أنقذوا معهد الفنون الجميلة من الفيد!

> «الأيام» محمد فارع الشيباني:

> إن أحد مظاهر المجتمع المدني هو ازدهار الفنون الجميلة فيه من غناء وموسيقى ورسم وخلافه، لأن الفنون الجميلة عادة لا تظهر في مجتمع البداوة أو في المجتمعات القبلية، وأصدق تعبير لذلك هو المثل القبلي الذي يقول «ابن السوق عرفه معطاره وابن الناس عرفه بارود»، والمثل لا يحتاج إلى تعليق.. وعدن كمجتمع مدني منذ آلاف السنين فقد عرفت الفن بمختلف مشاربه منذ مدة طويلة، وازدهرت هذه الفنون فترة ما قبل الاستقلال الوطني 30 من نوفمبر، واعترافا من الدولة بقيمة الفنون الجميلة أنشأت معهد الفنون الجميلة ومعهد الرقص الشعبي بعد الاستقلال، وفعلاً ازدهرت الفنون وظهرت البدايات الأولى لإنشاء سينما وطنية وتم جمع التراث الغنائي الشعبي، وهنا أريد أن أذكر أنه كان ارشيف وزارة الثقافة بالتواهي يضم حوالي عشرة آلاف أسطوانة قديمة لفنانين مثل: العنتري وعمر غابة والماس وغيرهم كثيرون ولكنها اختفت وكسرت بعد حرب 1994م.والآن تجرى محاولة جديدة بالاستيلاء على مبنى معهد الفنون الجميلة في كريتر، وأقول جديده لأنه قد جرت محاولة أولى للاستيلاء عليه من الجامعة.. تصوروا .. والتي مفروض أن تكون مركزاً للإشعاع الفكري والفني، وبعد أن فشلت المحاولة الأولى عادت إدارة جامعة عدن الآن تحاول الاستيلاء على مبنى معهد الفنون الجميلة وبنفس الحجة السابقة (تحويله إلى مقر لكلية الاقتصاد التابعة للجامعة)، وكأن الجامعة قد ضاقت بها السبل فلم تجد مستقراً لكلية الاقتصاد إلا في مقر معهد الفنون، وكأن مباني الجامعة قد ضاقت بالكليات التي فيها مع أن مبنى الإدارة العامة للجامعة وحده يتسع لأكثر من كلية والأراضي المحيطة به تكفي لبناء مقرات لأكثر من كلية، ومن المؤسف والمؤلم أن هناك أشخاصا من ضعاف النفوس من داخل معهد الفنون يتعاونون مع إدارة الجامعة مقابل مصالح شخصية يحصلون عليها لتسليم المعهد للجامعة، ومع الأسف أيضاً أن هؤلاء محسوبون على الفن.إن الكثيرين قد لا يعرفون أنه منذ إنشاء المعهد اعترفت الدولة ممثلة بوزارة العمل والخدمة المدنية بالشهادة التي يصدرها المعهد ويتم توظيف طلابها مباشرة بعد التخرج كل في مجال الفن الذي تخصص به، كما أن هناك في مقر المعهد سكنا داخليا للطلاب الذين كانوا يدرسون فيه وهم من خارج عدن مثل لحج وأبين وشبوة وحضرموت.

فإذن ما هو السر في المحاولات التي تجرى للاستيلاء على مقر الفنون الجميلة؟ السر في كلمة واحدة (الارض)، أو كما أصبح يطلق عليها الآن (البقع).. السر أن داخل سور المعهد بعد المباني أرضية كبيرة جداً أكبر من ميدان كرة القدم، وقد سبق لجمعية خيرية الاستيلاء على جزء منها، ورغم ذلك فإن الأرضية الباقية يسيل لها لعاب كل (متفيد) أو كما يطلق عليه الآن (متنفذ)، وهذه الأرض داخل سور المعهد تكاد تكون الأرضية الوحيدة الفاضية في منطقة كريتر.

وأخيراً من أجل الفن ومن أجل فنانينا ومن أجل الفنان جميل غانم، رحمه الله، الذي كرس حياته من أجل الفن، والذي يحمل المعهد اسمه .. علينا جميعا أن نرفض إغلاق المعهد وتشريد طلبته وأساتذته والعاملين فيه مهما كانت الأعذار.. وعلى وزير الثقافة الذي يتبعه المعهد منع حصول ذلك. اللهم ارحم عدن، آمين يا رب العالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى