في مخيم عين الحلوة تطرز الفلسطينيات الازياء برسوم وطنهن السليب

> بيروت «الأيام» لمياء راضي :

>
في مخيم عين الحلوة للاجئين في جنوب لبنان تنصرف نساء فلسطينيات الى تطريز الازياء برسومات ترمز لمدنهن حفاظا على تراث وطنهن السليب: فالصليب يرمز لبيت لحم والنخلة لرام الله والحجاب لقطاع غزة.

تنهمك وفاء طه، 47 عاما، في تطريز غرزة الصليب بخيوط حمراء على قطعة قماش سوداء لتحولها الى ثوب فلسطيني تقليدي.

وتقول وفاء التي غطت جسدها الممتلىء بثياب سوداء اللون "لكل مدينة فلسطينية الوانها ورسومها الخاصة" مشيرة الى "ان الاقمشة الغنية بالالوان هي لازياء نابلس مثلا فيما يميز الثوب الابيض بلدة رام الله".

وتخصص الاثواب الحمراء للنساء المتزوجات اما الازياء الزرقاء والخضراء فهي للعازبات.

وتضيف وفاء "ثمة الالاف من الرسوم الفلسطينية" من اشهرها "القمر الغريب، عين البقرة، سن العجوز، نفناف الذي يرمز بيضاه في الاصل لاشجار الليمون في فلسطين".

وتؤكد جميلة الاشقر، 47 عاما، زميلة وفاء "ضرورة الحفاظ على هذا الفن وهذا الغنى".

ولدت وفاء في مخيم عين الحلوة في ضواحي صيدا، كبرى مدن جنوب لبنان الذي انتقل اليه اهلها في اعقاب "النكبة" التي حلت بفلسطين عام 1948 مع الاحتلال الاسرائيلي.

مخيم عين الحلوة هو اكبر مخيمات لبنان الاثنى عشر ويشبه الضواحي الفقيرة للمدن.

ويتكدس نحو 80 الف لاجىء في هذا المخيم الذي تبلغ مساحته نصف كلم مربع. وفي ازقته الضيقة توجد الكثير من المحلات التجارية التي تتضمن اسماؤها دلالة واضحة ومنها "العودة" و"القدس" و"يافا".

وتروي وفاء ان امها من بلدة الناصرة وانها "بدات في السابعة من عمرها، كما تقتضي التقاليد، تعلم فن التطريز في دير الراهبات الكاثوليكيات". وتقول "بعد الهجرة امتهنت امي التطريز لكسب قوتها".

وتضيف "عندما بلغت السابعة من عمري بدات امي تعلمني هذا الفن الذي علمته بدوري الى بناتي الثلاث. كما علمت ولدي ان يسحب خيطان قطعة الشبك بخفة ودقة بعد انتهاء التطريز".

وتقول جميلة "في الماضي كانت النساء تبدأ منذ الطفولة في تطريز جهاز العرس وكذلك تفعل الاجيال الجديدة".

التحقت وفاء مثل جميلة بمشغل المعرض الدائم للفولكلور الفلسطيني الذي انشأ عام 1985 ويستخدم 25 امرأة.

وتقول علياء عبد الله مسؤولة المشغل "هدف المركز الحفاظ على التراث الفلسطيني لان شعبا بدون تراث هو شعب لا وجود له".

وتوضح علياء انه ورغم ان الزي الفلسطيني " لم يعد ثوبا ترتديه النساء يوميا في وقتنا الحاضر فان الاجانب او الفلسطينيين في الشتات يقبلون اقبالا كبيرا عليه".

وتقول "على المستوى الانساني تستفيد من المركز العائلات المحتاجة".

وتوضح وفاء انها "تقبض اجرة عملها على القطعة" وتقول "اعمل ليلا نهارا لاكسب مئة دولار في الشهر".

وتوضح جميلة ان "انجاز الثوب يتطلب ثلاثة اشهر من العمل" وان سعره "يتراوح بين 200 دولار والاف الدولارات بحسب نوعية القماش والخيوط وبحسب دقة التطريز ومساحته". وتقول "الاغلى سعرا يكون مصنوعا من قماش حريري ومطرز بخيوط الحرير".

لكن تشديد اجراءات دخول الاجانب الى المخيم مؤخرا حالت دون شراء زبائن الخليج والاجانب هذه الازياء.

وقد فرضت الاجراءات الجديدة الصارمة في سياق المعارك الدامية التي دارت لاكثر من ثلاثة اشهر بين الجيش اللبناني ومجموعة اصولية اسلامية تحصنت في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان.

وتقول علياء "انخفضت المبيعات بسبب قلة الاقبال. يضاف الى ذلك الضرر الذي لحق بنا من ارتفاع سعر اليورو فنحن نشتري المواد الاولية بالعملة الاوروبية ونبيع بالدولار".
. وتضيف "رغم ذلك نثابر على انتاجنا حفاظا على تقاليدنا".

وتضع وفاء قطعة من الشبك الرفيع الابيض على قماش الثوب لتطرز بعناية الرسم المطلوب,وبعد انتهائها تسحب خيوط الشبك خيطا خيطا لتحافظ على جودة الغرز "والا فان عمل اسبوع بكامله يضيع".

وتقول وفاء "انه عمل يتطلب الكثير من الصبر لكن الفلسطينيات لديهن مخزونا كبيرا منه فها نحن ما زلنا ننتظر منذ ستين عاما العودة الى فلسطين". (أ.ف.ب)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى