مع ختام الشهر الفضيل أسواق عدن تحترق بنار الأسعار ..«ارتفاع الأسعار عالمي » أسطوانة مشروخة تتردد على الألسن من زمن

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
ماذا يتبقي لرب الأسرة عندما لا يكون لديه القدرة على إسعاد صغاره فهؤلاء شعب لا يعرف المستحيل ورب الأسرة كحاكم عليه أن يلبي طلبات الصغار مهما كانت المعوقات فكثير من الأسر مدت يدها للغير وأخرى شعرت بالغضب وأصبحنا لا تستبعد أن نجد أسرة بكامل أفرادها يشحذون لكي يوفروا احتياجات صغارهم من ملابس العيد فـ«الأسعار نار» مقولة يرددها الكل والجميع اكتوى بنارها صغاراً وكباراً فلا نفعتهم إكرامية الرئيس التي جاءت في بداية الشهر الفضيل وكانت فرحة لم تكتمل بسبب ضياع تلك الإكرامية التي ذهبت بالكثير من الوسائل والسبل في بعض المرافق ليحرم منها الموظف خاصة وأن مكرمة الرئيس لم يتبق منها ما يسد باقى احتياجات الشهر الفضيل ومتطلبات العيد فارتفاع الأسعار أحرق كل مدخرات الأسر مما أدى إلى انهيار الكثير من الأسر حتى القادرة منها فماذا سيحل بالأسر من متوسطي الدخل؟ وماذا سيكون مصير الأسر الفقيرة من ذوي الدخل المحدود ؟ و هم كما يقولون معهم الله فليس أكبر منه ليكون معهم في هذا الأزمة فرمضان شهر خير ومغفرة وصدق وعتق من النار .

لمحة سريعة مع اختتام الشهر الفضيل وعيد فطر قادم سيهل علينا قريباً بإذنه تعالى لنقرأ الوضع في عيون الأطفال قبل الكبار ونشهد فيه دموعاً يذرفها الكبار ليسأل الأطفال لماذا يبكي الكبار ؟

ارتفاعات الأسعار لم تجد من يردعها ويوقفها فاصبحت غولاً يستبيح دماء الفقراء يجعلهم يدورون حول المحلات كالفراش التي تحوم حول الضوء وهى محرقة لا محالة لتموت على سنل الضوء فتشهد أسرابا من البشر ارتضوا أن يكونوا مجرد خيالات كبيرة تصطحب خيالات صغيرة تنتقل من محل لآخر ليحترق الكثير منهم على أبواب المحلات ليسعدوا صغارهم حتى ببذلة أحرقهم سعرها .

لم يتغير شيء من العام الماضي في أحوال الناس ولكن تغير السوق تغيراً جذرياً و انحدر نحو الاسفل فأصبحت قطع الملابس كجمرة نار تحرق كل من يلمسها، ملابس اطفال يترواح سعرها مابين 3 إلى 5 آلاف، أحذية سعرها وصل إلى ألفين فما كان بالأمس بألف أصبح بألفين، ارتفاع بنسبة 100% ولا رقيب ولا حسيب ونسمع شريطاً في تلك المحلات من أفواه البشر يرددونه وقد ملوا منه، فتلك أغنية قديمة لا تتجدد «ارتفاع الاسعار عالميا» فهل هناك من يتصدى لهذا الشريط ويلفه من الأسوق ؟ قبل ان يخرب عقول الناس كأشرطة الأغاني الهابطة التي تدمر عقول شبابنا والأطفال .

لكل منا صرخة تختلف عن الأخرى فتلك صرخة مطوية بدهشة، وأخرى بدمعة، وحسرة، وبانكسار، وصرخة مطوية بخوف وببعض الجشع.

صرخة الأطفال

أكرم و أدهم عمر مساعد، يقول أكرم (صف سابع):« اشتريت بدلة بثلاثة ألف، ارتفاع الاسعار حرام اقول لحكومتنا اتقوا الله في المواطنين وارحمونحنا».. يشاطره الرأي أخوه أدهم بالصف الثاني إذ يقول:«أزعل كثير لما أبي ينزلنا السوق عشان نشتري تياب العيد ونرجع دون ان نشتري». وعن الاسباب يقول:«ما نحصل تياب حلوين ولو حصلنا سعرها غالي ثلاث ايام ونحن ندور بالسوق عشان نشتري ملابس العيد ».

ديني حسن ديني طفل في العقد الاول من العمر يدرس بالصف الخامس ، يقول:«ثلاث أيام او أربع أيام وأنا وأمي ندور بالسوق لتشتري لي تياب العيد واخواتي الكبار كل يوم ينزلوا السوق مع أمي وكل شيء غالي ولم تشتري أمي لهم ملابس إلا بعد ان طلعت عيشتها» حسب تعبير ديني.

الطفلة فطوم جمال تقول:«لي يومين ننزل الى السوق مع أمي وأخوتي».. فطوم تحمد الله فأخيرا حصلت على مبتغاها بنطلون (برموده) بخمسمئة ريال من محل تخفيضات، وعندما سألتها: كم من البدل استريت للعيد؟ قالت:«بسم الله اليوم هذا حصلت اول حاجة» وسألتها: خلاص باقي يومين للعيد، قالت بثقة «وايش في» وسألتها اذا لم تحصلي على ملابس العيد ماذا ستفعلين؟ دون أن تدري صرخت بتلقائية «بجنن بالارض» واضافت بألم:«لن أخرج برع للعيد ما بقدر اخرج وما عندى تياب جديدة فالعيد فرحة واني اشتي افرح اكون زي صاحباتي نخرج مع بعض».

صرخة أم

أم محمد لديها ثلاثة اطفال اكبرهم 12 سنة وأصغرهم 6 سنوات تقول عن الأسعار «الاسعار نار كنا نشتري بعشرة ألف ثلاث أربع بدل الآن لا تكفي حق بدلة او ثنتين فكيف سيكون حال من لديها اكثر من طفل؟

حتى الأحذية اسعارها طلعت فتخيلي ابن ست سنوات اشتريت له حذاء بـ 1500 ريال والكبار بــ 2500 وبدلة تخرج بستة الف ريال .

يقولوا لنا ايش كلفكم على المحلات خذوا من المفرشين فإذا كان المفرش صاحب البسطة يبيع أقل بدلة بـ 1300 ريال ويارتها تنفع». وتضيف «لا نعاني من ارتفاع الاسعار وحسب لكن وقاحة بعض البياعين زادت عن حدها حيث يقول لك عجبك خذي ما عجبك دوري لك محل ثاني ووصل الامر الى ان يعلق اصحاب المحلات ?{?لا فصال في السعر) كشعارات يخرس بها المواطن او شعار آخر البضاعة المباعة لا ترد ولكن تستبدل؟».

وتسأل أم محمد:«طيب فرضنا لو اخذت احسن ما لديهم في المحل ولم تناسب الصغير كيف نسترجع فلوسنا من تلك المحلات التي تستغل احتياج الناس بهذا المناسبة؟».

أم فهمي في العقد السادس من العمر تقول: «الحمد الله ما عندى اطفال، نتمنى من التجار ان يرحموا الفقراء والمكالف والتعابى فأنا مريضة اعاني من الشبكية وعندى ضغط وسكر أتمنى ان يعطوا المكالف العناية والاهتمام ويخفضوا ليس اسعار العلاج فقط بل كافة الاسعار فالاسعار نار وأنا امرأة مكلف ما اشتغل وما معي أحد غير الله».

الاخت ايمان عبدالله تقول «الله يعيننا على ارتفاع الأسعار فارتفاعها غريب فنحن موظفين ولدينا رواتبنا ووجدنا صعوبة في توفير احتياجات اطفالنا فماذا سيعمل من ليس لديهم وظيفة وراتب ثابت نقول الحمد الله على كل حال».

وتلك صرخة أب

الاخ عمر مساعد، مواطن من عدن يقف مع ولديه أمام صاحب بسطة لبيع الأحذية (لديه خمسة أطفال) يقول:«ارتفاع الأسعار جنوني وغير عادى وقد زاد عن حده في هذا العام خاصة فيما يخص ملابس الاولاد عكس العام الماضي فالبدلة للولد الصغير تصل الى 3000 ريال، وفي العام الماضي كنا نأخذ البدلة مابين 700 و800 حق الاطفال عمر سنتين والآن نأخذها بـ 2500 ريال». عمر ابوبكر يوجه صرخة للتجار «اتقوا الله فينا وفي اطفالنا رمضان كريم فاتقوا الله في هذا الشعب» .

هناك مقولة يرددها المواطن «الجيب يحكم» وهذا المقولة أثبتها لنا في هذا الاستطلاع الاخ عبدالحكيم احمد صالح مغترب إذ يقول:«أخذت عباية بقيمة 5500 ريال»، ويقول مبتسماً: «وبعد المساعدة وصلت قيمتها الى 5150 ريال». وعن الغلاء بشكل عام يقول:«تلك مشكلة عالمية يعاني منها الناس في كل بقاع الارض حتى السعودية الاسعار مرتفعة والمشكلة فقط فرق العملة فمثلاً العباية التي أخذتها قيمتها ممكن تكون بـــ 150 ريال سعودي (سبعة الف ريال يمني) وربما هنا الاسعار أفضل» حسب قول المغترب عبدالحكيم.

وتلك صرخة الشباب

رغيد زيد موظف شاب في العقد الثالث من العمر سألته: هل اشتريت ملابس العيد ؟ اجاب «لا فالظروف المادية لا تسمح بشراء ملابس لي يالله همي بمن أعولهم أولادى وزوجتي. أقل سعر للبدلة خرجت بـــ 2000 ريال» ويواصل ضاحكاً «وهذا السعر بعد جهد جهيد أو كما يقول المثل (بعد حبال ورجال) استطعت ان أوفر لهم متطلباتهم».

ويضيف:«ارتفاع الاسعار جريمة بشكل عام وبحق الشباب بشكل خاص ، ففي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة لا ندري على ماذا نركز هل على توفير الاحتياجات الأساسية أم التفكير باللبس الجديد خاصة بالأعياد، مؤكد أن الاسعار تضاعفت أكثر من الضعف، مقابل أن الرواتب مازالت على ما هي عليه فكلما أضيق للراتب ريال ارتفعت الاسعار مئة ريال» ويضيف:«مشكلة الاسعار فاقت حدها وعلى جهات الاختصاص ان تجد لها الحلول» .ويؤكد «صحيح هناك ارتفاع عالمي للاسعار ولكن ليس بهذه الدرجة».

الاخ وجدان شاهر سالم نيس يقول:«ليس لدي عمل لا حكومي ولا خاص» سألته: باقي يومين لرمضان فهل اشتريت ملابس العيد؟ قال:«لا ، من اين وأيش اشل ومحد يعين احد ونتمنى ان يعيننا الرئيس فنحن بلا عمل ولا دخل يعيننا على مواجهة متطلبات الحياة».

وتلك صرخة الفتيات

الاسعار جنونية، هكذا قالتها الاخت كفاح محمد أحمد وهى تؤكد «لبس العباية من الضروريات لنا نحن النساء فماذا نعمل نضطر ان نشتري ربما نشتري عباية 5500 ريال، وربما تكون بسيطة». وعن الاسعار بشكل عام ترددها «أسعار جنونية خيالية ونحن خالص لا نستطيع ان نتواصل للحاجة فماذا سنعمل اذا أخذنا بدلة ولادى بـ4000 ريال».

وللتجار صرخة

اتفق أصحاب المحلات التجارية على ان ارتفاع الاسعار ليس في يدهم بل يأتي من فوق على حد قولهم، وهي تخضع للسوق العالمية والعالم كله يعاني من ارتفاع الاسعار حسب قولهم.

صاحب محل تجاري لبيع الملابس يقول : «نحن لسنا السبب في ارتفاع الاسعار فنحن ايضا نعاني منها فقيمة الحاوية التي كانت 2000 دولار صارت 4000 دولار يعني الضعف الى جانب ارتفاع ايجار المحلات من (80 ألف) الى ( 150 ألف) إضافة الى ان اجرة العامل في المحل زادت من (15 ألف) الى (30 ألف) فكيف نغطي كل هذا الصرفيات نحن لا نرضى بهذا الوضع ولكن هو وضع فرض على الكل».

وعن أسباب ارتفاع أسعار العبايات يقول نشوان سنان علي:«حقيقة اسعارنا غالية تصل قيمة العباية الى (7000) ريال

فقماشنا فاخر نشتريه بسعر غالي ونستورده من كوريا او إندونيسيا ولهذا نبيعه بسعر مرتفع، ورغم هذا لدنيا لكل صنف من الزبائن طلبه فكما يوجد الغالي يوجد السعر المعقول (-2500 3000 ألف) وهو قماش صيني».

ويوضح قائلاً:«ليس القماش فقط ما يحدد السعر لقيمة العباية ولكن الجودة في العمل والموديل المطلوب والتشكيلة المطلوبة على حسب مزاج الزبونة».

أشرف أحمد مصلح صاحب بسطة لبيع الاحذية، يقول :«ارتفاع الاسعار يقال انها عالمية ومجلس الوزراء يقول مش عالمي ولا ندري اذا كان هذا طمع التجار أو لا ، فنحن نطلب الله ونبيع كل قطعة واذا سألناهم عن سبب الزيادة بالسعر عن العام الماضي يقولوا التجار ان الحاوية زادت فيها (3500 دولار) وكل بضاعتنا من الصين واغلب التجار في اليمن يأتون ببضاعتهم من الصين. يقول أشرف:«أعلى سعر عندي 1400 ريال وأقله 800 ريال».

صرخات كثيرة رصدناها من هنا وهناك في أواخر الشهر الفضيل الذي نودعه بدمعة ربما تختلف في مسمياتها ولكنها في الأخير دمعة يذرفها كل منا لكي نستقبل عيد الفطر بفرحة تختلف من شخص لآخر، فما تشهده أسواقنا من ارتفاع جنوني للاسعار التي أخذت في الصعود و عندما اعتلت أعلى درجات السلم لم تستطع النزول فقد غاب الجميع من قربها وتخلوا عن مسؤوليتهم تجاهها، خاصة التجار الذين جعلوها تنفث سمومها وغضبها لتحرق المواطن الغلبان.

وهي صرخة نوجها لكل من يهمهم أمر الناس البسطاء الذين يكتوون بنار الأسعار: المواطن أمانة فحافظوا عليه فهو رأسمال الوطن.. خواتم مباركة وعيد سعيد للجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى