سهرة فنية عيدية تحت شعار (لابد من الخطأ)

> «الأيام» مختار مقطري:

> في أول أيام العيد (الجمعة 10/11) تفضلت علينا القناة الثانية بسهرة فنية (عيدية) لا تختلف كثيراً عن السهرات الفنية التي عودتنا عليها والتي قلت عنها في مقالات سابقة إنها سهرات يتم إعدادها وتنفيذها وفقاً لشعار (الحلو ما يكملش) أو (لابد من الخطأ) أو (سهرة تفوت ولا حد يموت) وغيرها من الشعارات، وكان أبرز ما أشرت إليه في مقالاتي السابقة الفترة القصيرة جداً للإعداد واستبعاد فنانين كبار عن المشاركة وحرص القناة الثانية (الغريب) على أن نرقص في بيوتنا في ساعة متأخرة من الليل نحن فيها بحاجة إلى طرب (رومانسي) هادئ يلامس نفوسنا برقة لا بصعقات (المراويس)، أما قصر فترة الإعداد فلم أعد أجد ما يبررها لأن أسبابها معروفة وقد تحدثت عنها كثيراً ومن الواضح أنه لا يوجد من هو جاد في حلها، ومن هو موجود - وهم قلة قليلة جداً- فإن الهيمنة المركزية (للمؤسسة) بصنعاء تحبط كل الجهود الجادة، فسهرتنا العيدية هذه بدأت بروفاتها الموسيقية يوم الجمعة (10/4 - 23 رمضان) وتم التصوير الثلاثاء 10/8 (أربعة أيام فقط للبروفات) وانتهى التصوير بعد الساعة الخامسة فجراً. فلا غرابة أن تظهر وجوه المطربين والموسيقيين كالحة ومرهقة وأن يؤثر الإرهاق في أدائهم، لكن السهرة قدمت أغنيتين جديدتين لعوض أحمد وإيهاب خليل من كلمات الشاعر عبدالقادر فدعق وتلحين جعفر حسن وعلي سيود، وذلك بفضل الجهود الكبيرة للفنان القدير أنور مصلح قائد الفرقة (العربية) الموسيقية، هذا الفنان المخلص في عمله والمتفاني في حبه للموسيقى والغناء، لكننا للأسف الشديد لم نكرمه حتى الآن ولم نعترف له بأدنى فضل لخبرته ومقدرته الكبيرة في قيادة الفرق الموسيقية الأهلية وفرقة مكتب الثقافة في سهرات التلفزيون والحفلات المركزية في الأعياد الوطنية بمعرفة واسعة بوظيفة كل آلة موسيقية وبملكة عن موهبة وعلم تمكنه من إلقاء القبض على كل نغمة ضالة وإعادتها إلى مكانها الصحيح في الجملة الموسيقية.

عوض أحمد وإيهاب خليل كانا نجمي السهرة، ولكن من المبكر جداً تقييم اللحنين الجديدين لجعفر حسن وعلي سيود من سماع مرة واحدة، إلا أنني شعرت بأن لحن جعفر حسن لأغنية (لو كنت أقدر) التي غناها عوض أحمد باقتدار كان لحناً متكلفاً في بعض أجزائه، كما افتقر إلى النسيج المتجانس للأغنية الذي يوفر لها الوحدة العضوية والجو النفسي العام فبدت مقاطع الأغنية الثلاثة وكأنها ثلاثة مقاطع من ثلاث أغنيات مختلفة (عام 1964 تعرض محمد عبدالوهاب لانتقادات قاسية للسبب نفسه على لحن أغنية أنت عمري) كان آخرها على إيقاع (شرحي) فلم يترجم المعاني الحزنية في القصيدة، ويبقى هذا مجرد شعور انطباعي أول لسماع مرة واحدة.وكان جمال داود قد تولى الإشراف الفني على السهرة، لكن وصف هذا الإشراف بالفني لا يدل على ماهية هذا الإشراف، ربما لأني (عاجز وعلمي دخن) بهذه المصطلحات، فلم أستطع معرفة وتحديد جهود (الإشراف الفني) لجمال داود وأثرها (الإيجابي) في (نجاح) السهرة! إن لم تكن جهوده (الإشرافية الفنيية) محصورة في اختيار الفنانين المشاركين فقط وهو اختيار لم يحالفه كل التوفيق، وأكاد أجزم أن إشراف جمال داود الفني لا علاقة له بالإشراف الموسيقي لوجود أنور مصلح، لكن جمال داود أصر على أن يكون كريماً معنا، فلم يكتف بجهود الإشراف الفني، وهي جهود مضنية دون شك أرهقته وهدت قواه بأعبائها الثقيلة، فأصر على أن يكون أحد الفنانين المشاركين في السهرة (وكله بأجره والدنيا عيد) لا ليغني للزيدي وبامدهف فقط، بل وليذكرنا بما يذكرنا به منذ سنوات طويلة، بأنه التلميذ النجيب للزيدي الذي تولاه الزيدي بالرعاية الفنية الخاصة تقديراً لموهبته المتميزة وصوته الجميل، وهو أمر لا ننكره، ولكن التلميذ لم يستفد من الأستاذ أن الإخلاص للفن وللجمهور يعني الاستمرار في العطاء وتقديم الجديد.

أما نايف عوض فهو على حاله القديم منذ بداية مشواره الفني قبل نحو 20 عاماً.. فنايف يغني لا لنسمعه أو نطرب لغنائه وألحانه، نايف يغني لكي نرقص فقط..وهو يكرر نفسه غالباً ولا يحاول أن يبتكر في التلحين ولا يجيد دائماً اختيار الكلمات التي يغنيها، فهو ذكي يعرف ماذا يريد جمهوره منه، لكن أيهما أهم.. إرضاء الجمهور أم الارتقاء بذائقة الجمهور؟ وذكاء نايف عوض لم يساعده على معرفة الإجابة، ولذلك بقي إلى الآن فنانا شعبياً (ريفياً) تقليدياً، لم يستفد من تجارب فنانين كبار: المرشدي، سبيت، اللحجي، الصنعاني، السمة، العطروش، الميسري، أحمد ناجي.. وغيرهم الذين أسهموا في مجال الأغنية الشعبية التجديدية.. إيقاعاتهاتراثية تقليدية لكن ألجامها مبتكرة ومغانيها جميلة وجديدة، وبإمكان نائف عوض أن يكون فنلناً شعبياً (ريفياً) وفناناً شعبياً تجديدياً اذا حرص على إرضاء جمهوره وإرضاء الفن معاً.

أما حامد البار فمن السابق لأوانه تقييمه فنياً، هذا في حين أثر قصر فترة إعداد السهرة في أداء المذيعة ومقدمة البرامج المتألقة جميلة جميل فتحولت في السهرة إلى (مذيعة ربط)، وأبوبكر شاهر كان في السهرة أبوبكر شاهر الذي كان والذي سيكون.. ولا أحد يطالبه بأكثر من ذلك سوى ألا يقسم بالتوراة والإنجيل مرة أخرى كما حدث في سهرة سابقة في القناة الثانية. وإذا كان الرقص في سهرات القناة الثانية قدراً مقدراً علينا، فلا أملك سوى لفت انتباه الراقصين والراقصات الذين شاركوا في السهرة أن هناك فرقاً بين الرقص الشعبي والجري السريع، فهم يرقصون في سهرة تلفزيونية وليس في (محف)، وإلى الراقصات تحديداً دون استثناء الراقصين أن رشاشة الجسد وعدم تجاوز السن المسموح به من شروط نجاح الرقص الشعبي في التلفزيون وعلى خشبة المسرح، فرشاقة الجسد واللياقة البدنية ضروريان لإجادة الرقص الشعبي التعبيري.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى