العيد في لحج ..متنفسات أصبحت أطلالاً وأطفال يحتضنون الأوهام

> «الايام» هشام عطيري:

>
أكوام من الأطفال يركبون الأخطار في محيط ضيق في الحارات
أكوام من الأطفال يركبون الأخطار في محيط ضيق في الحارات
لا شك أن العيد يحمل دلالات ومعاني كثيرة عند الناس أهمها التسامح والابتعاد عن كل ما يعكر الصفو أو المزاج لكن تظل دلالة العيد ذات قيمة أكبر عند الأطفال أحباب الله إذ يستبشرون بقدومه كثيرا، وتظل العائلات تبحث عن كل ما يسر أبنائها خلال هذه الايام المباركة.

لكن للعيد في لحج بعض المنغصات التي تعكر صفو هذه الفرحة عند العائلات والأطفال بالذات، وكلما أقبل العيد في لحج أطلت قضية المتنفسات الغائبة برأسها من جديد، فقد تحولت إلى كابوس أمام تطلعات هذه العائلات وأطفالهم لقضاء أيام العيد في اماكن تليق بالمناسبة.

«الايام» مجددا تبحث هذه القضية من خلال نزولها الميداني خلال أيام العيد والتقائها بالعديد من الأسر والأطفال لمشاركتهم هذه الفرحة الناقصة .. فتابعوا الاستطلاع التالي:

متنفسات أصبحت أطلالاً

إن لحج تتكئ على تراث ثقافي وحضاري وزراعي يضرب بجذوره في الاعماق، الامر الذي جعلها حتى وقت قريب مضرب الأمثال في كل ما هو جميل وساحر، وإذا اردنا أن نجسد ما طرحناه فيكفي للدلالة أن نجد موقعين ظلا حتى وقت قريب قبلة للزائرين وإلهاما للشعراء ونقصد بذلك متنزه الحسيني ومتنفس العرائس، لكن الناظر في هذه الايام إلى هذين الموقعين تتملكه الحسرة والألم وهو يشاهدهما في طريقهما إلى أن يصبحا أثراً بعد عين من جراء الإهمال الذي لحق بهما على مدى الأعوام الاخيرة وصمت الجهات المختصة حيال هذا الأمر، بينما يفتقر أبناء المدينة إلى أي متنفس آخر يجمعهم كما في المحافظات الاخرى.

مساحة لإقامة متنفس أصبحت مكباً للقمامة
مساحة لإقامة متنفس أصبحت مكباً للقمامة
الاستثمارات المرفوضة

يبدو أن السلطة المحلية في لحج ومديرياتها لديها مفهوم خاص بها عن الاستثمار، فالملاحظ أن كل الاستثمارات في المحافظة تصب في خانة واحدة لا تهم المجتمع وإنما الغرض منها تحقيق المنافع الذاتية للمستثمرين ومن وراءهم، بينما الاستثمارات الحقيقية التي يطالب بها الناس وتدخل في صميم حاجاتهم ليس لها وجود، ومن هذه الاستثمارات في مجال المتنفسات والمتنزهات التي نجدها منتشرة في محافظات كثيرة، بينما أبناء لحج يفتقرون إليها وكأنها محرمة عليهم.

وإذا كانت السلطة عاجزة عن إنشاء متنفسات في المحافظة فلماذا لا تشجع رجال المال على الاستثمار في هذا الجانب، بل إن المعلومات تؤكد أن البعض من الذين كانت لهم نية للاستثمار في هذا المجال جوبهوا بعدة عراقيل أعاقتهم عن تنفيذ استثماراتهم ولا نعلم سببا وجيها يحرم أبناء المدينة من هذه الاستثمارات التي تعود عليهم بالنفع في إطار حياتهم العامة.

> أول لقاءاتنا كانت في حارة الجامع مع الشيخ حسن الخطيب، الذي ما إن رآنا حتى أشار إلينا بالاقتراب منه، وبعد تبادل التهاني بالعيد قال: «كما ترون فإننا في حوطة لحج لا نملك أي متنفس أو مكان نذهب إليه مع أطفالنا أيام الاعياد والمناسبات ولا نملك غير هذه المساحات المتواضعة التي يتكوم فيها العشرات من الأطفال يمارسون اللعب على مراجيح قديمة وغير آمنة، وقد سمعنا منذ بداية التسعينات أن المحافظة قد هيأت المساجد الموجودة خلف محطة البترول القديمة ومنازل آل باشادي لإقامة متنفس لأبناء الحوطة، لكن منذ ذلك الحين لم نجد أي تجسيد لهذه الفكرة على أرض الواقع الأمر الذي جعل هذه المساحة حاليا تصبح مكباً للقمامة».

> في الاتجاه الشمالي من الشارع الرئيس لمحت الأخ خالد حسن علي ومعه عدد من أطفاله، وسألته عن وجهته بصحبة الأطفال فأكد لي أنه ذاهب بهم إلى محل للتصوير ومن ثم سيعيدهم إلى المنزل، وعندما قلت له لماذا لا تذهب بهم للتنزه بدأت ملامح وجهه في التغير فقال: «إلى أين أذهب بهم لا يوجد في الحوطة أو خارجها أي مكان يمكن أن يذهب إليه هؤلاء الأطفال، ولهذا أنا مضطر إلى إعادتهم إلى المنزل».

> بعد أن مشيت في الشارع الرئيس وعندما اقتربت من حارة مساوى، وبالقرب من منزلهم وجدت ثلاثة من الأطفال يلبسون ملابس العيد الجديدة، اقتربت منهم وسألتهم عن أسمائهم، فأجابوا: إسراء وأفنان جميل، وابن عمهما حسين مدين حسين.. فسألتهم: لماذا أنتم هنا ولا تذهبون للتنزه؟ فقالوا: لا يوجد في لحج ملاهٍ نذهب إليها، ولهذا قال لنا آباؤنا العبوا أمام المنزل، ونحن نريد أن يعملوا لنا ملاهي كالتي في عدن.

متنزه الحسيني هل يصبح أثرا بعد عين؟
متنزه الحسيني هل يصبح أثرا بعد عين؟
> أثناء تجوالي في حارات الحوطة لأخذ انطباعات الأسر في حارة النخارة سألت الوالدة أم يوسف عن كيفية قضاء العيد فقالت: «نقضي العيد في بيوتنا ولا نملك غير التزاور فيما بيننا، وليس لنا أي مكان نذهب اليه وحتى قبل 15 عاما كنا نذهب إلى متنزه الحسيني وكنا نجد الكثير من الأسر من لحج وعدن ونقضي أوقاتا ممتعة، ولكن قالوا لنا إن متنزه الحسيني مغلق ولم يعد يستقبل أحدا فاضطررنا إلى البقاء في بيوتنا».

> في الاتجاه الغربي من مدينة الحوطة وبالقرب من مكتب المالية بلحج التقيت الاخ رشيد محسن وبصحبته عدد كبير من أفراد أسرته على متن حافلة، وعندما سألته عن قبلته اجاب: «كما ترى الآن فإنني متجه بصحبة أسرتي إلى محافظة تعز للتنزه وهذه أصبحت عادة بالنسبة لنا في كل عيد بسبب غياب المتنفسات في محافظة لحج وعدم اهتمام السلطة بهذا الأمر رغم المطالبات المتكررة لأبناء المحافظة في هذا الجانب، ونسمع بين الحين والآخر أن المجلس المحلي سيقوم بعمل متنفسات في المحافظة سواء في الحوطة أو في جلاجل، ولكن لم يحدث شيء من هذا القبيل».

> أمام محطة الباصات وجدت الأخت (ت.س.م) تبحث عن حافلة، وعندما سألتها عن العيد وكيف تقضيه أجابت «إنني أبحث الآن عن باص ليقلني وعدد كبير من زميلاتي إلى محافظة عدن لنذهب في رحلة نقضي فيها أوقاتا في عدد من المتنفسات تضمنا في الأعياد والمناسبات، وفرصة سعيدة أن نتحدث إلى «الايام» التي نشكرها على تسليطها الضوء على هذه القضية المهمة في حياة أبناء المحافظة ونأمل من المسؤولين في المحافظة أن يفوا بوعودهم المتكررة حول إنجاز بعض المتنفسات لأبناء المحافظة».

آثار التخريب بادية في متنزه الحسيني
آثار التخريب بادية في متنزه الحسيني
الخاتمة

هذه جملة من التساؤلات المشروعة التي طرحها عدد من أبناء مدينة الحوطة بلحج وقمنا بنقلها بكل شفافية ووضوح، وهذه هي المرة الثانية التي نتصدى فيها لأهم قضية تواجه الناس أيام الأعياد والمناسبات، ونحسب أننا أدينا ما علينا في نقل هذه القضية إلى الجهات المختصة التي نأمل منها أن تستوعب قضايا الناس الحقيقة في المحافظة وتجعلها في أولويات عملها ولا نريد أن تأتي الأعياد والمناسبات القادمة والناس لا يزالون يبحثون عن متنفسات خارج إطار مدينتهم ومحافظتهم التي كانت حتى وقت قريب قبلة الزائرين من كل اتجاه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى