننا لم نر أي جديد بتاتاً الجديد هو ضحك على الذقون وظلام بلا حدود فهل يسمع أهل الشأن وهل يستطيع أحد ان يعيد البسمة إلى شفاه القاطنين في حدابة وهل سيأتي يوم نكتب فيه ونبشر الناس بقرب تحقيق مشروع كهرباء حدابة كرش؟ فيا سامعين الصوت إنا لمنتظرون وبفارغ الصبر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى